ترفع اثنتان من أكبر المقاطعات الصينية أسعار الكهرباء للمصانع وسط التدقيق البيئي المتزايد وصعود تكاليف الوقود، ما يضيف عقبة جديدة أمام أهداف النمو الاقتصادي.
زادت جاينغسو، المقاطعة الصينية صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في البلاد، الرسوم المفروضة على 30 مصنعاً كبيراً تقريباً، إما بسبب فشلها في تحقيق أهداف كفاءة استخدام الطاقة، وإما لاستعمالها ماكينات عفا عليها الزمن.
وتسعى جارتها الجنوبية تشيجيانغ إلى رصد ردود الأفعال على مقترح يؤيد زيادة الأسعار على أكثر من 600 مصنع، حتى تغطي ارتفاع تكاليف الغاز الطبيعي.
إغلاقات كورونا تغيّم على رؤية اقتصاد الصين
تأتي هذه الخطوات بعد الارتفاع الكبير في الأسعار العالمية للفحم والغاز عقب غزو روسيا لأوكرانيا، كما تؤكد تركيز الحكومة على تقليل الانبعاثات وتحويل اقتصاد البلاد بعيداً عن الصناعات القديمة الملوثة بشدة للبيئة، مع توجيه بوصلته في المقابل نحو القطاعات عالية التقنية والكفاءة.
لكن ارتفاع أسعار الكهرباء سيُصعب أكثر على بكين تحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي البالغ 5.5%، الذي زادت صعوبة الوصول إليه بالفعل نظراً إلى قيود "صفر –كوفيد" الحالية.
زيادة الرسوم
ارتكزت المعجزة الاقتصادية الصينية طوال العقود الأربعة الماضية جزئياً على توليد الكهرباء من الفحم الرخيص والوفير.
لكن منذ أواخر العام الماضي، وفي محاولة لتقليل تلوث الهواء وتلبية أهداف المناخ، سمحت السلطات المحلية بزيادة رسوم الكهرباء على الشركات المصنّعة، بما في ذلك إلغاء الحد الأقصى للسعر المفروض على الجهات الأكثر تلويثاً للبيئة.
أزمة أوكرانيا وإغلاقات كورونا في الصين تجهضان تعافي التجارة العالمية
في جاينغسو -التي يقارب حجم اقتصادها نظيره في كامل دولة كوريا الجنوبية- رفعت الجهات التنظيمية أسعار الكهرباء بنحو 0.5 يوان تقريباً (ما يعادل 7 سنتات من الدولار) لكل كيلوواط/الساعة، بدءاً من مستهل مايو الجاري.
وهذه خطوة أعلن عنها موقع "بي جيه إكس دوت كوم" أولاً، ومن ثم أكدتها وكالة التخطيط المحلية.
وطُبق القرار على عدة شركات، بما في ذلك تلك المصنّعة لرافعات البناء، والأقمشة، والبتروكيماويات، والتي فشلت في تلبية أهداف الحكومة الخاصة بتقليص استخدام الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي المحقَّق.
"يو بي إس" يلحق بـ"جيه بي مورغان" في خفض توقعات نمو اقتصاد الصين
أما تشيجيانغ فتقترح رفع أسعار الكهرباء اعتباراً من أول يوليو حتى نهاية العام الجاري، بنحو 0.172 يوان لكل كيلوواط/ الساعة، وذلك لعدة قطاعات، تشمل: الإسمنت، والزجاج، والسيراميك، والمعادن، والبتروكيماويات، وفقاً لإشعار صادر عن جهة تنظيمية يسعى لرصد تعليقات الجمهور العام.
وتنبع الزيادة من الحاجة إلى تغطية الارتفاع في تكلفة الغاز الطبيعي على محطات الكهرباء في المقاطعة، إذ بلغت الزيادة الإجمالية نحو 7.9 مليار يوان.
قيود جديدة
تقع المقاطعتان على حدود شنغهاي، وتأتي الأسعار الأعلى بعدما حاولت الحكومة لتوِّها إعادة تشغيل المصانع في المنطقة التي عانت بسبب الإغلاق المطول في المدينة.
كما ألحق ارتفاع تكاليف الطاقة خسائر كبيرة ببعض الصناعات بالفعل، مع إلغاء المسؤولين في غوانغدونغ لتراخيص ممارسة الأعمال التجارية لدى 70 شركة مصنّعة للسراميك تقريباً، والتي لم تتمكن من العمل بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وتراجع الطلب عقب تباطؤ سوق العقارات.
ترى لارا دونغ، المحللة في "ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس"، أن "القيود على المصانع القديمة كثيفة الاستهلاك للطاقة ليست مشكلة محلية وحسب، وإنما تندرج أسفل مظلة الأهداف الصينية الأكبر الرامية إلى ترقية صناعاتها وتخليصها من الكربون".