الصين تفوقت في سباق السيطرة على المعادن النادرة والولايات المتحدة وأوروبا تحاولان اللحاق بها

لماذا اشتعلت حرب المعادن الأساسية في العالم؟

عملية استخراج خام الليثيوم - المصدر: بلومبرغ
عملية استخراج خام الليثيوم - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

طوّرت شركات النفط شبكة صناعية عملاقة لاستخراج وتكرير وتسليم منتجاتها للعملاء حول العالم على مدى أكثر من قرن. والآن تواجه عملية الحصول على إمدادت المواد الخام اللازمة لبناء اقتصاد بديل أقل كثافة للكربون مجموعة من التحديات الجديدة.

بالفعل نجحت الصين في التصدي لهذه المشكلات بنجاح لأكثر من عقد، مما جعلها رائدة بلا منازع في المعادن الأساسية المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وتوربينات الرياح الممغنطة. وإذا أرادت الولايات المتحدة وأوروبا التصدي للهيمنة الصينية على مثل هذه التقنيات النظيفة، فعليهما اللحاق بالركب بسرعة.

1) ما أهمية المعادن الأساسية؟

لطالما سعت الدول إلى حماية إمدادات المواد الخام التي تعتبرها حيوية لتأمين قدراتها الصناعية والعسكرية. ويستوفي نحو 50 عنصراً معدنياً ومعدناً هذه المعايير حالياً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقع الاختيار على معظم هذه المعادن نظراً لدورها في تشييد البنية التحتية اللازمة لتقليل انبعاثات الكربون، والتي يُلقى عليها باللوم في تغير المناخ، وهو قطاع يتلقى دعماً بمئات المليارات من الدولارات في شكل إعانات وإعفاءات ضريبية. وهذه المواد الخام تشمل:

  • الليثيوم والجرافيت والكوبالت والنيكل والمنغنيز، والتي تستخدم في الغالب في بطاريات السيارات الكهربائية.
  • السيليكون والقصدير، ويستخدمان في المركبات الكهربائية والشبكات الذكية وعدادات الطاقة والإلكترونيات الأخرى.
  • العناصر الأرضية النادرة، مثل المغناطيس اللازم لتوربينات الرياح والمركبات الكهربائية.
  • النحاس، الذي يُستعمل في الشبكات، ومزارع الرياح، والمركبات الكهربائية.

2) لماذا يشكل توفير الإمدادات تحدياً؟

رغم إمكانية العثور على العديد من المعادن الأساسية في حالة خام بكميات كبيرة حول العالم، إلا أن استخراجها وتكريرها لتوفيرها في شكل قابل للاستخدام يمكن أن يكون مكلفاً وصعباً تقنياً ومستهلكاً كبيراً للطاقة وملوثاً للبيئة. تهيمن الصين على سلسلة القيمة بأكملها في العديد من هذه المنتجات، حيث تمثل أكثر من نصف إنتاج العالم من معادن البطاريات بما في ذلك الليثيوم والكوبالت والمنغنيز، وما يصل إلى 100% من العناصر الأرضية النادرة.

حتى في المعادن الأقل ندرة مثل النحاس، أدت التنبؤات بنمو الطلب بشكل هائل إلى إدراك أنه قد لا يكون هناك ما يكفي لمواكبة الطلب. وفي 2023، صنف الاتحاد الأوروبي النحاس والنيكل باعتبارها "مواد خام أساسية" لأول مرة، على الرغم من وجود الكثير من الدول المنتجة للمعدنين والصديقة للاتحاد في جميع أنحاء العالم. كما يضغط أعضاء مجلس الشيوخ على الإدارة الأميركية لفعل الشيء نفسه بالنسبة للنحاس.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

