يمنح ارتفاع أسعار النفط وقتاً إضافياً لسلطنة عُمان للمضي قُدماً في تنفيذ أجندة الإصلاح المالي والاقتصادي، وفق وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، التي رفعت نظرتها المستقبلية لاقتصاد البلاد إلى إيجابية من مستقرة.
ورغم ذلك، فإن المخاوف تُثار من الرياح المعاكسة التي قد تأتي من الانخفاضات المستقبلية المحتملة في الطلب على النفط وأسعاره ما قد يؤثر على الهيكل المالي للدولة ومستوى الدين الحكومي اللذان تحسنا خلال الفترة الحالية.
هذه المخاوف دفعت "موديز" إلى الإبقاء على تصنيف السلطنة عند "Ba3" وهي الدرجة الثالثة في التصنيف غير الاستثماري للوكالة.
عوائد النفط
استفاد منتجو النفط في الخليج من الارتفاع الحاد في أسعار النفط منذ بداية العام الماضي، مع ارتفاع الطلب عقب فتح الاقتصادات التي أغلقتها جائحة كورونا، كما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حدوث اضطرابات في الإمدادات، مما أدى إلى مواصلة الأسعار ارتفاعها مع استمرار نمو الطلب الوقود.
تحوّلت ميزانية عُمان إلى تحقيق فائض في النصف الأول من العام الحالي 2022، مقابل عجز محقّق خلال نفس الفترة من العام الماضي، وذلك بفضل زيادة كبيرة في صافي الإيرادات النفطية. وبلغ الفائض المالي 784 مليون ريال مقابل عجز بقيمة 1.108 مليار ريال.
ارتفع متوسط سعر برميل النفط العماني خلال النصف الأول إلى نحو 87 دولاراً للبرميل، مقابل متوسط بلغ 53 دولاراً خلال نفس الفترة من العام الماضي، كما زاد متوسط الإنتاج إلى 2.037 مليون برميل يومياً، مقارنة بمتوسط إنتاج 952 ألف برميل يومياً.
تحفيز النمو
استفادت حكومة الدولة من الإيرادات المالية الإضافية خلال عام 2022، عبر تسريع وتيرة تحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق الإنمائي عمّا هو معتمد في الميزانية العامة للدولة ليبلغ 1.1 مليار ريال بزيادة 200 مليون ريال لتُوجّه نحو المشاريع ذات الحاجة الملحّة.
تسعى سلطنة عُمان إلى خفض الدين العام وإدارة محفظة القروض، من خلال إعادة شراء بعض السندات السيادية وسداد قروض عالية الكلفة وإصدار صكوك محلية للتداول في بورصة مسقط، ما أسفر عن تراجع الدين العام إلى 18.6 مليار ريال بنهاية يوليو 2022 وتوفير فوائد واجبة السداد بقيمة 127 مليون ريال من خدمة الدين المستقبلية.
مخاطر سلبية
على الرغم من التحسينات في الأوضاع المالية والحساب الجاري للدولة منذ عام 2020، إلا أن قدرة الهيكل المالي لمواجهة الانخفاضات المستقبلية المحتملة في الطلب على النفط وأسعاره لا يزال ضعيفاً، وفق موديز. تنبع مخاطر التطورات السلبية بوجه خاص من عدم اليقين إزاء الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي وأسعار النفط، واحتمال ظهور موجة جديدة من الإصابات بفيروس كوفيد-19، وفق تقرير صندوق النقد الدولي عن السلطنة صدر الأسبوع الجاري.
يُضاف إلى ذلك تشديد الأوضاع المالية العالمية بدرجة أكبر من المتوقع، وزيادة الضغوط التضخمية من جراء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية، واستمرار الانقطاعات في سلاسل الإمداد العالمية، والضغوط من أجل إنفاق العوائد الاستثنائية المحققة من الهيدروكربونات، والأحداث المرتبطة بالمناخ.
رؤية 2040
تواصل السلطات في سلطنة عمان سعيها الحثيث نحو تنفيذ مجموعة واسعة من الإصلاحات الهيكلية في إطار "رؤية عُمان 2040" بهدف تحقيق نمو قوي وغني بالوظائف ومستدام بقيادة القطاع الخاص لتوفير فرص للباحثين عن عمل وضمان تحسين الأوضاع المعيشية للأجيال المستقبلية.
تتضمن أهم الأولويات تعزيز مرونة سوق العمل، وزيادة نسب مشاركة الإناث في القوة العاملة، وتحسين بيئة الأعمال، والمضي قُدماً في إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، والاستفادة من التحول الرقمي، ومواصلة العمل على تنفيذ المبادرات الخضراء.