واصل نشاط القطاع الخاص في مصر تراجعه خلال شهر مارس الماضي متأثراً بضغوط التضخم والتحديات التي يواجهها القطاع غير النفطي لتوفير مستلزمات الإنتاج الواردة من الخارج في ضوء شح السيولة الأجنبية في البلاد.
بحسب بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادرة اليوم الثلاثاء عن "إس آند بي غلوبال"، استمر القطاع الخاص غير النفطي في تسجيل تقلصات حادة في النشاط والطلبات الجديدة مع استمرار ضعف معدلات الطلب، وأدى تقلب سعر الصرف إلى تفاقم الزيادات الحادة في التكاليف وأسعار الإنتاج، في حين ظلت توقعات الإنتاج المستقبلي من بين أضعف التوقعات المسجلة على الإطلاق.
سجل المؤشر تراجعاً طفيفاً مع استمراره في منطقة الانكماش بوصوله إلى مستوى 46.7 نقطة في مارس مقابل 46.9 نقطة في الشهر السابق.
تشير القراءة فوق مستوى 50 إلى التوسع، بينما تشير القراءة دون هذا المستوى إلى الانكماش.
أشارت الدراسة إلى انخفاض مستويات الإنتاج بمعدل ملحوظ في ظل الصعوبات المستمرة في الحصول على مستلزمات الإنتاج الرئيسية بسبب قيود الاستيراد والقيود المفروضة على العملة. ومع ذلك، انخفض معدل انكماش الإنتاج بشكل طفيف وسجل أضعف مستوى في خمسة أشهر.
انعكست الصورة السلبية العامة للقطاع الخاص غير المنتج للنفط على الرؤية المستقبلة، حيث أبدت الشركات القليل من التفاؤل بشأن المستقبل. وعلى الرغم من ارتفاع توقعات النشاط للعام المقبل إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر، إلا أنها ظلت ضمن أضعف المعدلات منذ بدء تغطية البيانات في أوائل عام 2012. وفي هذا السياق، خفضت الشركات أعداد موظفيها للشهر الرابع على التوالي، وغالباً ما تركت الوظائف شاغرة بسبب نقص الأعمال الجديدة بحسب الدراسة الصادرة عن "إس آند بي غلوبال".
السياسة النقدية
يواجه القطاع الخاص في مصر تكلفة تمويل مرتفعة تحد من قدرته على التوسع، فمع استمرار معدلات التضخم المرتفعة أضطر البنك المركزي المصري إلى رفع معدلات الفائدة 200 نقطة أساس، في ثاني اجتماعات لجنة السياسة النقدية خلال 2023، والذي عُقد الخميس الماضي. ليصبح معدل الفائدة على الودائع لليلة واحدة، وعلى الإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية، عند مستويات 18.25%، و19.25%، و18.75% على التوالي.
ورغم ذلك ومع هذا القرار الأخير للبنك المركزي، فإن سعر الفائدة الحقيقي -أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم- بات يبلغ اليوم سالب 13.65% وفقاً لآخر بيانات أشارت إلى تجاوز معدل التضخم في مصر 31%.
خفضت مصر سعر عملتها 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، مما دفع سعر الجنيه المصري للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% خلال الربع الأول من 2023.