عندما زار الرئيس التونسي قيس سعيد، مؤخراً، مقهى في حيٍّ تقطنه الطبقة العاملة في العاصمة، قدّمت له مجموعة من الشبان صورة مقتضبة من الواقعية، حين قال أحدهم: "لم يبقَ أمل".
هذا الرأي ليس غريباً عن تونس خلال العقد الأخير، حيث يشعر الكثيرون بإحباطٍ متزايد بسبب الانحدار في مستويات المعيشة منذ ثورة الربيع العربي عام 2011، والذي زاد من حدّته نقص المواد الغذائية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما أن خطة الإنقاذ المحتملة من صندوق النقد الدولي، قد تصاحبها تخفيضات في الإنفاق الحكومي ومصاعب اقتصادية إضافية. علماً أنه من غير الواضح حتى الآن مدى سرعة تدفق الأموال.
خفّضت وكالة "موديز" تصنيف تونس الائتماني مؤخراً، فيما يبقى تمويل صندوق النقد الدولي للبلاد بعيد المنال. وفي حين تجري الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية، اليوم الأحد، فيما يبدو أن عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في البلد الواقع في شمال أفريقيا مرشّح للتفاقم.
الكعكة تصغُر
استناداً إلى نموٍّ مُقدَّر بنحو 2.5% لعام 2022، فإن "كعكة" الاقتصاد التونسي مازالت تصغُر عمّا كانت عليه قبل الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011. ونما عدد السكان بنحو 12% في العقد الماضي، بينما حوالي خُمس سكان البلد يعيشون الآن في حالةٍ من الفقر.
وحش التضخم
يبدو أن التضخم سيتسبب في مزيد من الألم للتونسيين هذا العام، بعد أن وصل مؤشر أسعار المستهلك إلى رقمٍ في خانة العشرات في 2022، وهو أعلى مستوى له في 30 عاماً. وشهدت البلاد نقصاً، بشكلٍ متقطع، في المواد الغذائية الرئيسية على مدار الاثني عشر شهراً الماضية. وفي وقتٍ سابق من شهر يناير الحالي، أرسلت ليبيا، الجارة الغنية بالنفط، القمح والأرز والسكر كمساعدة.
لا مبالاة بالانتخابات
يبدو أن التونسيين قد ذاقوا الأمرّين من الانتخابات والتصويت. وتراجعت نسبة مشاركتهم منذ أن تولّى الرئيس قيس سعيد سلطات واسعة في يوليو 2021، وعلّق البرلمان، في خطوةٍ أطلق عليها مناوئون صفة "انقلاب". شارك 11% فقط من الناخبين في التصويت خلال الانتخابات البرلمانية بمرحلتها الأولى في ديسمبر، بما يمثل إحدى أدنى نسب المشاركة، على مستوى العالم، في أيّ انتخابات أساسية. بموازاة ذلك، أفادت النقابة الوطنية للصحفيين عن تزايد الرقابة على وسائل الإعلام، إلى جانب تعرّض الصحفيين لاعتداءات جسدية ولفظية في السنوات الأخيرة.
ندرة الوظائف
ارتفعت بطالة الشباب إلى 37.8% في الربع الثالث من عام 2022، صعوداً من 35.4% في 2019، وهو العام الذي ركب فيه أستاذ القانون قيس سعيد موجة من السخط الشعبي على المؤسسة السياسية للفوز بالانتخابات الرئاسية. لكن تجدر الإشارة إلى أن معدل البطاقة بلغ ذروته عند 42.5% في الربع الأخير من 2020، وهو أعلى مستوى منذ أطاح التونسيون بزين العابدين بن علي.
هجرة الشباب
يفرُّ الشباب التونسي عن طريق البحر إلى أوروبا بأعلى معدل، حتى منذ ما قبل الربيع العربي. ففي العام الماضي، وصل حوالي 18 ألف تونسي إلى إيطاليا، التي تمثل وجهة الغالبية العظمى من المهاجرين غير الشرعيين، بينما تمّ اعتراض ضعف هذا العدد وهم في طريقهم إلى أوروبا. هذا مع علمهم بأن الرحلة محفوفة بالمخاطر، حيث إن حوالي 580 شخصاً إمّا غرقوا أو تمّ الإبلاغ عن فقدهم بعد مغادرتهم الشواطئ التونسية عام 2022.