بعد أيام من وصف القادة المختصين بالشؤون المالية العالمية الأزمة الاقتصادية واسعة الانتشار التي نتجت عن حرب روسيا في أوكرانيا؛ قد تكشف استطلاعات آراء الشركات عن تباطؤ متزامن في النشاط.
هذا هو الانطباع الذي يحتمل أن يسود اليوم الثلاثاء– بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الصراع– مع صدور مؤشرات مديري المشتريات عن شهر مايو للاقتصادات الكبرى في مختلف أنحاء العالم خلال ساعات.
يتوقَّع استطلاع آراء الاقتصاديين للنتائج المحتملة على حركة 15 مؤشراً، من الولايات المتحدة إلى مختلف بلدان أوروبا، انخفاض كل هذه المؤشرات.
ستقدِّم هذه المؤشرات، التي ستُنشر أيضاً للاقتصادات الآسيوية الكبرى، تصور الشركات لكيفية تداخل صدمة التضخم الناتجة عن الصراع في أوكرانيا، مع أزمة سلاسل التوريد والعرض الناتجة عن جائحة كورونا، وتأثير استمرار عمليات الإغلاق في الصين لمواجهة الفيروس.
انتشر القلق من حدوث ركود تضخمي وشيك– وهي ظاهرة مسمومة تجمع بين ارتفاع الأسعار، وتوقف النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات البطالة– في الأسواق المالية على مدى الأسبوع الماضي، وهيمن على اجتماع مشحون لوزراء مالية مجموعة السبع.
في بيان بعد اجتماعهم في ألمانيا، قال وزراء مالية مجموعة السبع: "تتسبّب حرب روسيا العدوانية في اضطرابات وأزمات اقتصادية عالمية، وتضر بأمن إمدادات الطاقة، وإنتاج وتصدير الغذاء والسلع الزراعية، علاوة على الإضرار بأداء سلاسل التوريد في العالم على وجه العموم".
ومن المرجح أن تردد الشركات العالمية أصداء هذه الشكوى عند التقاء المديرين التنفيذيين بالقادة السياسيين ورؤساء البنوك المركزية في منتجع دافوس الجبلي السويسري لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي الذي بدأ يوم الأحد.
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":
قال الاقتصاديان تشانغ شو وإريك جو: "يسير اقتصاد الصين في مسار أضعف كثيراً عما توقَّعناه قبل ثلاثة أسابيع فقط، عندما خفّضنا توقُّعات النمو الاقتصادي لعام 2022. وتُبين أرقام نشاط الاقتصاد في شهر أبريل أنَّ الإغلاقات بسبب سياسة صفر-كوفيد أثرت سلباً بدرجة أعلى من المتوقَّع".
على صعيد آخر، ربما يتركّز اهتمام المستثمرين على صدور مؤشرات أخرى، مثل: مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي من قبل الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة، والزيادات المحتملة لأسعار الفائدة في نيوزيلندا وكوريا الجنوبية، وتوابع انتخابات السبت الماضي في أستراليا– التي شهدت التصويت للإطاحة بائتلاف المحافظين بقيادة رئيس الوزراء سكوت موريسون.
فيمايلي عرض لما ينتظر أن يحدث في الاقتصاد العالمي:
الولايات المتحدة
سيكون التقرير الأبرز في الأسبوع القادم بالولايات المتحدة هو بيان الدخل والإنفاق لشهر أبريل، والذي يتضمّن أيضاً مقياس التضخم المفضّل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي.
في حين يبدو أنَّ مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي- الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة- يتباطأ على أساس سنوي؛ يشير متوسط التوقُّعات إلى ارتفاع 0.3% على أساس شهري.
تفسر هذه الوتيرة لماذا وجّه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إنذاراً برفع الفائدة نصف نقطة مئوية خلال اجتماعات السياسة النقدية للبنك المركزي في يونيو ويوليو.
ربما يسلّط صدور محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة في شهر مايو، غداً الأربعاء، مزيداً من الضوء على ما أصبح يمثل الآن استجابة لسياسات عنيفة في مواجهة ضغوط زيادة الأسعار.
سيلقي باول أيضاً ما يوصف بأنَّها "كلمة افتتاحية" عبر فيديو مسجل مسبقاً في الساعة 12:20 مساء بتوقيت واشنطن اليوم الثلاثاء أمام مؤتمر اقتصادي في لاس فيغاس. ولن يستقبل أسئلة من الحضور بعد ظهوره، بحسب الأجندة الأسبوعية للاحتياطي الفيدرالي.
من البيانات الأخرى التي يتم تداولها، يُنتظر أن يكشف تقرير الدخل والإنفاق، يوم الجمعة، عن استمرار قوة الطلب في بداية الربع الثاني من العام، برغم ارتفاع معدل التضخم.
ستصدر الحكومة أيضاً أرقاماً عن طلبات السلع المعمّرة في شهر أبريل ومبيعات المنازل الجديدة. ويُنتظر أن يصدر مؤشر "ستاندرد أند بورز غلوبال" لقطاعي الصناعة والخدمات بصفة مبدئية عن شهر مايو، يوم الثلاثاء.
آسيا
في أستراليا، لم يكن انخفاض نسبة البطالة إلى أدنى مستوى منذ سبعينيات القرن الماضي كافياً لإنقاذ منصب موريسون في الانتخابات الوطنية يوم السبت. ودعا زعيم حزب العمال أنتوني ألبانيز، الذي يستعد لتولي السلطة، إلى تغيير سياسي لمواجهة ضعف نمو الأجور وزيادة معدل التضخم.
