من المتوقع أن تصل رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان مساء الثلاثاء في تحدٍّ للتهديدات الصينية، وهي رحلة من شأنها أن تجعلها أكبر سياسية أميركية تزور الجزيرة منذ 25 عاماً.
من المنتظر وصول بيلوسي عند الساعة 10:20 مساءً بالتوقيت المحلي عبر طائرة خاصة في مطار سونغشان، وفقاً لصحيفة "ليبرتي تايمز"، وهي إحدى وسائل الإعلام العديدة المرتبطة بالحزب الحاكم الذي تنتمي إليه رئيسة تايوان تساي إنغ ون. بدورها قالت وزارة الخارجية التايوانية في إيجاز صحفي دوري بعد ظهر الثلاثاء إنها لا تستطيع التعليق على التكهنات حول رحلة بيلوسي.
قالت المتحدثة باسم الوزارة، جوان أو، للصحفيين: "ترحب تايوان دائماً بالزوار الدوليين القادمين إليها لاكتساب فهم أفضل لتايوان ولإظهار دعمهم لتايوان".
من جانبها تعهدت الصين، التي تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها، بردّ عسكري غير محدد على أي زيارة لبيلوسي تهدد بإثارة أزمة بين أكبر اقتصادين في العالم، إذ قال الرئيس شي جين بينغ الأسبوع الماضي للرئيس جو بايدن إنه سيحافظ "بحزم على السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها" وأن "كل من يلعب بالنار سيحترق".
في حين أن هناك قليلاً من الدلائل على أن الصين تخطط لغزو واسع النطاق لتايوان، فإن بكين ردت على الزيارات السابقة للمسؤولين الأجانب من خلال القيام بطلعات جوية كبيرة على منطقة تحديد الدفاع الجوي في تايوان أو عبر خط الوسط الذي يقسم المضيق الفاصل بين الصين وتايوان. أفادت قناة "تي في بي إس" التايوانية بأن عدداً كبيراً من الطائرات الحربية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني حلقت بالقرب من خط الوسط صباح يوم الاثنين، مضيفة أنه جرى نشر السفن الحربية التايوانية أيضاً، في ما وصفته بعملية روتينية. أفادت وزارة الدفاع التايوانية في بيان يوم الثلاثاء بأن جيش الجزيرة مستعدّ لإرسال "قوات مسلحة ملائمة حسب التهديد". وأضافت أن "الجيش مصمم وواثق وقادر على ضمان الأمن القومي".
انتشر الحذر في الأسواق المالية مع بدء العد التنازلي لزيارة بيلوسي. انخفض مؤشر "إم إس سي آي" (MSCI) للأسهم في آسيا والمحيط الهادي بأكبر قدر في ثلاثة أسابيع، وكانت أشد الانخفاضات في هونغ كونغ والصين وتايوان. كما كانت العقود الآجلة للأسهم الأميركية والأوروبية في المنطقة الحمراء، فيما ارتفعت سندات الخزانة وعملة الين وسط الطلب على الملاذات الآمنة. في يوم الثلاثاء، عقدت بيلوسي اجتماعات في ماليزيا، المحطة الثانية لها في جولة عبر آسيا انطلقت في اليوم السابق من سنغافورة. قال أشخاص مطلعون على الأمر إنها ستزور تايوان بعد ماليزيا، قبل أن تتوجه إلى كوريا الجنوبية واليابان، وهما حليفان مخلصان للولايات المتحدة.
ذكرت صحيفة "آبل ديلي" أن السياسية الأميركية ستزور البرلمان التايواني صباح الأربعاء وتتناول الغداء مع الرئيسة التايوانية تساي.
بهذه الزيارة ستصبح بيلوسي أكبر سياسي أميركي يزور تايوان منذ أن قام رئيس مجلس النواب آنذاك نيوت غينغريتش بذلك في عام 1997. من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان يوم الاثنين إن مكانة بيلوسي باعتبارها المسؤولة رقم 3 في الولايات المتحدة جعلت رحلتها شديدة الحساسية، مؤكداً أن الجيش "لن يقف مكتوف الأيدي".
ستجري مراقبة رد فعل الصين على زيارة بيلوسي من كثب، إذ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، على قناة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) يوم الاثنين، إن بكين لا ينبغي أن تنظر إلى رحلتها على أنها استفزاز. وأضاف أنه "من المثير للقلق أن الصينيين قد يستخدمون هذا ذريعة من أجل زيادة التوترات بشكل فعلي".
ذكرت وسائل الإعلام الصينية، بما في ذلك "غلوبال تايمز" التابعة للحزب الشيوعي، أن جيش التحرير الشعبي سيردّ بحزم على رحلة بيلوسي، ربما عن طريق إرسال طائرات حربية فوق الجزيرة مباشرة.
سيترتب على تايوان بعد ذلك أن تقرر ما إذا كانت ستسقطها، وهي خطوة قد تؤدي إلى نزاع عسكري أوسع. وسيتعين على الصين أن تدرس احتمالية انجرار أميركا وحلفائها في المنطقة عسكرياً.
بدوره قال بايدن في شهر مايو إنّ واشنطن ستتدخل للدفاع عن تايوان في حال حدوث أي هجوم من الصين، على الرغم من أن البيت الأبيض أوضح لاحقاً أنه كان يقصد أن الولايات المتحدة ستوفر الأسلحة، وفقاً للاتفاقيات القائمة.
بموجب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في عام 1978 لتطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، وافقت واشنطن على الاعتراف ببكين فقط بوصفها مقراً للحكومة الصينية، واعترفت بالموقف الصيني القائل إنه لا يوجد سوى صين واحدة وإن تايوان جزء من الصين.
أصرت الولايات المتحدة على أن أي توحيد بين الجزيرة والبر الرئيسي يجب أن يكون سلمياً، وزودت تايوان بأسلحة متطورة فيما ظلّت غامضة عن عمد بشأن ما إذا كانت القوات الأميركية ستساعد في الدفاع ضد أي هجوم صيني.
يذكر أن الزيارات التي قام بها المشرعون الأميركيون من المستوى الأدنى قد أدت إلى ردود فعل عسكرية من جانب الصين. في نوفمبر الماضي حلقت الطائرات الحربية الصينية حول الجانب الشرقي من الجزيرة بعد زيارة قام بها وفد من الكونغرس الأميركي.
حدثت آخر أزمة كبيرة في تايوان بين عامَي 1995و1996، عندما أطلقت الصين صواريخ في البحر بالقرب من المواني، وأرسل الرئيس آنذاك بيل كلينتون مجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة. بعد تلك الحادثة، زار غينغريتش كلاً من تايوان والصين في العام التالي، وأخبر بكين بأن الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة.