تقول الحكومة الروسية إن الأوضاع الاقتصادية لا تتسبب بأي ضغوط تضخمية

مسؤولون حكوميون روس يطالبون البنك المركزي بـ"توقعات متفائلة"

مقر البنك المركزي الروسي في موسكو، روسيا - المصدر: بلومبرغ
مقر البنك المركزي الروسي في موسكو، روسيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تضغط حكومة الرئيس فلاديمير بوتين على بنك روسيا لإصدار توقعات اقتصادية أكثر تفاؤلاً، وإبداء استعداده لتخفيف السياسة النقدية مع اقتراب دخول غزوه لأوكرانيا عامه الثاني.

قبيل انعقاد أول اجتماع لمجلس إدارة المركزي الروسي للعام الجاري يوم غد الجمعة، أعرب المسؤولون عن رغبتهم في أن يرسل البنك إشارة أوضح حول احتمال خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام، بحسب أشخاص مطلعين على المشاروات الداخلية.

اقرأ أيضاً: حرب روسيا تعزز عملات جيرانها

حتى الآن، لا تزال محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، وزملاؤها، غير مستعدين لاقتراح أي تخفيف وشيك في السياسة النقدية، نظراً لمخاطر ارتفاع التضخم، بل يُرجح أن يشيروا إلى تضاؤل احتمالات خفض أسعار الفائدة، بحسب الأشخاص المطلعين.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

خلاف يهدد مسار السياسة النقدية

لكن البنك المركزي منفتح بشأن تحسين التوقعات، وستكون الحكومة راضية إذا قدم البنك رسالة تشير إلى أنه يتجه نحو سياسة نقدية أكثر تساهلاً في الأشهر المقبلة، طبقاً للأشخاص الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لوصفهم صراعاً غير عادي داخل الفريق الاقتصادي.

النقطة الخلافية الأهم تتمحور حول اتجاه السياسة النقدية في الوقت الذي تتعرض فيه الموازنة لضغوط نتيجة انخفاض عائدات النفط وزيادة الإنفاق العسكري، فيما يتجه الاقتصاد الروسي لتسجيل عامين متتاليين من الانكماش، وذلك للمرة الأولى منذ بداية القرن.

تشير أحدث التوقعات لبنك روسيا، والتي صدرت في أكتوبر الماضي، إلى أن متوسط سعر الفائدة القياسي سيتراوح ما بين 6.5% و8.5% في العام الجاري، ما يعني إمكانية أن تكون هناك زيادة أو خفض للسعر الرسمي الحالي. أجمعت توقعات الاقتصاديين على أن البنك المركزي سيُبقي يوم الجمعة على سعر الفائدة الرسمي دون تغيير عند 7.5%، وذلك للمرة الثالثة على التوالي.

لم تتغير تكاليف الاقتراض الرسمية منذ أن علق البنك المركزي مؤقتاً دورة التيسير النقدي الحادة وعكَسها برفع أسعار الفائدة بشكل طارئ بعد غزو أوكرانيا.

الحكومة تنفي ممارسة أي ضغط على المركزي

لم يرد بنك روسيا على طلبات التعليق نظراً لحظر التواصل قبل اجتماعات قرارات الفائدة، كما لم يستجب المكتب الصحفي التابع للحكومة فوراً على طلب للتعليق.

لكن في تعليق لاحق لوسائل الإعلام الروسية، بما فيها صحيفة "كوميرسانت" الروسية، نفى المتحدث باسم رئيس الوزراء، ميخائيل ميشوستين، ممارسة الحكومة لأي ضغط على البنك المركزي، قائلاً إن مجلس الوزراء في تواصل مستمر مع سلطة النقد، "وكلاهما يتصرف في حدود صلاحياته ووظائفه" لدعم الاقتصاد في وجه العقوبات.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

لا يزال البنك المركزي الروسي يتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية منذ تولي نابيولينا منصبها في 2013، وهي تعتبر المهندسة الرئيسية للسياسات النقدية المتبعة في زمن الحرب، والتي أبقت الاقتصاد الروسي متماسكاً في مواجهة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

عيّن بوتين نابيولينا لولاية جديدة مدتها خمسة أعوام كمحافظة للبنك المركزي، بعد أسابيع فقط من بدء الحرب في فبراير 2022، وذلك رُغم سعيها للاستقالة بعد إصداره أوامر بشنّ هجوم على أوكرانيا، حسبما أفادت "بلومبرغ نيوز" في حينه.

بنك روسيا متهم بالمبالغة في التشاؤم

مع ذلك، انتقد كبار المسؤولين الروس البنك المركزي لسوء إدارته لتوقعات السوق، وبسبب ما يعتبرون أنها توقعات متشائمة للغاية، والتي أثبتت باستمرار مبالغتها في إثارة القلق، طبقاً للأشخاص المطلعين.

تستدل الحكومة على انحسار ضغوط الأسعار، عبر الإشارة إلى مقاييس بديلة، مثل مؤشر متوسط التضخم، الذي يستبعد التغيرات الحادة في الأسعار، والذي كان قريباً من الصفر منذ مايو بعد صعوده في أعقاب جولات العقوبات الأولى.

قال بنك روسيا، الذي خفّض أسعار الفائدة آخر مرة في سبتمبر قبل تبنّي موقف "محايد" بالإبقاء عليها دون تغيير، إن تباطؤ التضخم ربما يكون مؤقتاً، وإن الوضع الاقتصادي غير مستقر لدرجة تحول دون تقديم توقعات أدق، بحسب الأشخاص المطلعين.

توقع صُناع السياسة تراجع التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 4% في العام المقبل، من معدّل يتراوح بين 5% و7% في 2023، في حين تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن يؤدي استقرار الروبل وتباطؤ نمو الائتمان إلى انخفاض التضخم الاستهلاكي إلى ما دون 6% في 2023، وذلك هبوطاً مما يقل قليلاً عن 12% في ديسمبر الماضي.

مؤخراً، ركّز بنك روسيا على مخاطر التضخم الناتجة عن الإنفاق العام ونمو الأجور الاسمية ونقص العمالة نتيجة لاستدعاء الكرملين للرجال للقتال في أوكرانيا.

أشارت كسينيا يودايفا، النائبة الأولى لمحافظة البنك المركزي الروسي، الأسبوع الماضي بالفعل إلى احتمال مراجعة التوقعات الاقتصادية نتيجة للتغيرات في سوق العمل وأسعار النفط، إضافة إلى عوامل أخرى. وفي مقابلة أجرتها مع برنامج "تينكوف برايفت توكس" (Tinkoff Private Talks)، تمسّكت يودايفا بالموقف المتشدد في السياسة النقدية، مشيرة إلى أن ضعف طلب المستهلكين لا يرجع إلى ارتفاع أسعار الفائدة، بل يأتي نتيجة حالة عدم اليقين واضطرابات العرض.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك