يراهن صندوق التحوط الكلي "إي دي إل كابيتال" (EDL Capital) على انخفاض اليورو إلى مستويات لم نشهدها منذ الأيام الأولى لسكه قبل أكثر من 20 عاماً، حيث يغذي التضخم المتفشي عدم الاستقرار على الصعيد السياسي وفي أسواق السندات، مما قد يختبر تماسك المنطقة.
وقال إدوارد دي لانغليد، مؤسس صندوق التحوط، إنَّ ذلك قد يتسبب في بدء "سوق هابطة لليورو" في تحول عن الجولة الحالية لقوة الدولار التي أضعفت العملة الموحدة. يرى دي لانغليد أنَّ مخاطر تراجع إمدادات الغاز الروسي ستؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم، مما سيؤدي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير في وقت يسوده الكساد من جهة، والتسبب بإخفاق ألمانيا في تحمّل تكاليف الحفاظ على تماسك منطقة اليورو من جهة أخرى.
قال دي لانغليد للعملاء في رسالة للمستثمرين هذا الشهر اطلعت عليها "بلومبرغ": "أوروبا على شفا كارثة، مما قد يؤدي إلى تفككها. يمكننا الانتقال إلى مكان لا يكون فيه الدولار قوياً مقابل كل شيء، لكنَّ اليورو يضعف مقابل كل شيء" مستهدفاً سعر 80 سنتاً أميركياً.
يشتهر مدير الأموال، الذي يدير 751 مليون دولار في صندوق التحوط الكلي الخاص به، بمراهناته الضخمة والجريئة. في حين أنَّ دي لانغليد، الذي عمل سابقاً لدى "مور كابيتال مانجمنت" كمدير للأموال، أكسب عملاءه ثروات منذ بدء الصندوق في عام 2015، إلا أنَّه تكبّد خسائر قياسية في فبراير بسبب رهاناته الروسية.
تحرك المركزي الأوروبي
أدى الجمع بين ارتفاع الدولار الذي يغذّيه تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي من جهة، والمخاطر الأوروبية من جهةٍ أخرى، إلى انخفاض اليورو بالفعل إلى ما دون نقطة التعادل مع العملة الأميركية هذا الشهر للمرة الأولى منذ 20 عاماً. يتوقَّع دي لانغليد المزيد من الانخفاضات التي تقترب من مستوى كان قد استدعى تدخل البنك المركزي الأوروبي لدعم اليورو في عام 2000.
حالياً، يبدأ البنك المركزي الأوروبي دورة رفع أسعار الفائدة خلال الشهر الجاري، والتي تكشف نقاط الضعف في الاقتصادات المتنوعة في منطقة اليورو. يأتي ذلك بعد عقد من تعهد رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي بفعل كل ما يلزم لحماية اليورو. لكنْ هناك تخوف من أنَّ المتداولين يدفعون تكاليف الاقتراض للدول المثقلة بالديون، مثل إيطاليا، للارتفاع عبر المراهنة على سنداتها.
لمكافحة التداعيات، كشف البنك المركزي الأوروبي عن أداة تمكّنه من شراء سندات الدول التي تواجه ارتفاعاً في العوائد السيادية بسبب المضاربة السوقية، وفقاً لشروط معينة. لكنَّ دي لانغليد يجادل بأنَّ تكلفة القيام بذلك قد تكون باهظة.
وقال مؤسس صندوق التحوط الكلي في رسالته للمستثمرين: "أوروبا ليس لديها خزانة مشتركة، وتكلفة الحفاظ على تماسكها ستكون باهظة. من المحتمل جداً أن يرفض الألمان القيام بكل ما يلزم للحفاظ على تقارب فروق الأسعار بمجرد مواجهتهم للصعوبات المالية الخاصة بهم".
يذكر أنَّ الاقتصادات الأوروبية ترزح بالفعل تحت وطأة نقص إمدادات الغاز الروسي، فيما يزيد انهيار حكومة دراغي الائتلافية في إيطاليا المخاوف بشأن المزيد من الاضطرابات السياسية. كما أشار دي لانغليد إلى الاستقالة القسرية لبوريس جونسون من رئاسة وزراء المملكة المتحدة والتصويت للمتطرفين في فرنسا قائلاً: "تغيير النظام يحدث في أوروبا".