السوق تتوقع أن رفع الفائدة قصيرة الأجل سيقوّض نموّ الاقتصاد ويجبر "الفيدرالي" على عكس مساره

إن لم تتراجع الأسهم فعلى "الفيدرالي" إجبارها

جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تصعب معرفة ما يتعين على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي فعله للسيطرة على التضخم، لكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن تحركاته يجب أن تزيد الخسائر التي أوقعتها بمستثمرين في الأسهم والسندات كي تكون فعالة.

لقد أصاب التغيير السريع في آفاق سياسة أسعار الفائدة الفيدرالية المتعاملين في السوق بالدوار، فهم لم يكونوا يتوقعون منذ نحو عام أيَّ زيادة في الفائدة خلال 2022، لكنهم الآن يترقبون أن تصل الفائدة الرسمية الفيدرالية إلى نحو 2.5% بحلول نهاية العام، وأن تبلغ ذروتها عند أكثر من 3% في 2023.

يعتمد تحقق تلك التوقعات على عدد من التطورات التي يصعب التنبؤ بها: ما السرعة التي سيتراجع بها التضخم؟ ما الحد الأدنى الذي سيبلغه مع إعادة فتح الاقتصاد وتحول الطلب من الخدمات إلى السلع وخفوت اضطرابات سلاسل التوريد؟ ماذا سيحل بسوق العمل، إذ يبلغ تضخم الأجور السنوي أكثر من 5% فيما يتجه معدل البطالة لبلوغ أدنى مستوى منذ أوائل الخمسينيات خلال بضعة أشهر؟ هل سينخرط مزيد من الناس في سوق العمل بما يعزز المعروض من العمالة؟ إن اعتدل التضخم إلى جانب ذلك فقد يتمكن "الفيدرالي" من التوقف عن رفع الفائدة فوق مستوى 2.5% المحايد، وإلا فإن ضيق معروض العمالة والتضخم العنيد سيجبرانه على التشديد بوتيرة أقوى بكثير.

شعور بالثراء

أبرز أوجه عدم اليقين هو كيف يؤثر "الفيدرالي" في الأوضاع المالية، وكيف تؤثر هذه الأوضاع في النشاط الاقتصادي؟ هذا أمر محوري في تفكير رئيس "الفيدرالي" جيروم باول حول انتقال السياسة النقدية، فقد قال في مؤتمره الصحفي في مارس: “السياسة تعمل عبر الظروف المالية، وهكذا يصل تأثيرها إلى الاقتصاد الحقيقي".

هو على حق، فبخلاف عديد من الدول الأخرى، لا يستجيب الاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر لمستوى أسعار الفائدة قصيرة الأجل، ولا يتأثر معظم أصحاب الرهون العقارية، لأن لديهم قروضاً عقارية طويلة الأجل ذات فائدة ثابتة. مرة أخرى، على عكس عديد من الدول، يملك كثير من الأُسَر الأمريكية أسهماً تمثل قدراً كبيراً من ثروتها، لذا فهم حساسون للظروف المالية. تؤثر أسعار الأسهم على مدى شعورهم بالثراء واستعدادهم للإنفاق بدل الادخار.

لم يكن لإلغاء "الفيدرالي" للمحفزات تأثير كبير في الأوضاع المالية حتى الآن. انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 4% فقط من ذروة مطلع يناير، ولا يزال مرتفعاً كثيراً عن مستوى ما قبل الوباء. كما أن العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات يقف عند 2.5%، بارتفاع 0.75% فقط عن العام الماضي، ولا يزال أقل بكثير من معدل التضخم.

يحدث هذا لأن المشاركين في السوق يتوقعون أن ارتفاع الفائدة قصيرة الأجل سيقوض النمو الاقتصادي ويجبر الاحتياطي الفيدرالي على عكس مساره في 2024 و2025، لكن هذه التوقعات نفسها تمنع تشديد الظروف المالية التي ترجح مثل هذه النتيجة.

يجب أن يولي المستثمرون ما قاله باول اهتماماً أكبر، يجب تشديد الأوضاع المالية، وإن لم يحدث ذلك تلقائياً (وهو ما يبدو غير مرجح) فسيتعين على (الفيدرالي) أن يصدم الأسواق لتحقيق الاستجابة المطلوبة. هذا يعني رفع الفائدة بوتيرة أعلى بكثير مما هو متوقع حالياً. سيضطر "الفيدرالي" بطريقة أو بأخرى إلى رفع عوائد السندات وخفض أسعار الأسهم للسيطرة على التضخم.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة