يشبه ميناء روتردام الهولندي في الأوقات العادية الآلة، في ظل دخول وخروج مئات السفن يومياً، حيث يتم تحميل وتفريغ عشرات الآلاف من الحاويات من تلك السفن، من أجل الحفاظ على الاقتصاد الأوروبي مزدهراً.
وعلى الرغم من عرقلة العقوبات المفروضة على روسيا لآلاف حاويات الشحن في الوقت الحالي، يعرض رئيس الميناء في مقابلة رؤية فريدة لكيفية تفادي تعطل القلب النابض للاقتصاد الحقيقي في أوروبا، بسبب الإجراءات ضد موسكو.
يقول آلارد كاستلين الرئيس التنفيذي لميناء روتردام، إن الحاويات التي يبلغ طولها ما بين 20 أو 40 قدماً، المخصصة للبلد الخاضع للعقوبات، تحتاج جميعها لفحص دقيق، والتأكد من أن نقلها لن يخالف العقوبات.
وأشار كاستلين إلى اهتمام العديد من الوكالات بشكل وثيق بالسفن القادمة من روسيا، إضافة إلى إشارة عدد كبير من محطات الحاويات وشركات الشحن إلى أنها لن تتعامل بعد الآن مع البضائع المتجهة إلى الدولة التي تتعرض للعقوبات، بعد غزوها لأوكرانيا.
تفتيش الحاويات
قال كاستلين (63 عاماً) في مقابلة في مكتبه بمنتصف الميناء العالمي المطل على مدينة روتردام: "يمكنك فقط تخيل الكابوس الذي يزداد".
حتى قبل الغزو، كانت سلاسل التوريد العالمية بشكل عام، وخاصة في صناعة شحن الحاويات، بالكاد تجاوزت الفوضى التي سببها كوفيد19، مع تحرك السفن من مكانها وازدهار الطلب على السلع، بعدما تسبب الوباء في عدم توفر العديد من الخدمات.
وقال كاستلين، من بين آلاف الحاويات التي تحملها كل سفينة قادمة قد تتجه العشرات أو المئات إلى روسيا، وهو ما يحتاج إلى عزلها، وتفريغها، وإجراء عمليات تفتيش مادي لها قبل الإفراج عنها.
وأشار إلى أن ذلك الإجراء يضع قيوداً على سلسلة العمل من حيث المساحة التي تحتاجها والقوى العاملة والوقت، وذكر أن الميناء يحتوي حالياً على 4500 حاوية تم وضعها جانباً للتفتيش، ما يمثل وضعاً استثنائياً. وأضاف: "نحاول إبقاء هذا الرقم منخفضاً قدر الإمكان لأن رصيف الميناء محدود".
قال كاستلين، إن الميناء جاهز لإضافة طاقة فائضة من خلال إنشاء ما يسمى بمنطقة العرض، إذا أدى عدد الحاويات المتعلقة بروسيا إلى انسداد كامل للأرصفة. وأضاف: "يتمتع رصيف يوروماكس بسعة إضافية، وقد نستخدمها في النهاية".
تعد الأعمال التجارية الروسية جزءاً مهماً من عمليات الميناء، حيث يتم نقل حوالي 470 مليون طن عبر المرفق سنوياً، يتجه منها نحو 13% نحو روسيا.
كما أن 10% من إجمالي الحاويات التي تمر عبر الميناء ترتبط بطريقة ما بروسيا، التي تصدر سلعاً مثل الصلب والنحاس والألمنيوم والنيكل من خلال الميناء الهولندي. لكن الجانب الأكبر من حجم التشغيل الإجمالي للميناء مرتبط بالطاقة.
يمر نحو 30% من واردات النفط الخام الروسي، و25% من الغاز الطبيعي المسال، و20% من منتجات النفط والفحم عبر ميناء روتردام، وفقاً لموقع الميناء الإلكتروني على الإنترنت.
أزمة الطاقة
أوضح كاستلين أنه لا يوجد حظر رسمي على شراء سلع الطاقة الروسية، لكن الحكومات والشركات الأوروبية بدأت في فطم نفسها عن الإمدادات، ما يزيد التكلفة عليهم.
وقال كاستلين، لقد تم إعداد خطط عمل الكثير من المصافي في هذه المنطقة على النفط الخام الروسي، ما يعني أنه حتى لو تم استبدال الإمدادات، فقد لا تكون الكفاءة وإنتاجية الوقود كما هي.
تتخذ الحكومة الهولندية تدابير لزيادة قدرة استيراد الغاز المسال على المدى القصير. وقال كاستلين، إن سعة محطة الغاز الطبيعي المسال في الميناء، التي تديرها شركتا: "نيدرلاندسي خاسيوني" (Nederlandse Gasunie)، و"نديرلاندشيه فوباك" (Koninklijke Vopak NV)، من المتوقع أن تزيد بنسبة 30%- 40% قبل نهاية العام.
لكن مشاكل الطاقة بعيدة بشكل كبير على أن تنتهي قريباً.
وقال كاستلين، إذا رفضت الدول الأوروبية الامتثال للمطالب الروسية بالدفع بالروبل مقابل صادراتها من الغاز، التي يتم ضخ معظمها مباشرة إلى القارة، وأوقف الكرملين بعد ذلك صادرات الطاقة، يمكن أن ندخل في ضائقة شديدة بحلول منتصف الليل، بسهولة بالغة. وأضاف أن "مخازن الغاز غير ممتلئة، لذلك نحن لسنا خارج المياه العكرة".