تباطأت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة الشهر الماضي، حيث أصبح المتسوقون أكثر حذراً في عمليات شراء السلع غير الضرورية، في ظل تسجيل التضخم أعلى معدلاته في عقود، وزيادة أسعار الفائدة.
كشفت بيانات وزارة التجارة الجمعة، أن القيمة الإجماليية لمشتريات التجزئة تغيرت بصورة طفيفة في سبتمبر الماضي، عقب زيادة معدلة بنسبة 0.4% في أغسطس الماضي. وباستثناء البنزين، زادت مبيعات التجزئة بنسبة 0.1%، مع الإشارة إلى أن الأرقام لم تُعدّل وفقاً للتضخم.
فئات متراجعة
تراجعت مبيعات 7 فئات من أصل 13 فئة للبيع بالتجزئة خلال الشهر الماضي، حسب التقرير، بما فيها مبيعات وكلاء السيارات ومنافذ بيع الأثاث ومتاجر السلع الرياضية وشركات تجارة الإلكترونيات. أما قيمة المبيعات في محطات الوقود، فقد تراجعت بنسبة 1.4%، ما يعكس انخفاض أسعار الوقود، وإن كانت قد بدأت بالارتفاع من جديد.
من غير الواضح إلى أي مدى أثّر إعصار "إيان" على البيانات، بعدما دمّر فلوريدا ومناطق في ساوث كارولينا أواخر الشهر الماضي. على الأرجح، ستمنع تداعيات الإعصار السكان المحليين من تناول الطعام بالخارج، بينما ستشجعهم على تخزين احتياجاتهم قبل العاصفة.
تظهر بيانات مبيعات التجزئة الضعيفة، إلى أي مدى يشعر المستهلكون بضغوط تفوق ضغوط الأسعار الجامحة. نظراً لأن التضخم يعطي مؤشرات محدودة على التباطؤ، لا يزال العديد من الأميركيين يعتمدون على بطاقات الائتمان والمدخرات للتماشي مع ذلك، كما أن إنفاق المزيد على السلع الضرورية، لا يترك إلا القليل من للمشتريات غير الضرورية.
من المنتظر أن يحافظ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على وتيرته المتنامية لزيادة أسعار الفائدة لكبح الطلب في كافة أنحاء الاقتصاد، رغم أن بيانات المبيعات تدل على أن هذا الأمر يحدث بالفعل. فقد هبطت قيمة المتحصلات في منافذ بيع مواد البناء بنسبة 0.4%، عقب المكاسب القوية خلال الشهرين السابقين، ما يبرز تأثير تزايد تكاليف الاقتراض، مع التذكير بأن أسعار الفائدة على الرهون العقارية في الوقت الحالي، تُعتبر الأعلى منذ عقدين.
مخاطر التشدد
تتزايد المخاطر من أن تدفع السياسة النقدية المتشددة الولايات المتحدة للدخول في ركود اقتصادي، في وقت يعاني فيه المستهلكون فعلاً من التضخم، ما قد يجعل الانكماش الاقتصادي أكثر إيلاماً.
أكدت البيانات الصادرة الخميس على شدة معضلة التضخم بالنسبة إلى الاحتياطي الفيدرالي، إذ قفز مقياس رئيسي لأسعار المستهلكين إلى أعلى مستوى له خلال 40 سنة الشهر الماضي. وبذلك، فإن التضخم يتجاوز بصورة كبيرة زيادات الأجور، فيما يرجع جزء كبير من ارتفاع التضخم إلى قفزات في تكلفة الغذاء والإسكان والرعاية الطبية.
قالت روبيلا فاروقي، كبيرة خبراء الاقتصاد الأميركيين في شركة"هاي فريكوينسي إيكونوميكس" (High Frequency Economics)، في مذكرة: "ستبقى تكاليف الاقتراض العالية والتضخم المرتفع -الذي لم يظهر حتى الآن أي مؤشر على التباطؤ- بمثابة رياح معاكسة للإنفاق في المستقبل".
قطاع الخدمات
على الرغم من عدم تعديله بحسب زيادة الأسعار، فإن تقرير مبيعات التجزئة يعطي فقط لمحة حول الإنفاق على قطاع الخدمات، حيث كان الأميركيون يحوّلون المزيد من دولاراتهم إليه. ستُنشر صورة أكمل لطلب الأسر في سبتمبر الماضي، والتي تتضمن الإنفاق على الخدمات والأرقام المعدلة وفقاً للتضخم، في وقت لاحق من الشهر الجاري.
صعدت مبيعات المجموعة المرجعية -المستخدمة لحساب الناتج المحلي الإجمالي مع استبعاد خدمات الأغذية ووكلاء السيارات ومخازن مواد البناء ومحطات البنزين- بنسبة 0.4% في سبتمبر المنصرم، عقب ارتفاع بنسبة معدلة بالزيادة، بلغت 0.2% خلال الشهر السابق.