العالم يبحث عن أقل السياسات النقدية ضرراً.. والركود السيناريو القادم

مقر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
مقر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يصارع صناع السياسة النقدية الشيطان الذي يظهر أمامهم ويتجاهلون العفريت المترقب في الزاوية. بعد سنوات من محاولة إسراع وتيرة التضخم، ينصب التركيز الآن على إبطائها، وسط تزايد احتمالات حدوث ركود عالمي، إذا لم يكن قائماً بالفعل.

لقد كان أسبوعاً محبطاً للغاية، فقد أعلنت الشركات في الولايات المتحدة عن أرباح أقل من التقديرات، وأعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عن استعداده مواصلة رفع أسعار الفائدة.

يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتوقع ركوداً

في مشهد محرج، ناقش المسؤولون البريطانيون الحاليون والسابقون تحديد المسؤول عن الأزمة، بينما أقر محافظ "بنك إنجلترا" يوم الثلاثاء بشعوره "بالعجز" في مواجهة ضغوط الأسعار العالمية المتصاعدة.

أما في الصين، فأظهرت سلسلة من المؤشرات انهيار النشاط التجاري، مع احتمال عدم تسجيل الاقتصاد نمواً هذا الربع، نتيجة استراتيجية بكين لتحقيق صفر كوفيد.

لا تتوقعوا أن يصنع الاحتياطي الفيدرالي المعجزات

انكماش جديد

كذلك استمر ارتفاع السندات في ظل تصاعد المخاوف من حدوث انكماش جديد والذي يدفع المستثمرين إلى الملاذات الآمنة.

شبه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق، بن برنانكي، في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز، الوضع الحالي بما حدث في السبعينيات من القرن الماضي، الذي بالكاد يستعرضه أي شخص كنموذج لما يحدث اليوم، وتوقع برنانكي أن تشهد السنوات المقبلة بعض أشكال التضخم المصحوب بالركود، حيث تسجيل نمو دون المستوى مع استمرار التضخم المرتفع للغاية، وقال برنانكي: "حتى في أفضل السيناريوهات، سوف يتباطأ الاقتصاد".

عاصر برنانكي دورة أو اثنتين من الدورات الاقتصادية. ليس فقط لمجرد تصدره المشهد خلال فترة الفشل الذريع التي امتدت 2007-2009، ولكن أيضاً قبل انضمامه لمجلس الاحتياطي الفيدرالي محافظاً في عام 2002، حيث عمل عضواً في لجنة النخبة الأكاديمية في "المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية" التي تحدد بداية ونهاية فترات توسع الاقتصاد الأمريكي، حيث أعلنت اللجنة أن ركود 2020 يعد الأقصر على الإطلاق، حيث يستمر لشهرين فقط.

خفض التضخم

يستعد باول لتحمل انكماش آخر من أجل خفض التضخم. قد يبدو ذلك دراماتيكياً، لكن باول أشار في تصريحاته هذا الأسبوع إلى استعداده لدعم الاقتصاد لتجاوز "الحياد"، حيث المساحة الغامضة التي لا يتم فيها تحفيز النمو ولا يتسبب في التباطؤ، للحد من ارتفاع الأسعار، حيث يرغب باول في "رؤية" دليل واضح على تراجع التضخم بشكل فعلي.

يكمن الخطر في انتظار "الاحتياطي الفيدرالي" ظهور مؤشر واضح للغاية على الركود، الذي يزداد تأثيره بمرور الوقت، عكس ما حدث العام الماضي أثناء تراكم الضغوط التضخمية.

كتب كريشنا غوها، عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق، والذي يعمل حالياً في "إيفركور أي إس أي" (Evercore ISI): "بينما يمكن تبرير ذلك النهج وفقاً لبعض أسس إدارة المخاطر، لكن من الضروري إدراك وجود مخاطر متزايدة من استمرار رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل كبير يحتاج بعدها لخفضها مرة أخرى، كما في وضعنا الحالي".

ارتفاعات الأسعار

بدأ باول العام الجاري بتكثيف الجهود للحد من ارتفاعات الأسعار، بعد أن أمضى معظم عام 2021 في الإشادة بالمكاسب التاريخية التي حققها سوق العمل وفوائدها طويلة الأجل على قطاعات واسعة من المجتمع الأمريكي، ورغم ذلك، لم يكن باول يختار بين الحد من ارتفاع الأسعار، أو إنقاذ التعافي فيما بعد كوفيد، عندما أظهر توجه متشدد خلال شهادته أمام "الكونغرس" في يناير.

تحظى جهود الحد من التضخم بدعم سياسي واسع النطاق في واشنطن، بينما يحظى الركود بدعم أقل بكثير. وإذا كان الانتقاد هو مصير التوجه الذي سوف تتخذه بغض النظر عما تفعله فعليك وقتها اتخاذ القرار الذي تنتج عنه انتقادات أقل.

آخر شيء يرغب باول في أن يبدو عليه بعدم وجود خيارات لديه، مثل رئيس "بنك إنجلترا"، أندرو بيلي (الذي قد لا يعيش حتى يمحو ذلك أبداً).

تحتاج البنوك المركزية أن تكون مسؤولة عن كل شيء. لن يبدأ التحول بشكل مفاجئ من التشديد النقدي إلى التيسير، ولن يحدث بين عشية وضحاها أيضاً. ولا ينبغي أن يكون هناك تفكير في خفض الفائدة في الوقت الحالي بينما التضخم مرتفع للغاية، لكن من المنطقي أن يكون هناك نقاش حول حجم الارتفاعات القادمة، وإلى متى سوف تستمر.

التوقف عن رفع الفائدة

يتطلع صانعو السياسة النقدية إلى الحد من ارتفاعات الأسعار ولو بشكل طفيف خلال الانكماش، وقد يبدو التوقف عن رفع الفائدة في وقت لاحق من هذا العام أو العام المقبل أمراً صعباً لكنه ليس مستحيلًا.

كتب روبرتو بيرلي وبنسون دورهام من "بايبر ساندلر" (Piper Sandler): "إذا أصبح الركود أمراً لا مفر منه سيكون إبطاء أو حتى إنهاء التشديد الكمي الخطوة التالية، وستصبح تخفيضات أسعار الفائدة الملاذ الأخير"، وإن كانوا لا يعتقدون أن ذلك الأمر سوف يحدث في المستقبل القريب.

من المفترض أن تكون السياسة النقدية استباقية، وهو ما يبدو أنه لم يعد موجوداً في الوقت الحالي.

ما هي الحرب التي يريد محافظو البنوك المركزية خوضها؟، هل تلك التي أمام أعينهم أم التي تأتي بعد ذلك؟ يجب أن يكون من الممكن محاربة ارتفاع الأسعار بالتزامن مع التفكير في كيفية الحصول على السلام، ولا يتعين على المسؤولين أن يكونوا عاجزين، ناهيك عن كونهم بائسين.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك