ربما يشهد بنك الشعب الصيني تعيين مسؤولين جديدين لقيادة البنك المركزي، وهذا أمر يأتي عقب تعديلات في المناصب الحكومية الشهر المقبل.
من المتوقَّع بشكل كبير أن يتنحى محافظ البنك المركزي الصيني يي غانغ عن منصبه، ممهداً الطريق للمصرفي المخضرم تشو هيكسين ليحل محله، وفقاً لشخص مطّلع على الأمر. فيما يتم النظر في تعيين هي ليفنغ، الذي سيشغل على الأرجح منصب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن السياسات الإقتصادية، ليتولى منصب سكرتير الحزب في البنك المركزي الصيني، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".
قال خبراء ومحللون اقتصاديون إنَّ التغييرات المحتملة قد لا تشير إلى تغييرات كبيرة في السياسة النقدية، بل تؤكد على مؤشرات أخيرة توضح أنَّ البنك المركزي في الصين سيكون أقل تشدداً فيما يتعلق باتخاذ إجراءات صارمة تجاه الديون والمخاطر المالية، كما سيواصل متابعة بعض الإصلاحات المشار إليها بالفعل.
مسؤول بـ"المركزي": اقتصاد الصين سيعود إلى مسار النمو قريباً
في ظل عدم تأكيد التغييرات بعد؛ إليك رؤية تحليلية لبعض الاّثار التي قد تنتج عن التغييرات بالبنك المركزي الصيني.
أقل تشدداً
قال كريستوفر بيددور، نائب مدير أبحاث الصين بشركة "غافيكال دراغونوميكس" (Gavekal Dragonomics)، إنَّ القيادة القادمة لبنك الشعب الصيني "ستدفع البنك على الأرجح في اتجاه أقل تشدداً".
في إشارة إلى رئيس الحزب في بنك الشعب الصيني والمنظم المصرفي الذي خاض حملة كبرى لتصحيح مسار الصناعة المصرفية، قال بيددور إنَّه "من الصعب حقاً تخيل أي سلف أكثر تشدداً في السياسة النقدية والقواعد التنظيمية المصرفية من غيو شيكوينغ".
وأضاف أنَّ "هي ليفينغ مسؤول حكومي محلي في جوهره، فقد أمضى معظم حياته المهنية محاولاً تطوير الاقتصادات المحلية، وفي بناء بنية تحتية كبيرة أحياناً".
المزيد من الإصلاحات
دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى وشمال اّسيا بـ"ستاندرد تشارترد"، لا يتوقَّع تغييرات كبيرة في السياسة النقدية. فقد قال إنَّه "من المرجح استمرار السياسة النقدية في الاتجاه الإصلاحي المحدد بالفعل، ولن تكون عرضة لتفكير جديد تماماً أو حتى أي تغييرات جذرية"، مؤكداً أنَّه "تم بالفعل تحديد الاتجاه الأساسي لإعداد وتنفيذ السياسة النقدية".
وزير المالية الصيني يعيد تأكيد خطة التوسع المالي
ما يزال البنك المركزي في مرحلة إصلاح وتحرير أسعار الفائدة وأسعار الصرف، حتى بعد إحراز تقدّم ملحوظ خلال الأعوام القليلة الماضية. عمل البنك أيضاً على تعزيز دور أدوات السياسة النقدية الهيكلية، في ظل تعزيز إطار يضيق الخناق على سلوك البنوك في الإقراض، الأمر الذي يقلل من المخاطر.
تعليقاً على التعيين المحتمل لكل من هي وغيو، قال تراي مكارفر، الشريك المؤسس لشركة الأبحاث "تريفيوم تشاينا" (Trivium China)، إنَّها "خطوة للحفاظ على الوضع الراهن بشكل كبير". كما أضاف أنَّه "من الصعب رؤية "مدى اختلاف اللجنة المالية التي تم إحياؤها عن لجنة الاستقرار المالي والتنمية القائمة بالفعل، التي "كانت نشطة للغاية في سياسات وتنظيم القطاع المالي".
المزيد من البراغماتية
التنصيب المحتمل لمسؤولين سياسيين كبار في بنك الشعب الصيني آثار تكهنات حول ما قد يعنيه اتخاذ قرار موحد. لكن قد تؤدي التحركات المذكورة إلى سياسة أكثر عملية في الواقع، طبقاً لغابرييل ويلداو، العضو المنتدب بشركة الاستشارات "تينيو هولدينغ" (Teneo Holdings LLC).
الصين تتأهب لضخ سيولة إضافية بسوق المال لكبح تكاليف التمويل
قال ويلداو إنَّ "البنك المركزي الصيني لم يكن مستقلاً سياسياً على الإطلاق، ولا حتى بدرجة ضئيلة، لذلك؛ فإنَّ التعيينات المحتملة لن تشير إلى أي تغييرات بهذا الصدد". كما أضاف أنَّ المكتب السياسي سيحتاج إلى الموافقة على التغييرات الرئيسية في السياسة النقدية "كالمعتاد".
أضاف أيضاً أنَّ تعيين أحد أعضاء المكتب السياسي في منصب سكرتير لحزب بنك الشعب الصيني "قد يدفع لدرجة أكبر من النفعية السياسية"، بالنظر إلى أنَّ غيو لم يكن أبداً جزءاً من تلك الهيئة العليا لصنع القرار.
قال وايلداو إنَّ المراقبين الأجانب يميلون للنظر إلى الديناميكيات المتعلقة بصنع سياسات البنك المركزي على أنَّها مواجهة للتكنوقراط "وهم المؤيدون للإصلاح" ضد "الساسة المعرضين للخطر". لكنَّه قال إنَّ الحملة الأخيرة على سوق الإسكان قد "بدا أنَّها مدفوعة بشكل كبير من قبل مسؤولي البنك المركزي الصيني الذين حذروا لأعوام من فقاعة، ورأوا أخيراً فرصتهم في دفعها نحو الانكماش". كما قال إنَّه "بالنظر إلى الماضي؛ فإنَّ بعض التدخل البراغماتي السياسي كان سيكون من الأفضل".
تغيير الأولويات
قال دانكن رايلي، كبير الاقتصاديين الصينيين لدى شركة "بانثيون مايكروإيكونوميكس"، إنَّه ما إذا تم تأكيد تعيين الموظفين الكبار الجدد؛ فإنَّه قد يشير إلى تبدل الأولويات للقيادة العليا.
إعادة فتح الاقتصاد تعزّز جاذبية سوق الائتمان المحلية الصينية
أفاد أيضاً أنَّ "الشعار التوجيهي القادم سيدور حول (ضرورة دعم القطاع المالي للاقتصاد الحقيقي) وليس العكس"، مضيفاً أنَّه يمكن القول إنَّ إدارة المخاطر المالية كانت مصدراً رئيسياً للقلق في العقد السابق للجائحة.
أوضح رايلي أنَّ الرئيس الصيني شي جين بينغ يريد التأكد من أنَّ الائتمان يحفز النمو، بدلاً من التوجه نحو المنظومة المالية. كما أضاف أنَّ الرئيس الصيني يريد أيضاً التأكد من أنَّ الأموال تُنفَق في البحوث والتطوير، بجانب الابتكار التكنولوجي، دون إهدار أي فوائض.
وقال إنَّ الإصلاح التنظيمي المالي المحتمل "قد يشير إلى تصميم الرئيس شي على المضي قدماً في إصلاحات صعبة للقطاع المالي، فضلاً عن تنسيق صنع السياسات عبر آليات الحزب".