3) لماذا يمثل الاعتماد على الصين أزمة للدول الغربية؟

الاعتماد المفرط على الإمدادات من أي بلد بمفرده هو أمر يحاول المصنعون تجنبه لأنه يتركهم عرضة للمخاطر عندما يتعطل الإنتاج الصناعي في ذلك البلد، وقد يظهر ذلك بسبب مشكلات مثل أزمات الطاقة أو الأوبئة أو الاضطرابات الاجتماعية. وفي حالة الصين بالذات، هناك أيضاً مشكلة العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة التي يجب وضعها في عين الاعتبار، حيث تنذر التوترات بإمكانية التحول إلى حرب تجارية شاملة تنطوي على تعريفات جمركية عقابية أو قيود على الصادرات. وفيما يلي بعض الأمثلة السابقة على ذلك:

  • في 2010 منعت الصين مبيعات المعادن الأرضية النادرة إلى اليابان بعد نزاع حول ملكية مجموعة من الجزر في بحر الصين الشرقي. وهزت هذه الخطوة قطاع الإلكترونيات في اليابان، وهددت بقطع الإمدادات العالمية من المغناطيسات عالية الطاقة المنتجة في اليابان، التي تستخدم العناصر الأرضية النادرة من الصين.
  • اضطرت المراكز الصناعية والشبكات اللوجستية في الصين إلى التوقف عن العمل في المراحل الأولى من جائحة فيروس كورونا، مما عرض الإمدادات العالمية للعديد من السلع الصناعية للخطر ودفع أسعارها للارتفاع.
  • أدت القيود المفروضة على الطاقة إلى خفض الإنتاج الصيني للسيليكون، مما نتج عنه ارتفاع أسعار المعدن المخلوط بنسبة 300% في أقل من شهرين خلال 2021 وتسبب في حدوث اضطراب للمشترين في قطاعات تشمل صناعة السيارات والمواد الكيميائية.

4) كيف هيمنت الصين على هذا القطاع؟

ظل تفوق الصين لعدة عقود في طور التكوين. وفي وقت مبكر من 1992، سلط الزعيم الصيني السابق دنغ شياو بينغ الضوء على قدرة بلاده على قيادة العالم في قطاع المعادن الأساسية، قائلاً: "الشرق الأوسط لديه النفط، أما الصين فلديها تربة نادرة". مع تسارع نمو البلاد الاقتصادي، بدأ الطلب المحلي على السلع الصناعية يفوق الاحتياطيات المحلية بكثير. ونتيجة لذلك؛ قادت الصين استثمارات ضخمة في أصول التعدين في الخارج، وهيمنت تدريجياً على تكرير ومعالجة كل سلعة صناعية أساسية تقريباً، بالإضافة إلى مجموعة من المعادن الثانوية غير الشائعة مثل التيلوريوم والغاليوم والغرمانيوم، التي تدخل في تصنيع منتجات مثل الألواح الشمسية والليزر، ونظارات الرؤية الليلية، وشرائح الكمبيوتر.

أصبحت الصين حالياً المنتج الأول عالمياً لـ20 مادة خام أساسية، ويُقاس تفوقها من خلال حصتها من الإنتاج العالمي المُستخرج أو المكرر. ففي حالة عنصر الديسبروسيوم الأرضي النادر على سبيل المثال، باتت الصين مسؤولة عن 84% من المعروض من المناجم، و100% من الإنتاج المكرر، وفقاً لتحليل من الاتحاد الأوروبي.

رغم أنها تُعدن كميات صغيرة فقط من الكوبالت والنيكل، لكنها تُعتبر إلى حد بعيد أكبر مُنتجة للأشكال المكررة من المعدنين، وتستثمر الشركات الصينية بكثافة في مناجم الكوبالت والنيكل في دول مثل الكونغو وإندونيسيا.

5) ما رد فعل المنافسين الاقتصاديين للصين على ذلك؟

يهدف قانون الحد من التضخم الذي أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن في 2022 إلى مساعدة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها المناخية من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، والحد من أسعار المواد الخام اللازمة لعملية الانتقال الأخضر، وتقليص الاعتماد على موردين خارجيين غير موثوقين أو ذو اتجاهات معادية للولايات المتحدة.

