إشارات الاحتياطي الفيدرالي لا تظهر نيته تحويل مساره.. لكن الأسواق تنوي ذلك

مشاة يسيرون في "وول ستريت" بالقرب من "بورصة نيويورك"، في نيويورك، الولايات المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
مشاة يسيرون في "وول ستريت" بالقرب من "بورصة نيويورك"، في نيويورك، الولايات المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

غير المنطقي والمعقولية

وظيفتي هي فهم الأسواق، وأنا أفعل ذلك بكل سرور. وقد يكون ذلك مدهشاً. المشكلة هي أن هذا يتضمن أن هناك بعض المنطق فيما تفعله الأسواق. وفي أوقات كهذه، يصعب الدفاع عن مثل هذا الاعتقاد.

نبدأ بسلوك عائد سندات الخزانة لأجل عامين -وهو أحد أهم اللبنات الأساسية للتمويل العالمي- على مدار الشهر الماضي منذ عشية نشر بيانات التضخم السيئة بشكل صادم لشهر مايو. لقد كانت تجربة مكثفة لا تنسى. في غضون شهر، ارتفعت أسعار الفائدة على السندات لأجل عامين من 2.7% إلى 3.4% وتراجعت مرة أخرى- وفي آخر 24 ساعة، عادت إلى 3%. إن تقلبات كهذه ليست طبيعية.

لماذا قامت سوق السندات بانعطافتها الأخيرة؟ في البيئة المحمومة الحالية، يمكن أن يكون للبيانات التي يُنظر إليها عموماً ودون ريب على أنها من الدرجة الثانية تأثير كبير. فقد جاء صباح الأربعاء بنقطتي بيانات على الأقل أثارتا فكرة أن الركود ربما ليس حتمياً، حتى لو حاولت السوق فجأة أن تراهن على ذلك وتضعه في الحسبان.

أولاً، أظهر تقرير "مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة" (JOLTS) فرص عمل أكثر مما كان متوقعاً. نعم، انخفض العدد الإجمالي قليلاً، لكنه لا يزال أعلى بكثير مما كان عليه قبل إعادة فتح الاقتصاد بعد الجائحة. ظاهرياً، نظراً لأن العديد من أصحاب العمل يتطلعون إلى توظيف هذا العدد الكبير من الأشخاص، فمن الجنون أن تتأهب لركود وشيك:

ثم جاء تقرير مسح "مديري المشتريات في قطاع الخدمات"، ليتبع بيانات الأسبوع الماضي المخيبة للآمال للغاية حول قطاع الصناعة. يقف قطاع الخدمات في مستوى مختلف بعد إعادة فتح الاقتصاد، ولا يزال في حالة أفضل بكثير من القطاع الصناعي؛ الرقم الإجمالي انخفض، لكنه لا يزال قوياً وأفضل من التوقعات.

وربما يسترعي الاهتمام بالنظر إلى مشكلة التضخم، أن المسح أظهر أيضاً أن الشركات العاملة في قطاع الخدمات تعتبر أن الأسعار لا تزال مشكلة خطيرة. انخفض الرقم بشكل طفيف، لكنه لا يزال أعلى مما كان عليه قبل العام الماضي، باستثناء شهر سبتمبر 2005 فقط، شهر إعصار "كاترينا":

على الهامش، تشير هذه البيانات إلى أننا يجب أن نتوخى الحذر قليلاً بشأن افتراض أنه سيتعين على الاحتياطي الفيدرالي التوقف بسرعة عن رفع أسعار الفائدة. بالنسبة لأولئك الذين يريدون أدلة على أن الاقتصاد يتباطأ بالفعل، كانت هناك بيانات طلبات الرهن العقاري. إن انخفاض الطلب على الرهون العقارية يجب أن يكون أحد التأثيرات الفورية لتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار فائدة، ويبدو أن هذا هو بالضبط ما فعله بنك الاحتياطي الفيدرالي:

وبالنظر إليها مجتمعة، لا تغذي هذه البيانات عادة مثل هذا التحول في سوق السندات. لكننا في ظروف ليست طبيعية. والأهم من ذلك أيضاً، أن ظهر يوم الأربعاء شهد نشر محضر اجتماع يونيو لـ"الجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة"، والذي يمكنك الاطلاع عليه هنا. لم تكن هناك مفاجآت كبيرة لأي شخص استمع إلى المؤتمر الصحفي الذي أدلى به جيروم باول في يوم ذلك الاجتماع، أو إلى كلماته الأسبوع الماضي في مؤتمر البنوك المركزية في سينترا البرتغالية. ولكن مع ترسيخ الشعور بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضطر قريباً إلى عكس مساره، كانت هناك آمال في أن تكشف التفاصيل الدقيقة شروط "التملص" لتوفير عذر لعدم رفع أسعار الفائدة كثيراً. لكنها لم تكن هناك، وكان ذلك مخيباً للآمال.