التقى رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، الذي يسعى إلى حشد التأييد لـ"الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ"، الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية يون سوك يول، يوم السبت في سيول، وسيطلق محادثات مع رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا في طوكيو يوم الإثنين.
يتخذ بنك الاحتياطي في نيوزيلندا وبنك كوريا قراراتهما بشأن السياسة النقدية، مع توقُّع أن يقوم رواد زيادة أسعار الفائدة برفع تكاليف الإقراض مرة أخرى.
يعقد البنك المركزي لإندونيسيا أيضاً اجتماعه، برغم أنَّ أغلب الاقتصاديين يتوقَّعون أن يتم تأجيل رفع أسعار الفائدة في الوقت الراهن.
ستكشف أرقام الصادرات في كوريا الجنوبية عن مدى تماسك التجارة العالمية في شهر مايو وسط الاضطرابات الناتجة عن عمليات الإغلاق في الصين، في حين ستبين أرقام التضخم من طوكيو في نهاية هذا الأسبوع اتجاه الأسعار في العاصمة في شهر مايو.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
في أوروبا، صدر مؤشر "إيفو لمناخ الأعمال" (Ifo Business Climate) في ألمانيا عن شهر يوم الإثنين، ويرجح أن ينخفض عن مستوى الشهر السابق، مستبقاً مؤشرات مديري المشتريات في يوم الثلاثاء.
ستتخلل الأسبوع عطلة رسمية يوم الخميس في دول رئيسية في منطقة اليورو.
ربما يخطف العديد من صنّاع السياسات الأضواء في وقت يضغط فيه ارتفاع تكاليف المعيشة في العالم، ويتحول إلى خوف جماعي من ظاهرة الركود التضخمي.
يتحدث محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، الذي حذّر مؤخراً من مخاطر عالمية "مروعة" من ارتفاع تكاليف الغذاء، يوم الإثنين، إلى جانب رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل في مؤتمر يستضيفه محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان.
ومن بين عدد كبير من مناسبات ظهور البنك المركزي الأوروبي؛ ستلقي رئيسة البنك كريستين لاغارد كلمة في مؤتمر دافوس يوم الأربعاء.
مما يجدر الاهتمام به أيضاً في هذا الأسبوع، الذي أعقب تقلّبات السوق التي لفتت انتباه وزراء مجموعة السبع، هي تقارير الاستقرار المالي التي يقدّمها بنك "ريكسبنك" (Riksbank) السويدي اليوم الثلاثاء، والبنك المركزي الأوروبي يوم الأربعاء.
ينتظر أن يرفع بنك "إسرائيل" أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل يوم الإثنين، مواصلاً دورة من زيادة أسعار الفائدة بدأت في أبريل الماضي لمواجهة صعود معدلات التضخم.
من المرجح أن يُبقي البنك المركزي التركي على أسعار الفائدة ثابتة للشهر الخامس على التوالي يوم الخميس، حتى مع وصول معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين إلى 70% لأول مرة منذ العقد الأول من الألفية.
في غانا، يُنتظر أن يرفع صنّاع السياسة النقدية أسعار الفائدة لمواجهة التضخم الذي بلغ أعلى مستوى في 18 عاماً ليسجل 23.6% - بما يزيد على ضعف الحد العلوي للنطاق المستهدف.
بالنسبة إلى نيجيريا؛ ربما تثبت أسعار الفائدة اليوم الثلاثاء في ظل انتظار البلاد صدور توقُّعات اقتصادية قوية.
أمريكا اللاتينية
تبيّن أرقام الناتج للربع الأول من العام في بيرو أنَّ نمو الاقتصاد قد انتعش برغم الرياح المعاكسة من معدل التضخم، وزيادة أسعار الفائدة، والاضطرابات السياسية الجارية.
قد تقدّم تقارير التضخم من أكبر اقتصادين في المنطقة بعض الأنباء السارة التي انتظرها طويلاً البنك المركزي في كل منهما، ومن المتوقَّع أن تسجل المكسيك قراءة سلبية في تقريرها الذي يصدر كل أسبوعين، في حين قد تتراجع القراءة الشهرية للبرازيل إلى أدنى مستوى لها في 12 شهراً.
في البداية، تردد صنّاع القرار في البنكين في اتخاذ ردود أفعال أمام الصعود الدرامي في أسعار المستهلكين الذي بدأ في عام 2020، غير أنَّ الاقتصاديين الآن يعتقدون أنَّ معدل التضخم فيهما قد بلغ ذروته أخيراً في الربع الثاني من العام.
في نهاية يوم الثلاثاء، يعلن البنك المركزي في شيلي استطلاع الرأي الذي أجراه على التجار، بينما أوشكت تقارير مبيعات مراكز التسوق والسوبر ماركت في الأرجنتين على الصدور.
قد يؤدي استمرار إضراب موظفي البنك المركزي في البرازيل إلى عدم ظهور كمية كبيرة من البيانات، غير أنَّ المكسيك ستنشر بيانات التجارة والحساب الجاري ومبيعات التجزئة والأرقام النهائية الفصلية حول الناتج، ومحضر اجتماع البنك المركزي المكسيكي "بانكسيكو" (Banxico)في ملخص اجتماع 12 مايو.
وصل رفع البنك المركزي المكسيكي لأسعار الفائدة للمرة الثامنة على التوالي، بسعر الفائدة الأساسي إلى 7%، ويتوقَّع معظم المحللين زيادتها مرة أخرى بمقدار 150 نقطة أساس، برغم أنَّ بعضهم يتوقَّع رفعها 250 نقطة أساس.
دائماً ما يعطي محضر اجتماع البنك المركزي المكسيكي، الذي يقترب عادة من 15000 كلمة، للمستثمرين والمحللين مادة غزيرة للتفكير.