هل تفكِّر في شراء سيارة أحلامك؟ هذا ما عليك مراعاته

السيارات الفارهة الأسوأ في 2020 - المصدر: بلومبرغ
السيارات الفارهة الأسوأ في 2020 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

كيف تتخذ قرارات إنفاق أفضل؟ إذا اتبعت بعض القواعد البسيطة، فيمكن أن يكون شراء سيارة جديدة باهظة الثمن أمرًا منطقيًّا.

شخصيًّا، لستُ من المعجبين بالحركة الرائجة التي تدعو لـ"الاستقلال المالي والتقاعد المبكّر". ببساطة، لا أستطيع أن أتخيّل أنّ التقاعد في الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر قد يجلب السعادة أو الرضا.

وغالبًا فإنّ المبررات التي يستخدمها مؤيدو هذه الحركة لا تساعد الشخص العادي في إدارة شؤونه المالية، وبدلًا من ذلك، تميل إلى المبالغة في التضخيم أو التبسيط في ما يتعلق بإدارة الأموال الشخصية.

نصائح للتمويل والإنفاق

لستُ من المعجبين بالنصائح التي يطلقها البعض بشكل عامّ وشموليّ حول الإنفاق، على شاكلة: "لا تشترِ قاربًا أبدًا، توقّف عن شرب القهوة من الخارج، لا تشترِ سيارة جديدة"... كل هذه النصائح تبدو لي مصمَّمة لجذب الانتباه أكثر من كونها نصائح حكيمة.

وعندما يتعلق الأمر بالنصائح المالية فأنا أفضّل المبادئ التوجيهية المنطقية التي تساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات إنفاق أفضل، كون القواعد العامّة الفضفاضة لا تخدم أيًّا كانت، وغالبًا ما تكون خاطئة إلا في حالات نادرة.

فعلى سبيل المثال، دارت هذه المناقشة الأخيرة على منصة "تويتر" حول السيارات، التي هي أحد موضوعاتي المفضّلة:

"إنفاق 40 ألف دولار على سيارة هو شيء بديهيّ فقط عندما تصل ثروتك إلى مليونَي دولار، ويكون دخلك السنوي في حدود 400 ألف دولار. لكنّ أشخاصًا عاديين يقومون بذلك طَوال الوقت! إنه أمر يصدمني!".

لا أوافق على هذا الرأي، فليس شرطًا أن تكون مليونيرًا أو يكون دخلك في حدود نصف مليون دولار سنويًّا لشراء سيارة صالون جديدة متوسطة الحجم أو سيارة دفع رباعيّ صغيرة. الموقف أعلاه، مُبالَغ فيه.

عندما يتعلّق الأمر بالإنفاق، فإنّ الأفكار الأكثر أهمية تتعلّق بالأمور التي تجعل الناس سعداء، وعدم اتخاذ الناس للقرارات المالية دون وعي.

كيف تشتري سيارة؟

أولًا: عليك البدء بحساب التكلفة. في هذه الأيام، يكلّف تمويل السيارة الجديدة نحو 179 دولارًا شهريًّا لكل10 آلاف دولار. ووفقًا لتغريدة "تويتر" السابقة فإنّ سعر السيارة هو 40 ألف دولار، إذا افترضنا أنك ستدفع 5 آلاف دولار كدفعة مقدَّمة (على الرغم من أنني أفضّل أن تدفع 15 في المئة إلى 20 في المئة من القيمة الإجمالية).

ثانيًا: بمعدلات الفائدة الحالية (2.89 في المئة النسبة السنوية لعقد مدته 60 شهرًا).

ثالثًا: أنت ستمول بالمجمل 35 ألف دولار، أو 627 دولارًا شهريًّا.

ماذا عن عقود التأجير؟ تكون الحسبة هنا منطقية فقط في حال كنت تدفع قيمة الإيجار دون ضرائب، مثل بعض عقود إيجار السيارات الخاصة بالأعمال. خلاف ذلك، فإنّ التأجير باهظ الثمن. وعند استئجار السيارات الجديدة من وكالات السيارات -عادة مدة العقد 36 شهرًا- فهذا يعني أنك ستدفع أغلى ثمن ممكن لشراء السيارة، أخذًا في الاعتبار عدد السنوات والأميال التي ستدفع ثمنها للسيارة الجديدة.

أمور يجب مراعاتها عند شراء السلع الغالية الثمن

مع أخذ كل هذه الأمور في الحسبان، ففيما يلي النهج الذي سيساعدك عند اتخاذ قرارات الشراء للسلع باهظة الثمن:

1- الميزانية: في حين أنه من المهمّ جدًّا للمستهلكين فَهْم ميزانياتهم العمومية ليكونوا قادرين على اتخاذ قرارات مالية ذكية، من المدهش معرفة عدد المرات التي لا يتصرف فيها الناس وفقًا لميزانية شهرية مكتوبة.