يمكنك الاطلاع على تحليل "بلومبرغ" للمحضر هنا. برأيي، المقاطع الرئيسية التي يجب قراءتها هي التالية:

"اتفق المشاركون على أن التوقعات الاقتصادية تبرر الانتقال إلى موقف تقشفي للسياسة النقدية، وأدركوا إمكانية أن يكون الموقف الأكثر تشدداً مناسباً إذا استمرت ضغوط التضخم مرتفعة".

هذا يبعث برسالة واضحة مفادها أن بنك الاحتياطي الفيدرالي مستعد لجعل أسعار الفائدة متشددة تماماً، وليست محايدة فقط. ثم يأتي هذا المقطع:

"لاحظ المشاركون أنه مع توقع أن يكون سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية قريباً أو أعلى من تقديرات مستواه على المدى الطويل في وقت لاحق من هذا العام، ستكون اللجنة في وضع جيد لتحديد الوتيرة المناسبة لمزيد من ثبات السياسات وإلى أي مدى تبرر التطورات الاقتصادية تعديلات السياسة. كما أشاروا إلى أن وتيرة رفع أسعار الفائدة ومدى تشديد السياسة في المستقبل سيعتمدان على البيانات الواردة والتوقعات المتغيرة للاقتصاد".

هذه كانت أقرب نقطة لشرط "التملص". بمجرد أن يرفعوا بسرعة وبحدة للوصول إلى نقطة تكون فيها أسعار الفائدة مشددة -ما يمكن أن يحصل قريباً في سبتمبر- يمكن لمحافظي الاحتياطي الفيدرالي التوقف مؤقتاً للنظر في البيانات الواردة قبل اتخاذ قرار بشأن ما يجب فعله بعد ذلك. ومع ذلك، فهم لا يقدمون أي إشارة معينة بأنهم يتوقعون أن يبدأوا في خفض أسعار الفائدة بسرعة. أخيراً جاء ما يلي:

"أشار العديد من المشاركين إلى أن مصداقية اللجنة فيما يتعلق بإعادة التضخم إلى هدف 2%، جنباً إلى جنب مع الاتصالات السابقة، كانت مفيدة في تغيير توقعات السوق تجاه السياسة المستقبلية وساهمت بالفعل في تشديد ملحوظ في الأوضاع المالية التي من المحتمل أن تساعد في تقليل ضغوط التضخم عن طريق تقييد الطلب الكلي".

لا يوجد أي اعتذار هنا عن إخافة الأسواق ورفع أسعار الفائدة. وكما تخبرك معظم قراءات التاريخ المضطرب للسياسة النقدية في السبعينيات، فإن أولوية الاحتياطي الفيدرالي الآن هي استعادة المصداقية المفقودة والسيطرة على توقعات التضخم. إن التراجع دون القيام بذلك قد يلحق أضرارا إضافية بالاقتصاد، وواضح أنهم يعتقدون ذلك.

لا ينبغي أن يكون أي من هذا بمثابة المفاجأة الصادمة لأي شخص يولي انتباهاً. لكن الافتقار إلى المفاجأة السارة المأمولة، في هذه البيئة، أدى إلى ارتفاع عائدات السندات مرة أخرى.

الأسهم الأميركية تصعد مع تراجع مخاوف الركود

تباعد ضفتي الأطلسي

بينما تشتد الإثارة في الولايات المتحدة، تتحرك أسواق السندات الأوروبية أيضاً لوضع حدود قصوى جديدة. ومع ذلك، فهم لا يسيرون في نفس الاتجاه. هذا يرفع سعر الدولار أكثر من أي وقت مضى. بينما انخفض الجنيه البريطاني إلى ما دون 1.19 مقابل الدولار للمرة الأولى منذ عام 1985، وانخفض اليورو إلى أقل من 1.02 مقابل الدولار للمرة الأولى منذ عقدين. لم تأتِ الأيام القليلة الماضية بأخبار جديدة معينة عن اقتصادات منطقة اليورو أو بريطانيا، ولكن هذا بالتأكيد ليس ما يعتقده المرء عند إلقائه نظرة على الرسوم البيانية للعملات:

