رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بأكبر قدر منذ 33 عاماً، لكنه عارض بقوة توقعات السوق بشأن حجم الزيادات المستقبلية، محذراً من أن اتباع هذا المسار من شأنه أن يؤدي إلى ركود لمدة عامين.
صوتت لجنة السياسة النقدية بواقع 7 أشخاص إلى 2 لرفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إلى 3%، وهو أعلى مستوى في 14 عاماً. ولكن في تعليق صريح غير معتاد على توقعات المستثمرين للزيادات المستقبلية، شددت اللجنة على أن ذروة أسعار الفائدة ستكون "أقل من توقعات الأسواق المالية".
قال "بنك إنجلترا" إن البقاء على مسار توقعات السوق، والتي ترجح ذروة أسعار الفائدة عند نحو 5.25% العام المقبل، سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3% ودفع التضخم في النهاية إلى الصفر. وترجح النظرة المستقبلية التي تستند إلى بقاء المعدلات عند مستواها الحالي البالغ 3% حدوث ركود أقصر وأقل عمقاً كما ترشح هبوط التضخم قرب الهدف في غضون عامين.
خففت الأسواق بالفعل من توقعاتها بشكل طفيف منذ أن تم إغلاق التوقعات، مع ظهور الترجيحات التي تشير إلى أن المعدلات ستبلغ ذروتها عند 4.75% في الاجتماع.
قالت لجنة السياسة النقدية في محضر الاجتماع إن حجم زيادة نوفمبر "سيقلل من مخاطر التشديد الموسع والمكلف في وقت لاحق". كان المختلفون هم سواتي دينجرا، الذي صوّت بزيادة الفائدة نصف نقطة، وسيلفانا تينيرو، الذي رشح رفعها ربع نقطة.
من المنتظر أن يعقد أندرو بايلي محافظ بنك إنجلترا مؤتمراً صحفياً بشأن القرار الساعة 12:30 ظهراً بتوقيت لندن. وتجدر الإشارة إلى أن زيادة الفائدة بثلاثة أرباع نقطة كانت متوقعة من قبل المستثمرين والاقتصاديين.
ولكن في حين قال بنك إنجلترا إن المزيد من زيادات أسعار الفائدة قد تكون مطلوبة، وربما "بقوة" إذا بدت ضغوط التضخم مستمرة، كانت التوقعات بمثابة تحذير واضح من أن ترجيحات السوق للفائدة كانت مبالغاً فيها.
ترجح التوقعات وصول التضخم إلى ذروته عند 10.9% في الأشهر المقبلة، على أن ينخفض إلى الصفر بحلول عام 2025، لكن محضر الاجتماع قال إن المخاطر كانت في الاتجاه الصعودي.
ركود فعلي
حذر بنك إنجلترا من أن الاقتصاد البريطاني يواجه "توقعات صعبة للغاية". وتشير توقعاته إلى أن المملكة المتحدة في حالة ركود بالفعل، وأن الناتج المحلي الإجمالي سوف ينخفض لثمانية أرباع متتالية حتى منتصف عام 2024.
وقال بنك إنجلترا إن الناتج المحلي الإجمالي سينخفض بسبب "أسعار الطاقة المرتفعة والظروف المالية الأكثر تشدداً"، مما يشير إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة ستضر الأسر والشركات. وجزء من هذا التشديد جاء من فوضى السوق التي أعقبت الخطة المالية الفاشلة لرئيسة الوزراء السابقة ليز ترَس في سبتمبر. والتي أدت إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى أعلى مستوياتها في 14 عاماً، مما أضر بالأسر التي تعاني بالفعل من أزمة تكاليف المعيشة الناجمة عن تصاعد تكاليف الطاقة والغذاء.
ويقدر البنك أن إعادة تمويل متوسط الرهن العقاري البالغ 130 ألف جنيه إسترليني بالمعدلات الحالية سيزيد مدفوعات الفائدة السنوية بمقدار 3000 جنيه إسترليني. سيحتاج حوالي مليوني أسرة إلى إعادة التمويل بحلول نهاية عام 2023.
مسار الفائدة
في ظل التوقعات المركزية لبنك إنجلترا باستخدام مسار سعر السوق، سيتم فقد مئات الآلاف من الوظائف لارتفاع البطالة من 3.5% إلى 6.4%. وينخفض التضخم إلى 1.4% في غضون عامين، وهو أقل بكثير من الهدف البالغ 2%.
إذا تم تثبيت الفائدة عند 3%، فإن التضخم سينخفض مرة أخرى إلى 2.2% في غضون عامين، مما يشير إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من زيادات الفائدة، ولكنه سينخفض بعد ذلك إلى 0.8% بعد ثلاث سنوات.
حتى ذلك الحين، فإن المملكة المتحدة لن تفلت من الركود. سينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.7% في ظل سيناريو معدل الفائدة الثابت، وذلك بفضل الركود مزدوج القاع "Double dip" الذي سيشهد نمواً لربع واحد فقط من الآن وحتى نهاية 2023. ولا تزال البطالة ترتفع إلى 5.1%.
تأتي الزيادة الكبيرة لسعر الفائدة في الوقت الذي يصارع فيه بنك إنجلترا أعلى مستويات للتضخم في أربعة عقود مع القليل من الإشارات على أن الضغوط تتراجع. وبلغ معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة، 6.5%، كما أن الأجور المنتظمة للقطاع الخاص آخذة في الارتفاع بأعلى وتيرة منذ أكثر من 20 عاماً.
اللحاق بالفيدرالي
يلحق بنك إنجلترا أيضاً بالاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس في أربعة اجتماعات متتالية إلى نطاق من 3.75% إلى 4%. قام البنك المركزي الأميركي أمس بقمع آمال السوق في تهدئة وتيرة التشديد من خلال الإشارة إلى أن معدلات الفائدة قد ترتفع ببطء أكبر ولكن إلى قمة أعلى من المتوقعة.
يواجه بنك إنجلترا عملية موازنة أكثر صعوبة. حيث تهدد أسعار الفائدة المرتفعة بالتأثير على النمو بينما تفرض الحكومة جولة أخرى من التقشف والزيادات الضريبية.
تفترض توقعات البنك المركزي، التي لا تأخذ في الاعتبار الدمج المقرر الإعلان عنه في بيان الخريف في 17 نوفمبر والذي سيضغط على الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر، أن حزمة دعم الطاقة ستظل على نطاق واسع ولكنها ستنخفض إلى النصف تقريباً خلال الأشهر الثمانية عشر التالية بعد انتهائها في أبريل.
قالت الحكومة إنها ستنظر في تقديم دعم أكثر استهدافاً من الحد الأقصى الحالي البالغ 2500 جنيه إسترليني لمتوسط فاتورة الأسرة السنوية.
إذا كان الدعم أقل بمقدار 500 جنيه إسترليني من متوسط افتراض بنك إنجلترا، فسيكون التضخم أقل بمقدار 1 نقطة مئوية تقريباً على مدار كل عام من العامين الأولين.