تراجع اقتصاد سريلانكا مرة أخرى خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي، مُسجّلاً انكماشاً حاداً بينما تكافح البلاد لوقف أسوأ أزمة اقتصادية واجهتها في تاريخها منذ الاستقلال، وفي ظلّ استبعاد الحصول على المساعدات الطارئة لتحقيق الاستقرار في الدولة الجزيرة.
أشارت دائرة التعداد والإحصاء في بيان اليوم الثلاثاء إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بنسبة 1.6% في الربع المنتهي في مارس مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق. ويُعتبر ذلك أقلّ عمقاً من الانكماش الذي توقعه عدد من الاقتصاديين في استطلاع أجرته "بلومبرغ" والبالغ 3.6%، ومقارنةً بالتوسع المنقح البالغ 2% خلال الربع السابق.
شحّ إمدادات الوقود يشل اقتصاد سريلانكا
بداية ركود مؤلم
عزت الوزارة الانخفاض الراهن إلى "الآثار السلبية" للتضخم وتخفيض سعر الصرف وعجز الدولار. ومن المرجح أن يمثل الانكماش بداية ركودٍ مؤلمٍ وطويل الأمد في سريلانكا، حيث أشار رئيس وزراء رانيل ويكريمسينغه للبرلمان يوم الأربعاء إلى أن اقتصاد بلاده "انهار تماماً".
تأتي الأزمة بعد سنوات من النمو القائم على الديون والسياسات المالية الشعبوية، حيث ضربت جائحة كوفيد-19 المسمار الأخير في نعش اقتصاد البلاد، بعد أن شلّت قطاع السياحة الذي يُدِرّ الدولار للدولة.
أدّى غياب النقد الأجنبي الضروري لدفع ثمن واردات سريلانكا من الغذاء والوقود إلى مستويات تضخم غير مسبوقة، وهو الأسرع في آسيا، ما أثار احتجاجات مُعادية لحكومة راجاباكسا، ما أجبر ماهيندا راجاباكسا لتقديم استقالته من رئاسة الوزراء. بالإضافة إلى ذلك، ألحقت الاحتجاجات المستمرة منذ أشهر الضرر بالنشاط التجاري في بعض نواحي البلاد. كما فرضت الحكومة يوم الإثنين قيوداً جديدة، تشمل دعوة المواطنين لالتزام منازلهم حتى 10 يوليو حفاظاً على الوقود.
اقرأ المزيد: فرض إغلاق افتراضي في سريلانكا مع توقف إمدادات الوقود
من شأن ذلك أن يزيد من انخفاض النشاط التجاري في البلاد، بينما يتفاقم خطر حدوث المزيد من الاضطرابات نظراً لاستمرار النقص الحاد في السلع الأساسية.
عاصفة
قال سانجيوا فرناندو، وهو إستراتيجي في "سي تي سي إل إس أيه سكيوريتيز" (CT CLSA Securities) إن الحل يكمن في كيفيّة اجتياز هذه العاصفة ومواجهتها. مُشيراً إلى أن الوضع سيظلّ على حاله ما لم يتم التوصّل إلى حلٍّ لأزمة الوقود بشكلٍ خاص.
تجري سريلانكا محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات تمكّنها من التغلب على الأزمة الراهنة، تحتاج البلاد إلى ما لا يقلّ عن 6 مليارات دولار في الأشهر المقبلة لدعم الاحتياطيات ودفع فواتير الاستيراد المتضخمة وتحقيق الاستقرار في العملة المحلية ودعمها. كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس منذ بداية العام للحدّ من ارتفاع الأسعار الذي لامس 39%.
تفاصيل أخرى شملها تقرير الناتج المحلي الإجمالي:
- نما قطاع الخدمات خلال الربع الأول 0.7% مقارنةً بالعام السابق.
- تراجع الإنتاج الصناعي 4.7% وسط القيود المفروضة على واردات الوقود.
- انكمش الإنتاج الزراعي 6.8%، حيث أثّر نقص الأسمدة الكيماوية بشكلٍ حادٍ على الإنتاج، وخاصة إنتاج الأرز- وهو المحصول الغذائي الأساسي في البلاد: إدارة الإحصاء.