انكمش الاقتصاد البريطاني بشكلٍ حادّ خلال شهر أبريل الماضي، عقب قرار الحكومة البريطانية بإلغاء إلزامية إجراء اختبارات فيروس كورونا، ما زاد من خطر انكماش الاقتصاد في الربع الثاني.
انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% عن مارس عندما تراجع الإنتاج بنسبة 0.1%، حسبما ذكر مكتب الإحصاء الوطني اليوم الإثنين. توقّع الاقتصاديون نموّاً بنسبة 0.1% .
اقرأ أيضاً: اقتصاد بريطانيا يخالف التوقعات وينكمش 0.3% في أبريل
تُعتبر هذه هي المرة الأولى التي تنكمش فيها القطاعات الرئيسية الثلاثة للاقتصاد معاً منذ يناير 2021، حيث تراجع قطاع الخدمات بشكلٍ حادٍّ بسبب انخفاض الإنفاق الصحي بنسبة 5.6% في حين يواجه قطاع الصناعة عقبات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الوقود والطاقة.
قالت يائيل سيلفين، كبيرة الاقتصاديين في "كيه بي إم جي يو كيه" (KPMG UK) إنه من غير المرجح أن يكون تراجع الإنتاج قصير الأجل، مشيرةً إلى أن التوقعات العامة لا تزال متشائمة حيث من المتوقع أن يؤدي الضغط على دخل المستهلك إلى إضعاف الطلب.
مخاطر الركود
بلغ الجنيه الإسترليني أدنى مستوى له، حيث تراجعت قيمته بنسبة 0.6 % ليصل إلى 1.2238 مقابل الدولار. كما تراجعت حركة فحص وتتبّع المصابين بفيروس كورونا بنسبة 70% تقريباً في أبريل.
أوضح المكتب أن الناتج المحلي الإجمالي كان سينمو 0.1% عند استثناء تأثير تقليص برامج الحكومة للفحص، وتتبّع المخالطين لمصابي فيروس كورونا والتحصين ضد الفيروس.
أظهرت الأسر علامات على القدرة على التكيّف في أبريل، وهو الشهر الذي قفزت فيه فواتير الطاقة بنسبة 54% وارتفعت الضرائب على الرواتب. كما توسعت الصناعات التي تتعامل مباشرةً مع المستهلك بنسبة 2.6%، مدفوعة بارتفاع قوي في مبيعات التجزئة والخدمات الشخصية مثل تصفيف الشعر.
مع ذلك، تظهر البيانات الحديثة أن الأسر تخفض من استهلاكها للمواد غير الأساسية استجابةً لضغوط تكاليف المعيشة الراهنة.
تراجع القطاع الصناعي بنسبة 1%، حيث أبلغت الشركات عن الضغط الذي تُعانيه إثر ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات. كما انخفض قطاع البناء بنسبة 0.4%.
طالع أيضاً: بريطانيا على وشك أن تصبح عاصمة الركود التضخمي في العالم المتقدم
اليوبيل البلاتيني
إعطاء عطلة مصرفية إضافية احتفاءً باليوبيل البلاتيني للملكة يعني أن بريطانيا قد تتجنب الركود –بعد انخفاض الإنتاج خلال ربعين متتاليين- لكنها قد تقترب منه. يمثّل شهر أبريل الشهر الثالث الذي لم يسجّل فيه الناتج المحلي الإجمالي نمواً، ما يدل على أن الاقتصاد يضعف بسرعة في مواجهة الضغوط التضخمية.
في هذا السياق، تُقلق حالة الاقتصاد غير المستقرة كلّاً من أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا ورئيس الوزراء بوريس جونسون. فمع اقتراب التضخم من بلوغ ذروته في أكتوبر عند ارتفاع فواتير الطاقة مرة أخرى، لم يعد أمام بيلي وزملائه أي خيار سوى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة حتى لو كان ذلك سيؤدي إلى تفاقم أزمة تكاليف المعيشة على المدى القصير. هم قلقون من تكرار ما يُسمّى "دوامة الأجور والأسعار"، التي كانت مفتاحاً لحلقة التضخم الذي شهدها عام 1970 ما لم يتم السيطرة عليه.
اقرأ المزيد: التضخم في بريطانيا يقفز خلال أبريل إلى أعلى مستوى منذ 40 عاماً
بريطانيا غير مُحصّنة
أشار ريشي سوناك، وزير الخزانة البريطاني إلى تباطؤ النمو الذي تشهده البلدان في جميع أنحاء العالم، لكن المملكة المتحدة ليست محصنة لمواجهة هذه التحديات. إلّا أنه طمأن الناس أن الحكومة البريطانية تسعى جاهدةً إلى تنمية الاقتصاد لمعالجة تكلفة المعيشة على المدى الطويل، مع دعم الأسر والشركات لمواجهة الظروف الراهنة.
ومن المتوقّع أن يفرض صانعو السياسات في بنك إنجلترا زيادة غير مسبوقة في أسعار الفائدة للمرة الخامسة على التوالي يوم الخميس. من شأن تحرك ربع نقطة، كما كان متوقعاً، أن يرفع سعر الفائدة القياسي إلى 1.25%، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2009. لتقوم بذلك أسواق المال بتسعير أسعار الفائدة بنسبة تفوق 3% خلال العام المقبل.
بالنسبة لجونسون، الذي اقترب من خطر الإطاحة به من قبل حزب المحافظين الذي ينتمي إليه خلال التصويت على الثقة يوم الإثنين، فإن إنعاش الاقتصاد ضروريٌّ إذا كان سيدوم لفترة أطول.
تجدر الإشارة إلى أن حزمة بريطانيا الجديدة لدعم فواتير الطاقة، والبالغة قيمتها 15 مليار جنيه إسترليني تدعم المستهلكين والأسر الذين كادوا يواجهون انخفاضاً كبيراً في الدخل لم يشهدوه منذ 1950.
من المتوقع أن تؤكّد الأرقام الصادرة هذا الأسبوع، الدراسات الاستقصائية التي تظهر أن مبيعات التجزئة انخفضت في مايو. حتى سوق الإسكان، التي تحدت الركود الاقتصادي خلال الجائحة، تظهر علامات على التراجع. ومع ذلك، لا تزال سوق العمل ضيقة ومصدراً قوياً للتضخم، ومن المتوقع أن تظهر البيانات ذلك غداً.