انتعشت صادرات الصين في مايو، بفضل إزالة الاختناقات المرتبطة بكوفيد وتأثيرها على الإنتاج والخدمات اللوجستية، في الوقت الذي يلوح التباطؤ في الأفق خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، مع تراجع الطلب على السلع الاستهلاكية عالمياً، ما يضعف قدرة التجارة على العمل كمحرك للنمو الاقتصادي.
أظهرت بيانات الجمارك الصينية، اليوم الخميس، أن الصادرات المقومة بالدولار نمت بنسبة 16.9% في مايو على أساس سنوي، متسارعة من الزيادة المسجلة في أبريل بنسبة 3.9%، لتصعد أعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين البالغة 8%.
ارتفعت الواردات 4.1% بعد بقائها دون تغيير في أبريل، وكان الاقتصاديون يتوقعون زيادة بنسبة 2.8%.
في حين أن هذه الأرقام - إلى جانب بيانات التصدير السابقة من كوريا الجنوبية - تظهر أن الطلب ظل قوياً في مايو، أعلن المصدرون عن انخفاض في الطلبات، حيث بدأ المستهلكون في جميع أنحاء العالم في تحويل إنفاقهم إلى الخدمات بدلاً من السلع، مما أدى إلى تعتيم آفاق الشركات الصينية. ويعني ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا أن الأسر تخفض نفقاتها.
قال وي ياو، رئيس الأبحاث المعنية بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ وكبير الاقتصاديين في "سوسيتيه جنرال" (Societe Generale SA): "اعتقدنا دائماً أن الصين يمكن أن تحل بسرعة اضطرابات سلسلة التوريد، وهذا أفضل من وجهة نظرنا المتفائلة بشأن هذه النقطة".
أضاف: "السؤال من الآن فصاعداً هو الطلب.. يستمر المستهلكون الغربيون في التحول من السلع إلى الخدمات ويتعرضون لضغوط متزايدة من التضخم. من المحتمل أن ينخفض الطلب الخارجي من هنا، ما يعني أن انتعاش الطلب المحلي سيكون أكثر أهمية، لكنه يمثل تحدياً في ظل مسعى القضاء تماماً على كوفيد".
مساهمة الصادرات
ارتفعت صادرات الصين بنسبة 30% في عام 2021، ما وفر الدعم للاقتصاد، الذي يواجه تراجع سوق العقارات وتفشي فيروس "كوفيد" بمعدلات ضئيلة.
بالمقارنة، من المتوقع أن تساهم الصادرات هذا العام بشكل أقل بكثير في النمو، مما يعقد صورة اقتصاد يعاني بالفعل من ضغوط هائلة.
من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري بأبطأ وتيرة منذ عقود، حيث تستمر العقارات في التدهور، كما أن سياسة الحكومة بعدم التسامح مع "كوفيد" تعيق النشاط.
قالت بيتي وانغ، الخبيرة البارزة في شؤون اقتصاد الصين لدى مجموعة "أستراليا أند نيوزيلندا بانكينغ": "قد تظل الصادرات تساهم بشكل إيجابي في النمو الاقتصادي، ولكن بهامش أقل بكثير من العام الماضي". وتتوقع أن تكون المساهمة أقل من نقطة مئوية واحدة.
اتسع الفائض التجاري في مايو إلى 78.8 مليار دولار من 51.1 مليار دولار، وبلغت قيمة الصادرات 308.25 مليار دولار، ما يعد أكبر فائض في أربعة أشهر.
تعكس البيانات تحسناً في التجارة بعد تخفيف القيود لمواجهة تفشي الفيروس، وانتعاش جزئي بعمليات التصنيع، وأكبر ميناء بالعالم في شنغهاي. مع ذلك، ظلت الخدمات اللوجستية مدعومة، ما قد يحول دون نمو الشحنات بشكل أسرع.
كما زاد وقت الانتظار للسفن التي تحمل الصادرات من الميناء خلال الأسبوع الماضي، وظل مرتفعاً بنسبة 61% مقارنة بـ 12 مارس، قبل الإغلاق، وفقاً لأحدث البيانات من شركة المعلومات اللوجستية "فوركايتس" (Fourkites). يشير ذلك إلى أن الميناء يكافح على الأرجح لمواكبة الطلب على الصادرات مع عودته إلى طبيعته.
[object Promise]نمت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة في الأشهر الخمسة الأولى باليوان بنسبة 12.9% على أساس سنوي، وارتفعت الواردات بنسبة 2.1%.
كما اتسع الفائض التجاري مع الولايات المتحدة إلى 1.02 تريليون يوان (153 مليار دولار) خلال هذه الفترة، وفقاً للبيانات.
وانخفضت أحجام واردات خام الحديد وفول الصويا والغاز الطبيعي والنفط الخام في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي على أساس سنوي.
حذر وانغ شو ون، نائب وزير التجارة، من تزايد الشكوك إزاء حركة التجارة. وفي مؤتمر صحفي أمس الأربعاء، سلط "وانغ" الضوء على الانتعاش الاقتصادي الهش عالمياً، والتضخم المرتفع عالمياً والاختناقات اللوجستية داخل الصين باعتبارها تهديدات محتملة. مع ذلك، قال إنه واثق من قدرة الصين على الحفاظ على استقرار نمو التجارة الخارجية.
أمس الأربعاء أيضاً، عقد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ اجتماعاً للحكومة دعا خلاله إلى تقديم مزيد من الدعم للتجارة الخارجية والاستثمار، قائلاً إن ذلك مهم للنمو العام والتوظيف، وفقاً لما نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
كما حث على إدخال تحسينات على كفاءة التحميل والتفريغ في الموانئ وإعادة الشحن والتخليص الجمركي. ودعا إلى الحفاظ على استقرار سلاسل التوريد وحل الصعوبات حتى تتمكن الشركات الأجنبية من استئناف عملها.
من غير المؤكد أيضاً ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدرس إلغاء أي من التعريفات الجمركية المفروضة على البضائع الصينية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
ذكرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين للمشرعين، أمس الأربعاء، أن إدارة "بايدن" تتطلع إلى "إعادة تشكيل" هذه الرسوم، رغم أنها لم تحدد موعداً زمنياً، لكنها ذكرت أن التغييرات قد تحدث في "الأسابيع المقبلة".
قالت بيتي وانغ، الخبيرة البارزة في شؤون اقتصاد الصين لدى مجموعة "أستراليا أند نيوزيلندا بانكينغ": "جرت محادثات كثيرة بشأن التعريفات لكن سيكون من المفرط في التفاؤل توقع اتخاذ أي قرار قريباً"، مضيفة أنه من غير المرجح أن تلغي الولايات المتحدة جميع الرسوم الجمركية المتعلقة بالصين.