أصبح اقتصاد جنوب أفريقيا أكبر حجماً مقارنة بما كان عليه قبل انتشار فيروس كورونا، بعد أن حقق نمواً بمعدل تجاوز التوقعات في الربع الثالث من العام الجاري وسط زيادة الإنتاج الزراعي.
أفادت "هيئة الإحصاء في جنوب أفريقيا" يوم الثلاثاء، في تقرير صدر في العاصمة بريتوريا، بأن الناتج المحلي الإجمالي توسع بنسبة 1.6% في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر الماضي، مقارنة بانكماش بلغ 0.7% في الربع السابق.
متوسط توقعات 12 من الاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم "بلومبرغ" بشأن معدل النمو بلغ 0.4% سنوياً، غير أن ذلك المعدل سجل فعلياً 4.1% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
نمو مفاجئ
معدل النمو على مدار العام كاملاً ربما يأتي مفاجئاً أيضاً في الاتجاه الصعودي، إذ يتوقع البنك المركزي توسعاً بنسبة 1.8%، وتتوقع الخزانة الوطنية نمواً بنسبة 1.9%. في حين أن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي خلال الأشهر التسعة المنتهية في سبتمبر -وهو مؤشر مبكر على النمو الاقتصادي في العام بأكمله- سجل 2.3% مقارنة بالعام الماضي.
قال جو دي بير، نائب المدير العام للإحصاءات الاقتصادية في الهيئة الحكومية، إن التوسع بنسبة 2.3% في الأرباع الثلاثة الأولى هو "مؤشر معقول" على الرقم السنوي. وأضاف: "لا أظن أن يزيد اختلاف الرقم أكثر من نصف نقطة مئوية من منظور الرياضيات فقط".
مع بلوغه 4.6 تريليون راند سنوياً (265 مليار دولار) في الربع الثالث، يزيد الناتج المحلي الإجمالي بنحو 53 مليار راند عن الربع الأخير من عام 2019، قبل اندلاع الوباء. أدى الانكماش في الأشهر الثلاثة السابقة إلى التهام المكاسب التي تحققت في الربع الأول من العام وجعلت الاقتصاد أكبر حجماً.
يأتي التوسع الفصلي حتى بعد أن شهد الاقتصاد الأفريقي الأكثر تصنيعاً انقطاعاً قياسياً في الكهرباء، لأن شركة الكهرباء الحكومية "إسكوم هولدينغز" (Eskom Holdings) لم تستطع مواكبة الطلب من منشآتها القديمة التي تفتقر إلى الصيانة. الزراعة والنقل هما القطاعان اللذان تسببا في هذا النمو الذي تجاوز التوقعات، حيث شهدا نمواً بلغ 19.2% و3.7% على أساس ربع سنوي على التوالي.
تهديد للاستقرار الاجتماعي
لا تزال الإصلاحات الهيكلية البطيئة، وعدم اليقين السياسي، والمستويات المرتفعة من الجريمة تلقي بثقلها على الإنفاق الاستثماري في الأصول الثابتة في جنوب أفريقيا، حيث تتخوف الشركات الخاصة من تخصيص مبالغ كبيرة من المال لمشاريع محلية. وقد ارتفع إجمالي تكوين رأس المال الثابت بنسبة 0.3% عن الربع السابق.
انخفض إنفاق الأسر، الذي يشكل نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 0.2% في الربع الثالث.
من المحتمل أن يتعرض إنفاق الأسر لمزيد من الضغوط جراء ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة التي وصلت إلى مستوى شوهد آخر مرة منذ أكثر من خمس سنوات.
من المتوقع تحقيق نمو ضعيف في الربع الأخير من العام بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، والإضراب الذي حدث في أكتوبر بسبب الأجور في شركة "ترانسنت" (Transnet)، شركة الخدمات اللوجستية المملوكة للدولة في جنوب أفريقيا التي تدير معظم الموانئ في البلاد. يتوقع البنك المركزي توسعاً بنسبة 0.1% هذا الربع.
يشكل ضعف النمو الاقتصادي وضغوط الأسعار المتزايدة تهديداً للاستقرار الاجتماعي في واحدة من أكثر المجتمعات التي تعاني من تفاوت الثروة في العالم، وقد تعرقل الجهود المبذولة لتقليل العجز المالي والديون.