أعلنت الحكومة الأسترالية رفع سقف الهجرة الدائمة إليها في خطوةٍ تسمح لإضافة ما يصل إلى 35 ألف عاملٍ إضافي بدخول البلاد سنوياً، فما يُعدّ جزءاً من جهودها الرامية إلى التخفيف من تفاقم أزمة نقص العمالة التي تشهدها البلاد.
هذه الزيادة من المحتمل أن تضيف المزيد من الممرضين والمهندسين والعمال الزراعيين إلى الشركات الأسترالية المتعثرة، حسبما قالت وزيرة الشؤون الداخلية كلير أونيل خلال "قمة الوظائف والمهارات الحكومية" التي عُقدت في كانبيرا يوم 1 سبتمبر.
يذكر أن أستراليا كانت تسمح سابقاً بدخول 160 ألف مهاجر دائم كحدٍّ أقصى سنوياً.
وأضافت الوزيرة: "ينصبّ تركيزنا دائماً على توظيف الأستراليين أولاً، لكن تأثير تفشي جائحة كورونا كان شديداً لدرجة أنه حتى لو اتخذنا كل الإجراءات اللّازمة، سنظلّ نعاني من نقص في العمالة، على الأقل على المدى القصير".
حلول لسوق العمل
كان هذا الإعلان واحداً من 36 قراراً روّجت لها الحكومة التي تنتمي للحزب الألباني خلال "قمة الوظائف والمهارات" التي استمرت ليومين. واجتمع خلالها قادة سياسيون بارزون وشخصيات من عالم الأعمال وممثلي نقابات لمناقشة الأجور المتدنية في أستراليا ونقص العمالة الماهرة الذي تعاني منه البلاد واتخاذ حلول بشأن ذلك.
وبالإضافة إلى التعديلات التي طرأت على الهجرة، وافق المشاركون في القمة على إنفاق مليار دولار أسترالي (ما يُعادل 679 مليون دولار أميركي) لزيادة التمويل الممنوح لأماكن التدريب على المهارات، وتخفيف القيود المفروضة على مفاوضات واتفاقيات الشركات العالمية، وزيادة المرونة للسماح للطلاب الدوليين بالعمل في البلاد.
في هذا السياق، تهدف زيادة عدد المهاجرين إلى أستراليا إلى تخفيف الصعوبات التي تواجهها الشركات الأسترالية في تأمين الموظفين وسط اقتصاد متعطش لها، حيث تُعتبر سوق العمل الحالية في أسترالياً الأكثر حاجة للعمالة منذ نحو نصف قرن.
تبلغ نسبة البطالة 3.4% في البلاد ومن المتوقع أن تنخفض بشكل أكبر على الرّغم من استمرار البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة لتهدئة الطلب وكبح التضخم.
نقص العمالة
يُذكر أنه قبل الإغلاقات التي فُرضت مع تفشّي جائحة كورونا في عام 2020، كانت سوق العمل تضم نحو 400 ألف طالب دولي إلى جانب 250 ألف من العاملين تحت تأشيرة البحث عن العمل الخاصة بأستراليا سنوياً في البلاد، وعمل معظم هؤلاء في الفنادق والمطاعم.
تضاءل هذا العدد من العمّال بشكل كبير بعد أن أغلقت البلاد حدودها استجابةً للوباء وطلبت من السكان المؤقتين مغادرة البلاد. كما عانت العمالة الماهرة المهاجرة هي الأخرى في ذلك الوقت.
من جانبها، أعلنت أونيل في كلمة ألقتها في لجنة منفصلة في الأول من سبتمبر أنها ستحقق في إصلاح نظام الهجرة في أستراليا قائلة إنه سيتم تعيين "ثلاثة أستراليين بارزين" لدراسة التغييرات المطلوبة. كما أوضحت أن نتائج المراجعة ستُعلن قريباً.
في هذا السياق، اعتبرت وزيرة المالية كاتي غالاغر هذا الاجتماع إنجازاً كبيراً وفقاً لما قالته ضمن مقابلة لـ"بلومبرغ" قبل عقد القمة. وقالت: "وجود الكثير من المواطنين الأستراليين في مكان واحد، ممن يرغبون في التحدث والتوصل إلى توافق في الآراء والاستماع إلى بعضهم البعض، يشكّل ديناميكية مختلفة تماماً عن تلك التي نتّبعها منذ عقد من الزمان".
فتح الحدود
أعادت أستراليا أخيراً فتح حدودها الدولية في فبراير الماضي. لكن الهجرة إليها لم ترجع إلى المستويات التي كانت عليها قبل تفشي الوباء، ما يؤدي بدوره إلى تفاقم أزمة العمالة حيث تقترب الوظائف الشاغرة في البلاد من بلوغ مستويات قياسية.
تعليقاً، تقول لبليندا ألين، كبيرة الاقتصاديين في "كومنولث بنك أوف أستراليا" (Commonwealth) وهو البنك الأكبر في البلاد: "على الرغم من نقص العمالة الذي تشهده البلاد، لم يطرأ تحوّل كبير على هجرة المهارات".
مضيفة: "غيّرت بعض الدول الأخرى والتي منها المملكة المتحدة وكندا مسار تأشيراتها نحو الإقامة الدائمة سعياً إلى جذب واستقطاب العمالة الماهرة كما حرصت على إبقاء حدودها مفتوحة خلال تفشي الوباء".
كانت الحكومة الأسترالية أعلنت سابقاً تعديلات في سقف الهجرة للسنة الحالية 2022-2023 ورفع هجرة العمالة الماهرة إلى معدلات ما قبل الوباء وذلك إلى 109 ألف و900 مهاجر بعد أن كانت تبلغ 79 ألفاً و600 مهاجر فقط. وبدءاً من السنة الحالية 2022-2023، لن يكون هناك أي سقف لعدد التأشيرات الممنوحة لأزواج المهاجرين.
عبّر قادة الأعمال خلال القمة التي عقدتها الحكومة عن دعمهم إلى حد كبير اتّخاذ هذه الخطوة الهادفة لزيادة مستويات الهجرة. ومن جهته، قال الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة الأسترالية أندرو ماكيلار إنها "خطوة مهمة نحو الأمام" بينما أشار آلان جويس الرئيس التنفيذي لشركة "كوانتاس إيروايز " (Qantas Airways) للصحفيين إلى ضرورة هجرة العمالة الماهرة إلى أستراليا.
مُضيفاً: "شهدنا عامين من غياب الهجرة الماهرة القادمة إلى البلاد، لدينا بعض المناطق في أستراليا التي تفتقر بوضوح إلى الناس".