لماذا هذا؟ أعتقد أن المحرك الرئيسي هو الاختلاف الدراماتيكي في الطريقة التي تنظر بها سوق السندات إلى الاقتصاد على جانبي المحيط الأطلسي. عادة ما تتحرك منحنيات عائد السندات والدولار في نفس الاتجاه. بعبارة أخرى، في أي وقت من الأوقات، ستتسع الفجوة بين عوائد السندات لأجل 10 سنوات وعوائدها لأجل عامين أو تضيق في انسجام تام.

ولكن الآن أصبح منحنى عائد السندات الألماني شديد الانحدار كما كان منذ عام 2019، في حين أن منحنى عائد سندات الخزانة الأميركية انعكس بشدة بعد تداول الأيام القليلة الماضية. في ظاهر الأمر، هذا يعني أن تجار السندات يعتقدون أن الولايات المتحدة تواجه ركوداً، بينما لا يزالون يرون احتمالية حدوث مزيد من التضخم في ألمانيا دون زيادات كبيرة في أسعار الفائدة لكبح جماحها:

هناك سبب بسيط واحد على الأقل لهذا الاختلاف: أوروبا أقرب بكثير إلى روسيا، وأكثر اعتماداً على طاقتها. إن انخفاض أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم يدل على وجود خطر حدوث تباطؤ اقتصادي، لكن خطر التضخم الشديد في أسعار الطاقة في أوروبا لا يزال شديداً. من شأن ذلك أن يكون بمثابة ضريبة على الاقتصاد، ويزيد التضخم، ويجعل من الصعب على "البنك المركزي الأوروبي" رفع أسعار الفائدة. تؤدي هذه الديناميكية إلى ضعف العملة بالنسبة لأوروبا، الأمر الذي يجعل مصدريها على الأقل أكثر قدرة على المنافسة، ولكنه يزيد أيضاً من مشاكل الدفع مقابل المواد الخام. ولكن من المدهش رؤية مدى اختلاف الوتيرة على مدار عامين وأكثر من 10 سنوات.

"المركزي الأوروبي" التعجيل بأسعار فائدة إيجابية دون تأخير

اتسعت الفجوة بين سندات الخزانة والسندات لأجل عامين فوق 2.5 نقطة مئوية، إلى فارق غير مسبوق منذ عام 2019. وفي الوقت نفسه، فإن الانخفاض في عوائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات يعني أنها تتداول الآن بعائد أقل قليلاً من السندات. إذاً تم القضاء على الفارق.

وهكذا، فإن السوق قد قدرت أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بحدة أكبر بكثير من "البنك المركزي الأوروبي" على مدى العامين المقبلين - بينما تضع في اعتبارها أيضاً أن يحقق الاقتصاد هنا وهناك نمواً ضعيفاً خلال العشر سنوات القادمة. الفجوة واسعة تقريباً كما كانت في عام 2018، عندما كان "البنك المركزي الأوروبي" لا يزال يتدخل لإبقاء أسعار الفائدة سلبية بينما كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يحاول المضي قدماً عبر التشديد الكمي لتطبيع سياسته.

تعطي الحرب في أوكرانيا سبباً خارجياً وجيهاً للنظر إلى الاقتصادين على أنهما في أماكن مختلفة. لا يزال من الصعب رؤية كيف يمكن لهذا الخلل الاستمرار لفترة أطول.

على أوروبا إعلان اقتصاد الحرب

ما العمل؟

لا يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي يريد منا أن نستعد لارتفاع التضخم؛ وينشغل الكثير في سوق السندات بالمراهنة على انخفاضه. اذاً ما العمل؟

أنتج فريق التحليل الكمي المكون من غويدو بالتوسين ولورينز سوينكلس وبيم فان فليت في شركة "روبيكو أسيت مانجمنت" (Robeco Assset Management) في هولندا دراسة تاريخية جديدة تبحث في أداء عوامل الاستثمار المختلفة وفئات الأصول في أنظمة تضخم مختلفة بداية من عام 1875. ولم تكن المحصلة النهائية بالنسبة لمحفظة كلاسيكية تتكون من 60% من الأسهم و40% من السندات مفاجئة. إذا ظل التضخم تحت السيطرة بشكل معقول - أقل من 4% - فيجب أن تكون العائدات الاسمية والحقيقية صحية. يميل التضخم المنخفض بين 0 و2% - من النوع الذي اعتدنا عليه لعقد من الزمان بعد الأزمة المالية العالمية - إلى تعزيز أفضل العوائد الحقيقية. ليس من المستغرب أن نظام التضخم الوحيد الذي يجلب عوائد حقيقية سلبية هو التضخم المرتفع، والذي حدده الباحثون عند ـ4% أو أكثر.

