مع تفوق الهند على الصين باعتبارها أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، تبرز مجموعة من القضايا الديموغرافية مثل معدلات المواليد وأسواق العمل كموضوعات رئيسية يجب الانتباه إليها في القوتين الآسيويتين.
تسعى الهند، التي تغلب فئة الشباب على سكانها، لتصبح الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً خلال السنوات المقبلة، في حين يُتوقع أن تشهد الصين التي يرتفع فيها عدد كبار السن نمواً أبطأ بعد سنوات من التوسع السريع.
في ما يلي خمسة رسوم بيانية تُظهِر سبب أهمية التركيبة السكانية في هذا التحول التاريخي:
ستشهد الصين، التي استمرت في سياسة الطفل الواحد الصارمة حتى عام 2016 وأبقت معدلات المواليد تحت السيطرة، تراجع عدد سكانها في سن العمل على مدى القرن مع تقدم سكانها في السن، ليشكلوا في نهاية المطاف أكثر من 40% من سكانها. ويقارن هذا العدد مع الهند، إذ يمثل السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق أقل من ثلث إجمالي 2.3 مليار نسمة متوقعة بحلول عام 2100.
لكن ذلك لا يعني أن كل شيء يبدو على ما يرام بالنسبة إلى الهند، إذ تقل أعمار نصف سكانها عن 30 عاماً، ويدخل نحو 12 مليون شخص سوق العمل كل عام بحثاً عن فرص عمل. يتمثل التحدي الذي يواجه الهند، التي يُتوقع نمو اقتصادها بنسبة 7% في العام المنتهي في مارس، في الحفاظ على وتيرة التوسع هذه خلال العقود المقبلة، أو تجد نفسها في نهاية المطاف أمام معدلات بطالة مرتفعة.
بينما تتحدث الهند عن عائدها الديموغرافي، فإن الرقم الرئيسي الذي يفلت من العناوين الرئيسية هو مشاركة المرأة في القوى العاملة، إذ لا تمثل النساء سوى خُمس إجمالي القوى العاملة في الهند، ما يعتبر أفضل قليلاً من المعدل في أفغانستان. من ناحية أخرى، تشكل النساء في الصين 44.8% من القوى العاملة.
يتراجع عدد سكان الطبقة المتوسطة في الهند مقارنةً بالصين، لكن العمالة الرخيصة نسبياً في البلاد تجعلها وجهة جذابة للشركات التي تتطلع إلى الابتعاد عن الصين. في هذا الإطار، بدأت شركة "أبل" مثلاً في تجميع أحدث طرازات "أيفون" في الدولة الواقعة في جنوب آسيا، ما يعتبر فوزاً لحملة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي "صنع في الهند". في المقابل، خرجت شركات أخرى مثل "جنرال موتورز" وشركة "هارلي ديفيدسون" (Harley Davidson) من البلاد، ما أحبط جهود مودي الهادفة إلى تحسين مساهمة الصناعة في الاقتصاد لترتفع من 14% إلى 25%.
تشهد المناطق الريفية في الهند ارتفاعاً كبيراً في عدد السكان، على عكس الصين. حتى في الوقت الذي يشهد فيه كل من البلدين هجرة العمال إلى المدن الكبرى بحثاً عن فرص أفضل، فإن غالبية سكان الهند سيبقون في المناطق النائية، فيما سيستقر الجزء الأكبر من سكان الصين في المناطق الحضرية بشكلٍ متزايد بحلول عام 2035، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
يعتبر ذلك بمثابة تذكير بالتحديات التي تواجهها الدولة الواقعة في جنوب آسيا، في سعيها للتخفيف من حدة الفقر والحد من أوجه عدم المساواة.