من المهمّ جدًّا إدخال جميع بياناتك المالية في جدول بيانات، بما في ذلك الدخل والنفقات الشهرية. وأيضًا تتبع التكاليف السنوية الإضافية مثل السفر أو الإجازة، والإنفاقات الطارئة أو غير المنتظمة على أشياء مثل حفلات الزفاف أو إصلاحات المنزل.

بشكل رئيسيّ، تحتاج دائمًا إلى معرفة ما يمكنك تحمُّله قبل أن تتمكّن من التفكير في الشراء، وإذا كنت لا تعرف ما الذي يمكنك تحمُّله فكيف يمكنك اتخاذ قرار ماليّ ذكيّ؟ أنت تحتاج إلى ميزانية مكتوبة إذا كنت تريد التزام القاعدة الأُولى للتمويل الشخصي: "أنفق أقلّ مما تكسب". هذا ينطبق على أولئك الذين يتسوّقون لسيارة "هيونداي" كما هي الحال بالنسبة إلى سيارة "بنتلي".

2- تحديد الأولويات: كل عملية شراء تُجرى هي مقايضة مقابل استخدام من رأس المال، فإذا أنفقت المال على هذا الشيء فسيكون لديك نقود أقل للإنفاق على الأمور الأخرى، وهذا ينطبق بشكل خاصّ على المنازل أو السيارات أو أيّ سلعة من المشتريات الباهظة الثمن.

بخلاف جيف بيزوس، لدينا جميعًا ميزانيات محدودة، ولذا عليك تحديد أولوياتك، ما هو مهم لك ولأسرتك، وما هو أقل أهمية. وهناك مفاضلات أيضًا حتى بالنسبة إلى السلعة التي تريد شراءها، فمثلًا عندما يتعلق الأمر بالسيارات، هل أولويتك السرعة أم الكفاءة؟ الجودة أم المساحة أم الراحة أم الأمان؟ جميع المركبات هي مزيج من هذه الصفات بنسب متفاوتة اعتمادًا على الجمهور الذي تستهدفه الشركة المصنِّعة.

النزعات الاستهلاكية

3- لا تنخرط في نزعة استهلاكية طائشة: السؤال البسيط "ما الذي يمكنك تحمُّله؟" يجعلك تفكّر بشكل تلقائيّ بسبب شرائك، من المهمّ أن تدرك ما الذي تستهلكه ولماذا. أنا لا أحبّ اللوم فيما يتعلق بالإنفاق، لكنني أريد أن تكون قرارات الشراء التي يتخذها الناس هادفة، وتجلب الرضا والسعادة للحياة.

إذا كنت تريد حقًّا مواصفات معيَّنة للسيارة، سواء ناقل حركة من نوع معيَّن أو قوة بدرجةٍ ما، فلا بأس بذلك ما دامت ستضع ابتسامة على وجهك في كل مرة تقودها.

ولكن إذا كنت تشتري سيارة دفع رباعيّ بريطانية باهظة الثمن وغير موثوقة لأنّ جيرانك فعلوا ذلك، فهنا تكمُن المشكلة؛ هذه النزعة الاستهلاكية سيئة للغاية، وهو ما يذكّرني بتساؤل زميلي بن كارلسون مؤخرًا حول الشاحنات الكبيرة باهظة الثمن التي يشتريها البعض وهي "غير ضرورية بالنسبة إلى كثيرين"، وقد تكون سبب مرور بعضهم بأزمة مالية مرتقبة حين تقاعدهم.

4- الاحتياجات: هل تحتاج إلى سيارة جديدة؟ سيارات اليوم مصنوعة بشكل جيّد للغاية وموثوقة وطويلة الأمد، كما أنّ معظم السيارات التي صُنعت في السنوات الخمس إلى العشر الماضية، من المفترض أن تحقق معدّل سير يتجاوز 100 ألف ميل (الميل = 1.6093 كلم) دون أي مشكلات.

ويمكن لسيارات العلامات التجارية ذات السمعة الجيدة والموثوقة أن تمشي ضعفَي هذه المسافة بسهولة ودون مشكلات تُذكَر. كذلك فإنّ السيارات الحديثة تتمتع بخصائص أمان لم تكُن متوفرة منذ 10 سنوات، إذ إنّ طرازات السيارات التي صُنعت خلال 2010 أكثر أمانًا بكثير من تلك التي صُنعت في التسعينيات.

ماذا يجعل الناس سعداء؟

5- معرفة ما الذي يُشعِرك بالسعادة، وما الذي لن يُشعِرك بذلك: نحن نعرف كثيرًا عما يجعل الناس سعداء ويجلب لهم الرضا عن حياتهم، لكن الإنفاق على "التجارب الحياتية" أثبت أنه يجلب السعادة أكثر بكثير من الإنفاق على السلع الاستهلاكية، وخلق الذكريات دائمًا أفضل من مراكمة الأشياء، بيد أننا نعلم أيضًا أننا لا نتنبأ بشكل جيّد بما يجعلنا سعداء دائمًا.

عن نفسي، أستطيع القول دون تحفُّظ إنّ السيارات السريعة والجميلة تجلب لي الفرح والمتعة، ولهذا امتلكت كثيرًا منها (6)، وكل واحدة جلبت لي السعادة حتى أستبدل بها أخرى أسرع وأجمل (ولكن ليس بالضرورة أحدث). لكنني رجل يهتمّ بالسيارات، وما يجعلني سعيدًا قد لا يجعلك تشعر بأيّ سعادة أو متعة على الإطلاق.

اكتشف ما تريد حقًّا أن تفعله بوقتك وأموالك، وما الذي يجلب لك الرضا. ومن المهمّ مهما فعلت أن تتوقف عن الشراء للتباهي أمام أفراد العائلة أو الجيران.

غالبًا ما أختلف حول القضايا الاقتصادية مع آدم أوزيميك، كاتب التغريدة التي أشرتُ إليها، وكبير الاقتصاديين في "أبوورك" (Upwork)، ويدور بيننا كثير من النقاشات المحترمة بعيدًا عن الإنترنت، وينتهي بنا الأمر بجولات حوار فكرية وأيديولوجية. وبقدر عدم اتفاقنا فإننا أحيانًا ما نصل إلى أرضية مشتركة نتشارك فيها وجهات النظر.

ومع تراجُع الأسعار إلى مستويات تاريخية، فإنه من الجيِّد تمويل كل ما يمكنك تمويله في هذه الفترة، وهو ما يجعلنا نقف أمام بعض المشكلات الأخرى، مثل مخاطر تحمُّل الكثير والإنفاق بما يتجاوز إمكانياتك. مثلًا، من المهمّ الأخذ بعين الاعتبار عند شراء سيارة جديدة لتحلّ محلّ القديمة أن يتوفر لديك قيمة "الدفعة المقدمة" نحو 5 آلاف دولار، وذلك مقابل شراء سيارة جديدة كل 7-10 سنوات، وهو ما يبدو معقولًا إلى حدٍّ ما.

استخدمت في المقال معدلات الفائدة التي نشرتها مؤسسة "بينفيد" (PenFed)، والتي موّلت شراء سيارتي الخاصة مؤخرًا، وهي واحدة من المؤسسات القليلة التي تموّل السيارات القديمة التي يزيد عمرها على خمس سنوات.

أصحاب المليارات بالطبع لديهم ميزانيات محدودة أيضًا في ما يتعلق ببعض الأمور، فمثلًا لا يمكنهم دائمًا شراء القطع الفنية التي تتجاوز 500 مليون دولار، فيما بالنسبة إلى الإنفاق على أشياء مثل المنازل أو السيارات فإنّ لديهم ميزانية غير محدودة، وهو ما لا ينطبق علَيَّ أو عليك.

كان لديّ دائمًا سيارة أُخَصِّصها لعطلة نهاية الأسبوع، أقودها لبضع سنوات ثم أبيعها وأستبدل بها شيئًا آخر. وعند شراء السيارات المستعملة ومن خلال مراعاة الاستهلاك الجيِّد وموثوقية السيارة، وإذا اشتريت بشكل صحيح، يمكنك بيعها بعد بضع سنوات بنفس المبلغ الذي دفعته (أو أكثر).

بعض الأمثلة على سيارات لفتت انتباهي مؤخرًا، سيارة "بورش 911 توربو AWD 2014" التي تبلغ قيمتها جديدة 165.8 ألف دولار، ولكنها بيعت مستعملة مؤخرًا بأقلّ من نصف ذلك، بسعر 81 ألف دولار، أو "بنتلي2016 Continental GT V8-S " التي تباع جديدة بـ237625 دولارًا، فيما بيعت بمبلغ 82500 دولار مؤخرًا، أي بقيمة أقلّ بنسبة 65.3 في المئة (لم أشترِ أيًّا منهما، لكن سيارة "بنتلي" كانت مغرية للغاية، ولكني لم أكُن مستعدًّا للتخلّي عن سيارتي الحاليّة).

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة