إنْ لم تحدث مفاجأة غير متوقَّعة، ستكون إيطاليا الآن في طريقها نحو تولي أول رئيسة وزراء من اليمين المتطرف للبلاد، عقب انهيار حكومة ماريو دراغي. فمن المقرر إقامة الانتخابات غداً الأحد، والتي ستكون الأولى من نوعها منذ إقرار التعديلات الدستورية التي قلّصت عدد أعضاء البرلمان الإيطالي بمجلسيه. كما تأتي في الوقت الذي تكافح فيه منطقة اليورو- صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم وواحدة من الأكثر مديونية- من تداعيات تكاليف الطاقة المتزايدة، ورفع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى غزو روسيا لأوكرانيا.
1) من يشارك في السباق الانتخابي؟
يتصدر المشهد التحالف اليميني بقيادة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف الذي تتزعمه جورجا ميلوني، ويضم أيضاً حزب الرابطة الإيطالية برئاسة ماتيو سالفيني، و"فورزا إيطاليا" الذي يتولى زمامه سيلفيو برلسكوني، وكان مسؤولاً عن سقوط حكومة دراغي.
في حالة فوز الكتلة اليمينية؛ يمكن أن تصبح ميلوني أول امرأة تتولى رئاسة وزراء إيطاليا. كما ينافس في الانتخابات الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إنريكو ليتا، بالتعاون مع حلفاء أصغر من الوسط واليسار، فيما تُرشح حركة "النجوم الخمس" المناهضة للمؤسسات نفسها بشكل منفرد. كما يشارك تحالف من الوسط يضم ديمقراطيين سابقين.
2) متى ستُنشر النتائج؟
تُغلق صناديق الاقتراع في تمام الساعة 11 مساءً بالتوقيت المحلي لإيطاليا. بعدها يبدأ فرز الصناديق على الفور، مع ظهور أرقام أكثر دقة حول أسماء المُتصدرين للسباق خلال ساعات متأخرة من الليل. من المقرر اجتماع البرلمان الجديد في 13 أكتوبر المقبل لانتخاب رئيسي مجلسي النواب والشيوخ. بعد ذلك تبدأ عملية تشكيل الحكومة الجديدة رسمياً. سيبقى دراغي رئيس وزراء تصريف الأعمال حتى تُشكّل الحكومة الجديدة، وربما يحدث ذلك في النصف الثاني من أكتوبر.
3) ما الشيء المختلف بشأن هذه الانتخابات؟
خفّضت الإصلاحات الدستورية التي جرت الموافقة عليها في استفتاء 2020 عدد أعضاء مجلس الشيوخ من 315 إلى 200، والنواب من 630 إلى 400. نتيجة لذلك؛ أُعيد تخطيط الدوائر الانتخابية وتوسيعها. سيُخصص 37% تقريباً من المقاعد لمرشحي الأحزاب الحاصلين على أكبر قدر من الأصوات في الدوائر الانتخابية، فيما سيُخصص الباقي بما يتناسب مع عدد الأصوات التي يحصلون عليها على المستوى الوطني. يشجع هذا النظام الأحزاب على تشكيل ائتلافات لأنَّ ذلك يزيد من فرصها في الفوز بالمقاعد الأولى المرتبطة بعدد الأصوات (مقاعد التمثيل النسبي).
اقرأ أيضاً: "المركزي الأوروبي" أنفق المليارات لحماية إيطاليا عبر خط دفاعه الأول
تحتاج الأحزاب للوصول إلى 3% من الأصوات للتأهل لمقاعد التمثيل النسبي، والائتلافات 10%. تزامن انطلاق الحملات الانتخابية مع موسم العطلة الصيفية، وهي فترة جرى تجنّبها خلال القرن الماضي، ويعزى ذلك أساساً إلى الحاجة لإقرار ميزانية سنوية بحلول منتصف الخريف. كان المسؤولون منشغلين بإعداد توقُّعات جديدة للنمو والديون والعجز، وذلك كجزء من ميزانية موجزة يجب نشرها في غضون أيام من تصويت حكومة دراغي المنتهية ولايتها.
4) ما الفرق بين مجلسي النواب والشيوخ؟
بحسب الدستور الإيطالي، يحظى المجلسان بسلطات متساوية، بالإضافة إلى مهمة تعيين رئيس الوزراء، كما يجب أن يوافق المجلسان على جميع التشريعات. عادة ما يترشح قادة الأحزاب لشغل مقعد في مجلس الشيوخ، الذي يعتبر رئيسه ثاني أعلى مسؤول بالرتبة في البلاد. أدى تغيير دستوري حديث إلى خفض الحد الأدنى لسن التصويت لأعضاء مجلس الشيوخ إلى 18 بدلاً من 25، بحيث يُطبق نفس القاعدة المعمول بها في المجلس الأدنى، أو بمعنى أصح "مجلس النواب". يُشترط ألا يقل عمر المرشحين لعضوية مجلس الشيوخ عن 40 عاماً، و25 عاماً على الأقل في مجلس النواب.
5) كيف يتم اختيار رئيس الوزراء؟
بعد مشاورات مع الأحزاب السياسية، يعيّن الرئيس الإيطالي رئيس الوزراء، ويكون دور رئيس البلاد شرفياً في الغالب. وعملياً، يحدد التحالف الذي يفوز في الانتخابات رئيس الوزراء الجديد.
اقرأ أيضاً: المستثمرون يترقبون تعيين وزير جديد للمالية الإيطالية.. فمن هو الأوفر حظاً؟
بعدها يختار رئيس/ رئيسة الوزراء أسماء الوزراء الجدد (الذين يعينهم الرئيس أو يرفضهم رسمياً أيضاً) لتشكيل حكومة، وتحتاج هذه الحكومة إلى تصويت بالثقة من البرلمان في غضون 10 أيام من انعقاد أولى جلساته. وإذا لم يكن هناك فائز بأغلبية كبيرة في الانتخابات، يمكن للرئيس أن يعطي تفويضاً مشروطاً لشخص يعتقد أنَّه قادر على حشد الدعم الكافي لتشكيل حكومة وفاق أو ائتلاف واسع النطاق. إذا لم ينجح أحد في حشد أغلبية؛ يمكن للرئيس حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة، بالرغم من أنَّ ذلك لم يحدث من قبل.
6) ما أسباب عدم استقرار المناخ السياسي الإيطالي إلى هذا الحد؟
عانت البلاد من تفرقة كبيرة في الماضي، مع انقسام الانتماءات السياسية بين عدّة الأحزاب، والتي شارك ما يزيد عن 20 منها في المجلس التشريعي المنتهية ولايته. يتبع الكثير من هذه الأحزاب أيديولوجيات متشابهة لكنَّهم اختلفوا كثيراً حول من سيحصل على مناصب قيادية رئيسية. غالباً ما تتكّون الائتلافات من 3 أحزاب أو أكثر، كما تشتهر بعدم الاستقرار بشكل ملحوظ. يعد التنقل بين الأحزاب أمراً شائعاً أيضاً، فقد بدّل أكثر من 400 نائب وعضو مجلس شيوخ انتماءاتهم السياسية منذ 2018. كما شهدت حركة "النجوم الخمس" التي كانت يوماً ما أكبر قوة سياسية منفردة في البلاد، انخفاضاً في عدد نوابها بمجلس النواب بأكثر من النصف منذ التصويت السابق.