أصبح وضع ايرلندا الشمالية محل خلاف بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 2020. اشتكت الحكومة البريطانية من أن الاتفاقيات التجارية بعد "بريكست" - المعروفة باسم بروتوكول ايرلندا الشمالية- في المنطقة تعيق الاقتصاد المحلي، وهددت بفرض الحل الذي يناسبها، حتى توقيع الاتفاق المعروف باسم "اتفاق وندسور" أو "إطار عمل وندسور" في 27 فبراير الماضي ليحل محل أكثر جوانب البروتوكول إثارة للخلاف. ما زالت الاتفاقية تحتاج لموافقة الطرفين الرسمية، كما أن لها القدرة على تغيير علاقة بريطانيا غير المستقرة مع أهم شركائها التجاريين.
1) ما هو إطار عمل "وندسور"؟
هو حل يسمح لايرلندا الشمالية بالبقاء في سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة واتحاده الجمركي في ظل تخفيض الضوابط المعقدة المفروضة على السلع الوافدة من بر بريطانيا الرئيسي بموجب صفقة "بريكست" الأساسية. اشتكت حكومة المملكة المتحدة من أن عبء المعاملات الورقية الجديدة يعطل التجارة ويضع حواجز داخلية في الدولة ذات السيادة. يتضمن الاتفاق الجديد نظام ممر مسموح به وآخر ممنوع يفصل السلع القادمة من بريطانيا إلى أيرلندا الشمالية عن المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي، حيث ستخضع السلع المنقولة لجهات أخرى -بخلاف التكتل- لضوابط حدودية أخف.
2) لماذا تعتبر قضية شائكة؟
اقترح الاتحاد الأوروبي في البداية تقديم إعفاءات لتخفيف عبء الرسوم الجمركية على التجار، لكنه رفض إعادة التفاوض على بنود البروتوكول، متحججاً بأن المملكة المتحدة وافقت عليه باعتباره الحل الأفضل لتجنب الحدود المشددة مع جمهورية ايرلندا في الجنوب، حيث أراد كلا الطرفين تجنب تلك النتيجة نظراً لتاريخ المنطقة الحافل بالعنف الطائفي.
كان هم الاتحاد الأوروبي هو التأكد من عدم تحول الحدود المفتوحة إلى هدف سهل لتهريب السلع إلى "السوق الموحدة" داخله، التي تضمن تطبيق المعايير والقوانين نفسها المعمول بها لديه، مثل السلامة الغذائية، لكن الحزب الديمقراطي الوحدوي في ايرلندا الشمالية شن حملة لإلغاء البروتوكول لأنه يعامل ايرلندا الشمالية بطريقة مختلفة عن بقية أنحاء المملكة المتحدة، ورفض الحزب المشاركة في حكومة تقاسم السلطة في الإقليم إلا بعد استبدال البروتوكول.
3) هل حدث تغيير؟
يوجد قلق متنام من أن استمرار عدم تشكيل حكومة فعلية في ايرلندا الشمالية قد يزعزع استقرار الوضع السياسي الهش في المنطقة. كما قدم غزو روسيا لأوكرانيا للندن وبروكسل عدواً مشتركاً واحداً، وشكل حافزاً أكبر لتنحية خلافات "بريكست" جانباً وتقديم جبهة أكثر وحدة إلى العالم. أشرف رئيس الوزراء البريطاني السابق، بوريس جونسون، على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وأتاحت استقالته في سبتمبر 2022 فرصة لإعادة بدء المحادثات عن البروتوكول في أجواء أكثر إيجابية.
ليس هذا وحسب، فموافقة الاتحاد الأوروبي على استخدام قاعدة البيانات المباشرة للمملكة المتحدة لتعقب السلع المنقولة من بريطانيا إلى أيرلندا الشمالية، أزاحت عقبة كبيرة في يناير.
4) ما هي بنود الاتفاق الأخرى؟
استاءت بريطانيا من سماح اتفاقية "بريكست" لمحكمة العدل الأوروبية بالإشراف على تطبيق البروتوكول، لأنها لم ترغب في استبدال القوانين البريطانية بلوائح الاتحاد الأوروبي.
يتضمن الاتفاق الجديد آلية جديدة اسمها "آلية ستورمونت" (Stormont Brake) - على اسم المجلس المفوض الذي يحكم الإقليم - تسمح لايرلندا الشمالية بالاعتراض على تعديلات قانون الاتحاد الأوروبي الحالي مع الإبقاء على صفة محكمة العدل الأوروبية باعتبارها جهة التحكيم الوحيدة فيما يخص لوائح الاتحاد الأوروبي، كما توجد اتفاقيات عن كيفية تطبيق التغييرات الضريبية والإعانات البريطانية للشركات في ايرلندا الشمالية.
5) هل تسوء الأوضاع؟
لضمان تسوية دائمة، يجب على خليفة جونسون، ريشي سوناك، أن يقنع الحزب الديمقراطي الوحدوي وعدداً من أعضاء حزبه المؤيدين لاتفاقية "بريكست" بالتصديق على الاتفاق. يكمن الأمل في تمكن الحزب الوحدوي من إعادة تشكيل إدارة تقاسم السلطة في ايرلندا الشمالية بحلول الذكرى 25 لاتفاق السلام بالإقليم المبرم في 1998 والتي تحل في أبريل المقبل، أما في حالة رفض التصويت على الاتفاق، فقد يضطر سوناك للاعتماد على أصوات أحزاب المعارضة، ما قد يضر به سياسياً.