تستعد ليز ترَس للتراجع عن أجزاء من استراتيجيتها الاقتصادية في وقت لاحق اليوم الجمعة، بعد أسابيع من ضغوط السوق على رئيسة وزراء بريطانيا لتوضح كيف ستدفع مقابل هذه الحزمة الضخمة من التخفيضات الضريبية.
كشف شخص مطلع على الأمر طلب عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة خطط غير معلنة عن هذه الخطوة، ولم يحدد الإجراءات التي ستتراجع عنها ترَس. وقال مكتب رئيسة الوزراء في وقت لاحق إنها ستعقد مؤتمراً صحفياً يوم الجمعة، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
يتركز الاهتمام على ما إذا كانت ترَس ستلغي تجميداً في ضريبة الشركات العام المقبل، وبدلاً من ذلك سترفعها كما كان مخططاً لها مسبقاً من قبل سلفها، بوريس جونسون. كان هناك صخب متزايد لرئيسة الوزراء المحاصرة بعكس مسارها منذ 23 سبتمبر، عندما أعلن وزير الخزانة كواسي كوارتنغ عن أكبر حزمة من التخفيضات الضريبية غير الممولة في نصف قرن.
أدى ذلك إلى فزع الأسواق، ليهبط الجنيه الإسترليني إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار، وأُجبر بنك إنجلترا على التدخل الطارئ لدعم سوق السندات. ومن المقرر أن ينتهي ذلك اليوم الجمعة، مما يزيد الضغط على الحكومة للتحرك.
وجاءت أنباء التحول الوشيك في الوقت الذي هبط فيه كوارتنغ في مطار هيثرو، بعد أن قطع رحلته لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن. ذكرت صحيفة "التايمز" أنه سيتم إعفاء كوارتنغ من منصبه قبل التعديلات الضريبية، على الرغم من أن المتحدثة الصحفية باسم ترَس رفضت التعليق على ما وصفته بـ"التكهنات".
يتحرك الجنيه ليكون العملة الرئيسية الأفضل أداءً هذا الأسبوع، وسط توقعات بأن الحكومة ستضطر إلى إجراء تحول مالي.
خطة ممزقة
إذا غيّرت الحكومة مسارها، فهذا يُعدّ انتصاراً نوعاً ما لمحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، بعد أن اضطر البنك إلى اتخاذ موقف متناقض يتمثل في شراء السندات لدعمها بالسوق، مع رفع أسعار الفائدة لمحاولة كبح جماح التضخم.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، كرر بيلي أن برنامج الطوارئ سينتهي كما هو مخطط يوم الجمعة، مما يضع مصداقية البنك المركزي على المحك في مواجهة ضغوط السوق لتمديد المشتريات. يبدو أن التوتر المستمر في السوق قد أجبر الحكومة على تغيير رأيها.
على الرغم من عدم وضوح تفاصيل حول الأجزاء التي ستتراجع عنها من خطتها؛ فإن اضطرار ترَس للقيام بذلك يمثل ضربة كبيرة لرئيس الوزراء بعد ما يزيد قليلاً عن خمسة أسابيع من ولايتها، إذ رسخت هي وكوارتنغ سمعتهما على أساس شامل للنمو، وسعت رئيسة الوزراء إلى تصوير نفسها كقائدة ستحافظ على عزمها في متابعة أهدافها.
لكن مع هبوط حزب المحافظين في استطلاعات الرأي، ومطالبة نواب حزب المحافظين علناً بتغيير المسار، واستمرار اضطراب الأسواق المالية؛ فإنهما وجدا (ترَس وكوارتنغ) أنفسهما محاصرين في زاوية من دون خروج سهل. يمكنهما إما التمسك بأسلحتهما ومواجهة احتمالية حدوث المزيد من الفوضى في السوق، أو تمزيق سمعتهما عبر تغيير المسار.
ثقب أسود
عكف المسؤولون على صياغة خيارات لرئيسة الوزراء ترَس تتعلق بكيفية تغيير المسار وسد الثقب الأسود البالغ 60 مليار جنيه إسترليني (68 مليار دولار) في المالية العامة للدولة، وفق تقديرات معهد الدراسات المالية.لكنهم كانوا ينتظرون أيضاً عودة كوارتنغ من الولايات المتحدة.
يُنظر إلى ضريبة الشركات على أنها الهدف الأكثر ترجيحاً لعكس السياسة، خاصةً أنها كانت أحد المجالات التي رفض كوارتنغ استبعاد التراجع عنها يوم الخميس.
في ظل إدارة بوريس جونسون، كان من المقرر أن يتم رفع الضريبة إلى 25% من 19% في أبريل. ولكن حكومة ترَس تعهدت بإلغاء الزيادة. عندما كشف كوارتنغ عن استراتيجيته الشهر الماضي، قدّرت وزارة المالية أنها ستكلف في المتوسط أكثر من 13 مليار جنيه إسترليني سنوياً على مدار 5 سنوات.
وتشمل الخيارات الأخرى التراجع عن التخفيض المخطط له في المعدل الأساسي لضريبة الدخل إلى 19% من 20%، وهو مسار عمل غير مستساغ سياسياً. فضلاً عن خفض الإنفاق؛ وهو أمر تعهدت ترَس بعدم القيام به يوم الأربعاء، بجانب التراجع عن الإجراءات الأصغر بما في ذلك استرداد ضريبة القيمة المضافة على تسوق السياح، بالإضافة إلى خفض مخطط في ضريبة التوزيعات النقدية.
إذا فشل كوارتنغ، فسيتم طرح أسئلة أيضاً حول مستقبل ترَس: لقد صوّر الاثنان نفسيهما على أنهما متورطان في الاقتصاد، وكانت حزمة الإجراءات التي تم الإعلان عنها في سبتمبر مشروعاً مشتركاً.
من قد يخلف كوارتنغ؟
من بين الخلفاء المحتملين لكوارتنغ وزراء الخزانة السابقين نظيم الزهاوي وساجد جافيد وريشي سوناك. عمل الزهاوي كمسؤول خلال حملة القيادة خلال الصيف، وجافيد هو عضو مجلس الوزراء المخضرم الذي شغل عدة مناصب عليا.
ستكون عودة سوناك إلى الدور الذي شغله في معظم فترة رئاسة جونسون للوزراء ستكون بمثابة صدمة، لأنه كان خصم ترَس الأخير في سباق القيادة الذي كشف الهوة في حزب المحافظين حول كيفية إدارة الاقتصاد. حذّر سوناك ترَس مراراً من فوضى السوق التي ستطلقها- وهو توقع أكدته الأحداث.