كما يهدف قانون المواد الخام الأساسية الصادر عن الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي إلى تسهيل التمويل وتشجيع مشروعات التعدين والتكرير الجديدة، مع إبرام التحالفات التجارية لتقليل اعتماد الكتلة على الموردين الصينيين.

في السياق نفسه، تعمل واشنطن على إبرام اتفاقيات تجارية حتى لا تؤدي حوافزها لتعزيز الإنتاج المحلي إلى إبعاد الموردين من الدول الصديقة في الاتحاد الأوروبي واليابان عن السوق الأميركية. كما تتطلع الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً إلى إنشاء "نادي مشترين" يركز على إبرام صفقات التوريد والشراكات الاستثمارية مع الدول المنتجة. وفي اجتماع لمجموعة الدول السبع في أبريل، اتفق الوزراء على تخصيص 13 مليار دولار لتمويل مشروعات التعدين الجديدة، وتخطط ألمانيا لإنشاء صندوق مماثل بقيمة ملياري يورو.

6) هل يمكن أن تنجح تلك المساعي؟

تسارع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتعزيز قدرات التكرير الخاصة بهما في ظل تقييد الصين ودول أخرى ذات اقتصادات سريعة النمو لصادرات المواد الخام الصناعية بشكل متزايد. لكن السيطرة على إمدادات المواد الخام المستخرجة من مناجم خارجية يشكل تحدياً أكبر. ففي الكونغو، على سبيل المثال، وقعت الولايات المتحدة اتفاقية أولية لمساعدة الدولة على تطوير سلسلة توريد المعادن للسيارات الكهربائية.

مع ذلك، فإن أكثر من نصف مناجم الكوبالت في البلاد مملوكة بالفعل أو تسيطر عليها الشركات الصينية. كما أن دان غيرتلر، وهو ملياردير إسرائيلي خاضع لمجموعة من العقوبات لديه نفوذ على المناجم الأخرى واسعة النطاق التي لا تسيطر عليها الصين. وتضغط الحكومة الكونغولية لرفع العقوبات الأميركية عن غيرتلر، لكن القيام بذلك من شأنه أن يعرض إدارة بايدن لاتهامات بازدواجية المعايير.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

7) كيف تتصدى الصين للجهود الأميركية؟

تبدو الشركات الصينية وكأنها مستعدة لتعزيز سيطرتها على المعادن الأساسية مثل النيكل والكوبالت، حتى قبل إصدار أوامر مباشرة من إدارة بكين بذلك. على سبيل المثال، وفي حالة الليثيوم، تعمل الصين على تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية التي من المتوقع أن تكون من بين أكبر منتجي المعدن في العالم بحلول نهاية العقد الحالي، وذلك في الوقت نفسه الذي تعزز فيه الولايات المتحدة شبكات التوريد مع شركائها في اتفاقية التجارة الحرة مثل كندا وأستراليا. أما بالنسبة للمعادن الأرضية النادرة، فهناك إشارات على أن الصين قد تسعى إلى إحباط جهود الغرب في تعزيز القدرات الجديدة لتعدين ومعالجة هذه المعادن من خلال تقييد صادرات التكنولوجيا والمعدات الرئيسية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
NAMEالمؤشرVALUEقراءة المؤشرNET CHANGEالتغيرCHANGE %نسبة التغير1 MONTHشهر1 YEARسنةTIME (GMT)الوقت2 DAYيومان
JBO1:COMالفولاذ375.00-2.93-0.78%-2.85%-0.53%2024-11-01الفولاذ
LN1:COMالنيكل15,737.09+229.45+1.48%-10.05%-11.66%2024-11-01النيكل
LCO1:COMكوبالت24,300.000.000.00%+0.28%-26.49%2024-11-01كوبالت
LA1:COMألمنيوم2,579.40-21.78-0.84%-2.70%+15.89%2024-11-01ألمنيوم
HG1:COMنحاس (Comex)437.15+3.15+0.73%-4.74%+19.80%2024-11-01نحاس (Comex)
تصنيفات

قصص قد تهمك