ماذا عن استثمار العوامل؟ لقد ثبت أن عدداً من الحالات الشاذة المختلفة التي تظهر في السوق تصبح ثابتة بمرور الوقت. درس الباحثون الكميون الأصول من حيث القيمة (الرخيص يتفوق على مرتفع الثمن)، قوة الدفع (الفائزون يواصلون الفوز بينما الخاسرون يستمرون في الخسارة)، انخفاض المخاطرة (الاستثمارات ذات المخاطر المنخفضة تميل إلى التفوق)، والجودة / والمضاربة على فروق العائد (الاستثمارات التي تولد عائداً نقدياً أعلى تميل إلى الأداء بشكل أفضل).

عندما يتم تعريفها على أنها العائد الناتج عن شراء أفضل الأوراق المالية على المدى الطويل وفقاً لعامل ما وبيع الأسوأ على المكشوف، فإن كل هذه العوامل تميل على الأقل إلى أن تكون إيجابية عبر التاريخ على مدار جميع أنظمة التضخم الأربعة التي فحصها الباحثون. كما تبدو أنها غير متأثرة نسبياً ببيئة التضخم:

إذا كان هذا يبدو بشكل مثير للريبة أنه شيء مجاني (وهو كذلك)، ضع في اعتبارك أن الحالات الشاذة تميل إلى أن تصبح أقل أو تختفي بمجرد اكتشافها. بعض الفرص الكبيرة لاستغلال شذوذ السوق التي انبثقت في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قد تضاءلت أو لم تعد موجودة الآن، حيث اكتشفها الناس وقاموا بمراجعتها.

تأتي معظم النتائج الموضوعية من اختبار الإجهاد، عندما نظر الباحثون الكميون إلى النتائج خلال أوقات سيئة معينة: (1) الركود أو التوسع (على النحو المحدد من قبل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية). (2) انخفاض أو ارتفاع نمو الأرباح. (3) أسواق الأسهم الهابطة أو الصاعدة. (4) زيادة أو خفض أسعار الفائدة. (5) التضخم المتزايد أو المتناقص. تضمنت العينة 30 حالة ركود معلن عنها رسمياً. عند النظر إلى بيئات صعبة معينة، اختبروا كلاً من محفظة قياسية 60/40 (60% استثمار في الأسهم و 40% استثمار في السندات)، بالإضافة إلى محفظة 60/40 تم تطويرها باستخدام الاستثمارات بحسب العوامل أيضاً.

"ويلز فارغو إنفستمنت": أميركا تعاني بالفعل من الركود

تبين أن أزمات الانكماش صعبة ولكنها ليست مستحيلة في التعامل معها بالنسبة لمن يقوم بتخصيص الاستثمار في الأصول، مثلما يمكن تخمين ذلك من تجربة الحياة بين الأزمة المالية العالمية والوباء. أدت إضافة استثمار العوامل إلى تحسين العوائد في كل حالة. حتى بدونها، حققت محفظة 60/40 أرباحاً خلال فترات الركود وهبوط العوائد، وأثناء المراحل الأولى من ارتفاع التضخم من نقطة منخفضة:

لذا، إذا كان الدوران الأخير في السوق دقيقاً، وكانت السنوات القليلة المقبلة أشبه بأزمة انكماش، فهذه ليست نتيجة سيئة لأولئك الذين يحاولون إدارة الأصول. لكن الركود التضخمي أمر مختلف. بحسب ما يقولون:

إن فترات التضخم المصحوب بركود هي أوقات سيئة حقاً، على سبيل المثال متوسط عوائد الأسهم الاسمية -7.1% سنوياً، مما يؤدي إلى عوائد سلبية من أرقام مزدوجة بالأسعار الحقيقية. خلال الأوقات العصيبة، تظل عوائد الأسهم والسندات والمؤشرات الكلية إيجابية باستمرار. على هذا النحو، تساعد المؤشرات الكلية على تعويض بعض، وليس كل، التأثير السلبي للتضخم المرتفع في أوقات الركود.

