وقّعت السعودية والصين عدداً من الاتفاقات، في مجالات منها الطاقة والاستثمارات، بعد اجتماع قادتهما في الرياض اليوم الخميس في قمة استعرضت العلاقات العميقة والمتنامية خارج نطاق النفط.
ووقع الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس شي جين بينغ، اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين السعودية والصين. كما شهد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الصيني، مراسم تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين. وتضمنت خطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تقليص اعتماد الاقتصاد على النفط، ومبادرة الحزام والطريق الصينية. كما تم توقيع مذكرات تفاهم حول الهيدروجين والطاقة الشمسية والاستثمارات المباشرة والإسكان.
استعرض الزعيمان "أوجه الشراكة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات بما يتلاءم مع رؤيتهما، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة"، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم، والصين أكبر عملاءها، ما يجعل العلاقة بينهما مفتاح أسواق النفط الخام. وكلاهما يتطلع إلى التنويع التدريجي لمزيج الطاقة الخاص به.
يوم الأربعاء قال الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، إن بلاده "ستظل شريك الصين الموثوق به والمعوّل عليه" فيما يتعلق بمجال الطاقة. مؤكّداً أهمية تبادل الآراء بينهما باستمرار، بصفتهما من أهم الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة عالمياً.
بحسب تصريحات الأمير فإن مجالات التعاون بين الرياض وبكين تشمل مشروعات تحويل البترول الخام إلى بتروكيماويات، ومجال الطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف، والمشروعات الكهربائية، والاستخدامات السلميّة للطاقة النووية.
أشار كذلك إلى سعي البلدين لتعزيز التعاون في سلاسل إمدادات قطاع الطاقة، عن طريق إنشاء مركز إقليمي في السعودية، للمصانع الصينية، للاستفادة من موقع المملكة المميز بين ثلاث قارات.
نشرت وكالة الأنباء السعودية القليل من التفاصيل حول الاتفاقيات، والتي تضمنت أيضاً اتفاقيات في قطاعات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات، والخدمات السحابية، والنقل، والخدمات اللوجستية، والصناعات الطبية، والإسكان، والبناء.
وفي لقاء مع "اقتصاد الشرق" بالرياض، الأربعاء، قال الفالح إن هذه الاتفاقيات تخطت بشكل كبير المجالات التقليدية التي تعودنا عليها في الشراكات بين المملكة العربية السعودية والصين.
صحيح أن الطاقة كانت حاضرة بقوة من خلال الطاقة المتجددة تحديداً. لكن أيضاً كانت هناك اتفاقيات مهمة جداً في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، في الخدمات الصحية، في تقنيات البناء ومواد البناء الحديثة والمتقدمة، في المعادن والتعدين، وصناعات المواد المتقدمة مثل الألمنيوم حيث يخطط لتأسيس مشاريع متكاملة لصناعات الألمنيوم على ساحل البحر الأحمر.
الفالح لفت إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الصناعات سيمكّن المملكة من تحقيق مستهدفها لأن تكون موقعاً أساسياً لسلاسل الإمداد المرنة في المستقبل.
وفي حين كشف أن "الاتفاقيات التي وقعناها اليوم تفوق عشرات المليارات من الدولارات"، دون إعطاء رقم محدد، أوضح الفالح أن "بعض هذه الاستثمارات لها رقم محدد بينما أغلبها في مرحلة الدراسة أو يستهدف استثمارات على نطاقات من الاستثمارات المحتملة".
شملت الاتفاقيات المعلن عنها الخميس واحدة مع شركة "هواوي" الصينية بشأن الحوسبة السحابية ومجمعات الإنترنت عالية السرعة في السعودية، واتفاقية أخرى لبناء مصنع للألمنيوم تم توقيعها بين وزارة الاستثمار السعودية ومجموعة "شاندونغ للابتكار" (Shandong Innovation Group). كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم لإقامة مشروع لتكسير الهيدروجين.
بدأت السعودية العمل على تأسيس منشأة كبيرة للهيدروجين الأخضر في "نيوم" على البحر الأحمر. سيتم توليد الهيدروجين الأخضر، وهو وقود يُنظر إليه على أنه حاسم في التحول العالمي إلى طاقة أنظف، باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
بحسب وثيقة الاتفاقيات الصادرة عن وزارة الاستثمار السعودية، جرى توقيع مذكرات تفاهم للتعاون مع 3 شركات مقاولات صينية حكومية، لبناء 100 ألف وحدة سكنية بالسعودية بالشراكة مع المطورين العقاريين والمقاولين المؤهلين.
كما وُقِّعت مذكرة تفاهم لإنشاء مصنع لإنتاج السيارات الكهربائية في المملكة بطاقة إنتاجية تبلغ 100 ألف سيارة سنوياً.
تأتي زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية بعد شهرين من عدم تجاوبها مع مطالب الولايات المتحدة وإقرار تحالف "أوبك+" خفضاً كبيراً لإنتاج النفط، وتثبيت مكانتها كقوة صاعدة قادرة على مواجهة ضغوط واشنطن، ما لقي إشادةً من قِبل بكين.
في مقال افتتاحي بصحيفة الرياض السعودية، كتب الرئيس أن البلدين سيعززان التعاون في الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة شنغهاي للتعاون. وقال إنَّ بلاده ستعمل مع دول الخليج على بناء "نمط جديد ومتزايد الأبعاد لتعاونهما في مجال الطاقة، وتسريع التطور الجديد للتعاون في قطاعي المالية والاستثمار".