انكمش اقتصاد اليابان بأقل مما كان متوقعاً في بداية هذا العام، حيث صمد الإنفاق الاستهلاكي بشكل أفضل من المتوقع خلال الربع الأول من العام، حتى في الوقت الذي عانت فيه البلاد من أسوأ تفشٍ للوباء حتى الآن.
أظهرت الأرقام المعدلة، الصادرة عن مكتب مجلس الوزراء اليوم الأربعاء، أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش 0.5% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة حتى مارس. استمر الاستهلاك في النمو خلال الربع على الرغم من مجموعة من القيود المتعلقة بسلالة "أوميكرون" على ساعات العمل خلال جزء كبير من نفس الفترة.
كان الاقتصاديون قد توقعوا انخفاضاً بمقدار 1.1%، مقارنة بالقراءة الأولية عند سالب 1%. وكانت إعادة مراجعة المخزونات هي العامل الأكبر الذي ساعد على تضييق الانكماش، على الرغم من أن ذلك يشير إلى السلع والمواد غير المباعة التي يمكن أن تؤثر على نمو هذا الربع.
التضخم ورهان الاستهلاك
يقول الخبير الاقتصادي، تاكيشي مينامي، من "معهد نورينشوكين للبحوث": "ارتفع الاستهلاك إلى حد ما، لكن التضخم سيؤثر عليه من هنا لأنني لا أعتقد أن الناس يتسامحون مع ارتفاع الأسعار... أعتقد أن الانتعاش سيكون متواضعاً في الربع الثاني... سنرى تأثير عمليات الإغلاق الصينية على الصادرات".
ظلت أرقام صافي الصادرات دون تغيير في الربع الأول، في حين تم تعديل الإنفاق الرأسمالي عبر تخفيضها، بعد أن أظهر تقرير الأسبوع الماضي أن الشركات استثمرت بوتيرة أبطأ في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
في الوقت الحالي، يتوقع المحللون عودة الاقتصاد إلى النمو المتواضع في الربع الثاني، حيث يستعيد المستهلكون ثقتهم في المخاطرة بإنفاق الأموال بعد رفع قيود موجة "أوميكرون". تحتاج اليابان إلى انتعاش قوي في الاستهلاك لإعادة اقتصادها إلى مستويات ما قبل الوباء، وهي محطة بارزة وصلت إليها بالفعل الاقتصادات الكبرى الأخرى.
يأتي التقرير المُحدث عن الاقتصاد اليوم الأربعاء مع تحول مخاطر التطورات السلبية الرئيسية إلى حد كبير من الوباء إلى التضخم المدفوع بالتكاليف الذي تفاقم بسبب انخفاض العملة. بالإضافة مصادر أخرى للقلق مثل التداعيات المستمرة للحرب الروسية على أوكرانيا والتباطؤ الصيني.
أظهرت البيانات الصادرة يوم الثلاثاء أن الطلب المكبوت فاق في أبريل المخاوف بشأن تأثير التضخم على الدخل الحقيقي. لكن المحللين يحذرون من أنه بمجرد نفاد هذا الطلب، قد تؤدي مكاسب الأسعار إلى تهدئة الاستهلاك إذا فشلت مكاسب الأجور في مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة.
بيانات الناتج المحلي الإجمالي:
•انخفض الإنفاق الرأسمالي بوتيرة على أساس غير سنوي بمقدار 0.7% مقابل التقدير الأولي بمكاسب 0.5%.
•ارتفع الاستهلاك الخاص 0.1% عن الربع السابق. كان التقدير الأولي ثابتاً.
•تراجع صافي الصادرات 0.4 نقطة مئوية دون تغيير عن القراءة الأولية.
•مساهمة المخزون في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 0.5 نقطة مئوية مقابل التقدير الأولي البالغ 0.2 نقطة مئوية.
أدى هبوط الين إلى أدنى مستوياته منذ 20 عاماً إلى تضخيم بعض الأسعار المرتفعة. ففي حين أنه من المتوقع أن تكون العملة الأرخص بمثابة نعمة للمصدرين والسياح في الخارج، حيث تعيد اليابان فتح حدودها تدريجياً، إلا أنها تجعل واردات الغذاء والطاقة أكثر تكلفة وترفع تكاليف المعيشة الأساسية.
حتى الآن، يتمسك بنك اليابان بنهجه التيسيري عبر اتباع سياسة الحمائم الداعمة للاقتصاد من خلال أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، بينما يرفع أقرانه أسعار الفائدة لتهدئة التضخم. هذا الاختلاف في السياسة مع الولايات المتحدة يزيد من هبوط الين.
رأي خبراء "بلومبرغ إنتليجنس"
يقول الفريق الاقتصادي لشؤون آسيا: "بالنظر إلى المستقبل، نتوقع أن ينتعش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني على خلفية الطلب الاستهلاكي المكبوت بعد رفع القيود المتعلقة بالفيروسات في مارس. لكن هناك مخاطر سلبية؛ ستؤدي أسعار الاستيراد المرتفعة إلى الضغط على ميزانيات الأسر".
يتزايد الغضب بين المستهلكين الذين يتأثرون بالأسعار بشأن مستويات التضخم التي ليست مرتفعة جداً مقارنة بالعديد من الاقتصادات المتقدمة. إذ تم التأكيد على هذه الحساسية هذا الأسبوع، عندما اضطر كورودا إلى التراجع عن تعليقاته التي ذكر فيها أنه يرى تسامحاً متزايداً مع ارتفاع الأسعار.
لتخفيف معاناة الأسعار للأسر والشركات، وضع رئيس الوزراء فوميو كيشيدا مجموعة من الإجراءات في أبريل، وتدعو أجندته "الرأسمالية الجديدة" إلى مكاسب أكبر في الأجور.