خفض اقتصاديون توقعاتهم لعجز ميزان المعاملات الجارية في الهند، وذلك بفضل الاتجاهات التجارية المواتية التي تنعش الروبية- وهي حالياً من بين أسوأ العملاء أداء في أسواق آسيا الناشئة.
توقع بنك "باركليز" أن يصل العجز في ميزان المعاملات الجارية- وهو أوسع مقياس للتجارة في السلع والخدمات- إلى 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الذي يبدأ في الأول من أبريل، انخفاضاً من 2.3% الذي قدره البنك سابقاً. أما "سيتي غروب" فقلص توقعه إلى 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ2.2% سابقاً، ما يعكس انخفاضاً مطرداً في واردات السلع وقوة صادرات الخدمات.
تراجع العجز يوفر قوة دافعة للروبية
سيوفر تراجع العجز قوة دافعة للروبية، وهي عرضة لعمليات البيع الموسعة، نظراً للعجز المزدوج في ميزانية الدولة وميزان معاملاتها الجارية ما يجعلها أكثر اعتماداً على التدفقات الأجنبية. سيؤدي تضييق العجز أيضاً إلى تخفيف الضغط عن البنك المركزي لبيع العملات الأجنبية من احتياطياته لتحقيق الاستقرار في العملة وكبح التضخم المستورد.
قال أشيش أغراوال، رئيس قسم الصرف الأجنبي واستراتيجيات الاقتصاد الكلي للأسواق الناشئة في "باركليز" في سنغافورة: "شعرنا بالتشجيع في ضوء استمرار تراجع العجز التجاري، وأن صادرات الخدمات لا تزال قوية. وذلك لأن انخفاض عجز المعاملات الجارية يقلل من الاعتماد على تدفقات التمويل ومبيعات بنك الاحتياطي الهندي للدولار على الهامش".
يعد هذا أمراً إيجابياً جديداً يصب في صالح الروبية، التي حققت مع نظيراتها الآسيوية مكاسب مقابل الدولار بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بوتيرة أقل من المتوقع.
%40 نمو صادرات الخدمات الهندية
ما يبدو أنه فاجأ الاقتصاديين هو بيانات صادرات الخدمات القوية. كان فائض تجارة الخدمات قوياً عند 14.6 مليار دولار في فبراير، بناءً على الفائض المعدل في يناير البالغ 13.8 مليار دولار. بلغت صادرات الخدمات قرابة 30 مليار دولار في كل من يناير وفبراير، بزيادة 40% تقريباً على أساس سنوي.
يعزو بنك "إتش إس بي سي هولدينجز" جزءاً من هذا الارتفاع إلى مراكز القدرة العالمية التي أنشأتها الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات. قال تقرير للبنك إن الهند موطن لنحو 40% من مراكز القدرة العالمية، وهذه النسبة تزيد فقط مع توسيع نطاقها.
قال ديراج نيم، الخبير الاقتصادي ومحلل استراتيجيات العملات الأجنبية في مجموعة "أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ" (Australia and New Zealand Banking): "حالياً يلعب فائض تجارة الخدمات دور البطولة حقاً في قصة التجارة الخارجية للهند"، معبراً عن ثقته في أن هذا الاتجاه سيستمر.
بشارة خير للروبية الهندية
يتوقع "باركليز" تحسن أساسيات القطاع الخارجي والتقييمات الرخيصة نسبياً لمساعدة الروبية على الارتفاع لاحقاً مع ضعف الدولار. لكن معظم المحللين يظلون حذرين وسط التقلبات العالمية وهدف بنك الاحتياطي الهندي لإعادة بناء الاحتياطيات عندما تواتيه أي فرصة.
قالت مادهافي أرورا، كبيرة الاقتصاديين في "إمكاي غلوبال فايننشال سيرفسيز" (Emkay Global Financial Services)، إن هذا يبشر بالخير بالنسبة للروبية من منظور ميزان المعاملات الجارية.
مع ذلك، فإن الوضع العالمي يتغير بسرعة كبيرة ويمكن أن يؤثر سلباً على الرغبة العالمية في المخاطرة في أصول الأسواق الناشئة، بما في ذلك الروبية- أسوأ العملات أداءً في أسواق آسيا الناشئة العام الماضي ومن بين أدنى العملات هذا العام.
اختتمت أرورا: "من هذا المنطلق يمكن القول إن جانب حساب رأس المال يحتاج أيضاً إلى مراقبة".