عندما يكون التضخم مرتفعاً، فإن أي مشكلة إضافية معينة تجعل من الصعب التعامل معه. إذا استمر التضخم المصحوب بالركود في المستقبل، فإن التاريخ يشير إلى أن الخسائر بالنسبة لمستثمري 60/40 أمر لا مفر منه. قد يقلل الاستثمار في المؤشرات الكلية من الضرر قليلاً، ولكن لا يمكن توقع أن يساعد في جني الأرباح:

يساعد كل هذا البحث في شرح الجو الغريب السائد اليوم، حيث يتم الترحيب باحتمالية حدوث انكماش اقتصادي على أنها أخبار جيدة. إذا كنت تدير الأموال، فإن ذلك يوجه ضربات متتالية ضد الركود التضخمي. كما يشير إلى وجود بعض حالات الاستثمار الشاذة المتجذرة بعمق في الطبيعة البشرية لدرجة أنها لن تختفي. وهو ما أعتقد أنه مطمئن. إن الورقة البحثية الكاملة تستحق القراءة بالتفصيل.

نصائح للنجاة

كيف تتصالح مع يوم آخر غير عادي في السياسة البريطانية، حيث فقد بوريس جونسون أكثر من 40 من وزرائه، وواجه نصيحة من مساعديه المخلصين المتبقين بأن اللعبة قد انتهت، وما زال يختار المضي قدماً؟ أحد المخاوف الخطيرة هو أنه يعتزم الإعلان عن خطة تجمع بين التخفيضات الضريبية والإنفاق على الأشياء التي يحبها الناس. قد يكون ذلك شائعاً على المدى القصير. نظراً لأن العملة محاصرة بالفعل، فإن فرص تدهورها قريباً وانزلاقها في كارثة تبدو عالية جداً بالنسبة لي.

أما بالنسبة للموسيقى المصاحبة لهذا اليوم، فقد عُرضت هذه النسخة الصوتية من أغنية "سمفونية حلوة مرة" (Bittersweet Symphony) الرائعة لفرقة "ذا فيرف" (The Verve) قائمة نهاية برنامج "بي بي سي نيوزنايت" التي ظهر فيها أسماء السياسيين الذين سيقدمون استقالاتهم. كانت حركة فعالة جداً. الأغنية الأصلية تصلح أن تكون نشيداً لنمط موسيقى البوب البريطانية "بريتبوب" (Britpop) من التسعينيات، وللأغنية فيديو رائع أيضاً. في الماضي، كانت مارغريت تاتشر مصدر إلهام لبعض الموسيقى الرائعة التي ألفها كارهوها.

جرب الاستماع لأغنية "تنحي يا مارغريت" (Stand Down Margaret) بواسطة فرقة "ذا بيت" (The Beat)، المسجلة عام 1982 قبل ثماني سنوات من استقالة مارغريت. وهناك أيضاً أغنية "مزرعة ماغي" (Maggie’s Farm) التي ألفها بوب ديلان وأعادت غنائها فرقة "ذا سبيشالز" (التي كان لها معنى سياسي مختلف تماماً في بريطانيا في الثمانينيات، والتي تم تغييرها إلى "مزرعة رونالد" عندما تكون في الولايات المتحدة). وهناك أيضاً أغنية "ادهس القذارة" (Tramp The Dirt Down) بواسطة "إلفيس كوستيلو".

لم يكن في بال أحد أن تاتشر تعتزم الاستسلام، إذ إنها وعدت "بمواصلة القتال"، ولكن عندما مرت بنفس التجربة التي يعاني منها جونسون للتو، حذرها مجلس وزرائها من عدم حصولها على دعمهم إذا حاولت متابعة معركتها، ثم استقالت في الصباح التالي.

هل سيكون لدى جونسون مثل وعيها الذاتي. يقدم البرنامج الكوميدي "مونتي بايثون"، كما هو الحال دائماً، أفضل تشبيه للسياسة البريطانية. جونسون لا يشبه أحداً بقدر ما يشبه الفارس الأسود.

ما زلت لا أرى كيف يمكن لجونسون البقاء في السلطة لفترة طويلة. لكن من المدهش أن ترى ما يمكن أن يحصل إذا فقد المرء القدرة على الشعور بالعار أو الحرج.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك