ألمح مسؤولون في البنك المركزي التونسي إلى أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي يهدف لإنقاذ الاقتصاد، لن يشمل إعادة هيكلة ديون البلاد، بحسب مستثمر مطلع على الخطط التونسية.
أوضح البنك المركزي موقفه في مؤتمر عبر الهاتف مع المستثمرين الأسبوع الماضي نظمه "بنك أوف أمريكا"، وفقاً لما قاله براد ويكنز، الشريك المؤسس في صندوق التحوط الذي يركز على الأسواق الناشئة في لندن " برود ريتش إنفستمنت مانجمنت" (Broad Reach Investment Management)، والذي تمت دعوته للاستماع.
تستثمر الشركة في أدوات الدين التونسي، لكن "ويكنز" امتنع عن إعطاء تفاصيل عن وضعها، وقال إن "البنك المركزي كان واضحاً للغاية في المؤتمر الذي أجراه هاتفيا مع عدد كبير من المستثمرين، حيث إن أي برنامج لن يشمل إعادة هيكلة الديون.. إعادة هيكلة الديون لمبلغ صغير من السندات الدولية لن تساعد الوضع على الإطلاق".
لم يرد مسؤولو البنك المركزي التونسي على محاولات عديدة للاتصال للحصول عل تعليق عبر الهاتف والبريد الإلكتروني منذ الثلاثاء. ورفض متحدث باسم بنك أوف أمريكا التعليق.
اقرأ أيضاً: قرض بقيمة 450 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم ميزانية تونس
هبطت ديون تونس مع ارتفاع علاوة المخاطرة إلى مستوى قياسي بلغ 2000 نقطة أساس في 29 مارس، حيث تثير الحرب في أوكرانيا ضغوطاً جديدة على أسعار المواد الغذائية والطاقة.
وسط تحذيرات بالتخلف عن السداد، قالت الحكومة التونسية إنها ستحاول إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أبريل.
حزمة مساعدات
من شأن حزمة المساعدة من صندوق النقد الدولي، التي لا تتضمن إعادة هيكلة ديونها الدولية، أن تمنح اقتصاد الدولة الواقعة في شمال أفريقيا دفعة قوية دون إجبار المستثمرين على تقاسم بعض العبء. تظهر بيانات "بلومبرغ" أن تونس لديها ما لا يقل عن 5 مليارات دولار من السندات الدولية المستحقة غير المسددة.
قال "ويكنز": "نعتقد أن غزو روسيا لأوكرانيا سوف يطلق فصلاً آخر في برنامج صندوق النقد الدولي بمزيد من التساهل، وربما حتى برامج المساعدات الغذائية.. قد تستفيد تونس من قروض صندوق النقد الدولي الكبيرة على المدى القصير، مما سيفتح المزيد من الإقراض متعدد الأطراف والثنائي".
منذ اندلاع الحرب، ناقش صندوق النقد الدولي عدداً من الاتفاقيات مع الدول المثقلة بالديون، بما في ذلك اتفاق قرض مبدئي بقيمة 3 مليارات دولار لصالح لبنان. وقالت الحكومة المصرية الشهر الماضي إنها ستطلب أيضاً المساعدة من الصندوق، ومقره واشنطن.
اقرأ أيضاً: البنك الدولي يمنح تونس 400 مليون دولار لدعم الأسر في مواجهة "كورونا"
يأمل تجار الديون، بمن فيهم "ويكنز"، أن تصبح الدولة الواقعة في شمال أفريقيا التي عانت لعقد من النمو الاقتصادي الهزيل، هي المستفيد التالي من دعم صندوق النقد الدولي. ووفقاً لقول "ويكنز": "سننظر إلى تونس على أنها واحدة من القروض المتعثرة التي من المرجح أن تتزايد خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة".
رفض المتحدث باسم صندوق النقد الدولي التعليق، مشيراً إلى البيان الصادر في 30 مارس الماضي، والذي لم يتطرق إلى قضية إعادة هيكلة الديون الدولية للبلاد. وجاء في البيان "في هذه اللحظة نواصل الوقوف إلى جانب السلطات التونسية في جهودها لدفع الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لصالح السكان".
خفض الإنفاق
تزامناً مع ذلك، تستمر التحديات الاقتصادية التي تواجه تونس في التصاعد، إذ إن أزمة تكلفة المعيشة تجعل من الصعب على الحكومة خفض الإنفاق. وقد يكون الوضع أكثر تعقيداً بسبب تحركات الرئيس، قيس سعيد لتولي المزيد من السلطات، وتهميش البرلمان في البلاد، الأمر الذي أثار احتجاجات متفرقة.
قال جيمس سوانستون، محلل اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ"كابيتال إيكونوميكس" في لندن، عبر تقرير الأسبوع الماضي، إن تعثر المسار السياسي في البلاد والتداعيات من الحرب في أوكرانيا يعني أن تونس قد "تتخلف عن السداد عاجلاً وليس آجلاً".
أثار إعلان سريلانكا، الثلاثاء الماضي، عن وقف جميع المدفوعات المستحقة لحاملي السندات نوبة جديدة من القلق بشأن مخاطر التخلف عن السداد بالنسبة للمستثمرين في ديون الأسواق الناشئة.
اقرأ أيضاً: تونس تواجه شبح الإفلاس ومصاعب اقتصادية تهدد بفوضى اجتماعية وسياسية
مع ذلك، فإن المشاكل التي تواجه تونس ليست بالقدر ذاته، وفقاً لـ"جي إيه إم هولدينغز"(GAM Holdings)، التي تشتري ديون البلاد.
قال ريتشارد بريغز، مدير استثمار بالشركة في لندن إن: "التخلف عن السداد أو إعادة الهيكلة خلال الـ12 شهراً القادمة ليس السيناريو الرئيسي.. لا تزال تونس قادرة على الدفع إلى حد كبير، لأن لديها احتياطيات عالية من العملات الأجنبية وتمكنت من إبقائها عند مستويات مستقرة إلى حدٍّ معقول".