أشاد مديرو الاستثمار، ومن بينهم "غولدمان ساكس"، بخطوة مصر السماح بخفض قيمة الجنيه. وقالوا، إن الخطوة توقف تدفق رأس المال الأجنبي إلى خارج البلاد وتعزز من فرص مصر في الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
انخفض الجنيه 14% ليصل إلى 18.2323 مقابل الدولار في السوق الخارجية، ليسجل أكبر انخفاض له منذ تخفيض قيمة العملة في نوفمبر 2016، والذي ساعد وقتها في إخراج البلاد من أزمة الدولار وتحويلها إلى سوق جاذب.
ويتوقع المستثمرون تحولاً مماثلاً هذه المرة، وسط معاناة البلاد من ارتفاع التضخم واختلالات الحساب الخارجي، حيث تفاقم كلاهما بسبب الحرب في أوكرانيا.
كذلك أعلن البنك المركزي المصري يوم الإثنين، رفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، والذي حوّل معدل الفائدة الحقيقي للبلاد إلى إيجابي، في حين يخفف انخفاض الجنيه القلق من المبالغة في تقدير قيمته.
تأتي القرارات وسط تدفق نحو 15 مليار دولار للخارج من سوق الدين المحلي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط، وفقاً لحسابات "غولدمان ساكس"، وتزامن ذلك مع إجراء الدولة محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن خيارات مختلفة بما في ذلك خط ائتمان الوقاية والسيولة.
كتب فاروق سوسة الخبير الاقتصادي في "غولدمان ساكس"، في مذكرة بحثية: "يساعد ذلك في تحفيز تدفقات جديدة إلى السوق، حيث يدرك المستثمرون انحسار مخاطر المزيد من تخفيضات قيمة العملة، بل احتمال حدوث بعض الارتفاعات في الأشهر المقبلة. كما أنه يمهد الطريق لبرنامج صندوق النقد الدولي، الذي نعتقد أنه سيساعد في ترسيخ الثقة في المسار المالي والإصلاحي لمصر".
مرونة سعر الصرف
انخفض الجنيه بعد تشديد صناع السياسة النقدية على "أهمية مرونة سعر الصرف لتعمل على امتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر". وكانت العملة قبل يوم الإثنين، ثابتة في نطاق 15.5-15.9 منذ سبتمبر 2020.
ومع رفع أسعار الفائدة، واستقرار الجنيه، إضافة إلى السجل الحافل من التحركات الداعمة للسوق، ظلت مصر وجهة مفضلة لمستثمري الأسواق الناشئة لسنوات.
ورغم ذلك، تدهورت المعنويات بسرعة في الأشهر القليلة الماضية، مع ارتفاع أسعار الطاقة والتشديد النقدي العالمي الذي أضر بواحدة من أكثر دول الشرق الأوسط مديونية.
كتب دانيال ريتشاردز، الخبير الاقتصادي في بنك الإمارات دبي الوطني: "تتمتع مصر بتاريخ حديث مثمر مع صندوق النقد الدولي، ولن يقدم البرنامج الجديد دعماً نقدياً مهماً على المدى القريب فحسب، بل يوفر أيضاً ركيزة مهمة لسياسة الإصلاحات الجارية، كما يساعد على تشجيع تدفق الاستثمارات لمحفظتي الاستثمار والدخل الثابت". وأضاف ريتشاردز: "تم الآن استيفاء بعض المتطلبات الأساسية المحتملة للحصول على دعم مالي متجدد من الصندوق، من خلال رفع سعر الفائدة بشكل كبير، وخفض قيمة العملة".
يشعر بعض المستثمرين بالقلق من عدم كفاية الإجراءات التي تتخذها مصر لتسهيل عقد صفقة مع صندوق النقد الدولي، لمعالجة الاختلالات التي يتعرض لها الاقتصاد، والعجز المتزايد في الحساب الجاري.
وفي سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، يستعد المتداولون لضعف الجنيه، حيث ارتفع سعر العقود تسليم 12 شهر إلى 20.80 مقابل الدولار، بتراجع بنسبة 12% مقارنة بسعر الصرف في الأسعار الفورية بالأسواق الخارجية.
قال بول غرير، مدير الاستثمار في "فيديليتي إنترناشيونال" (Fidelity International) في لندن: "ما زلنا نتوقع أن تقدم الأسواق المحلية فروقاً كبيرة بين القيمة الاسمية للعملة، فيما نرى زيادة كبيرة بمخاطر انخفاض القيمة العادلة للأصول".
وأشار غرير، إلى أن "فيديليتي إنترناشونال"، التي تدير أصولاً بقيمة تبلغ نحو 700 مليار دولار، قامت بخفض مركزها في الجنيه المصري مؤخراً إلى "محايد" في صناديقها، مقارنة بمركزها السابق بزيادة الوزن في المحافظ خلال السنوات الخمس الماضية.
قال فهد إقبال، رئيس أبحاث الشرق الأوسط للخدمات المصرفية الخاصة في مجموعة "كريدي سويس" ومقره دبي، إن تحرك البنك المركزي "يشير إلى أن الظروف في مصر أسوأ مما توقعنا. ولا يمكننا استبعاد خطر مزيد من خفض قيمة العملة في مرحلة لاحقة".