اضطر عشرات الآلاف من سكان سيدني وبريسبان والمناطق الإقليمية المجاورة، إلى الفرار من منازلهم؛ فقد تسبّبت الأمطار الغزيرة والفيضانات المستمرة في إحداث دمار كبير في ساحل أستراليا الشرقي.
يوم الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء سكوت موريسون حالة الطوارئ على الصعيد الوطني، بعد زيارته لواحدة من أكثر المناطق تضرراً، ومنح الحكومة المزيد من الصلاحيات لنشر أفراد قوات الإغاثة والدفاع. وكانت الفيضانات قد تسبّبت يوم الثلاثاء بتقطّع السبل لحشود من الركاب، حيث علقوا حول مدينة سيدني، أكثر مدن أستراليا اكتظاظاً بالسكان، في الوقت الذي بدأت فيه المنطقة التجارية المركزية بالعودة إلى الحياة بعد رفع قيود جائحة كورونا.
اقرأ أيضاً: أستراليا تعوّل على تعافي السياحة مع إعادة فتح الحدود أمام الزائرين
أدى موسمان من مواسم ظاهرة "لا نينا" (La Nina) في 2021 و2022، إلى صيف ماطر بشكل غير اعتيادي على الساحل الشرقي لأستراليا، ووضع تغير المناخ في بؤرة الاهتمام قبل الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها بحلول نهاية مايو. التزم رئيس الوزراء بصافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، لكنَّ حكومته تعرّضت بانتظام لانتقادات بسبب اتخاذها إجراءات غير كافية بشأن تغيّر المناخ.
قالت منظمة أسترالية مناصرة للبيئة تدعى "مجلس المناخ" (Climate Council)، في بيان يوم الإثنين، إنَّ العلماء ظلوا يحذّرون "لعقود" من الأخطار الناجمة عن الأحوال الجوية القاسية التي تسبّبها انبعاثات الكربون.
أضاف بيان منظمة "مجلس المناخ": "تغيّر المناخ ليس حاشية في قصة هذه الفيضانات، بل هو القصة ذاتها".
أُجبر سكان عدة أجزاء من ولاية نيو ساوث ويلز، بما في ذلك ضواحي الشواطئ الشمالية الغنية في سيدني الكبرى، على إخلاء منازلهم بعد ظهر يوم الثلاثاء، إذ انقطعت الطرق وسط مخاوف من فيضان السد. وأودت الفيضانات بالفعل بحياة 20 شخصاً على الأقل في جميع أنحاء ولاية كوينزلاند، ونيو ساوث ويلز منذ بدء هطول الأمطار بغزارة قبل حوالي أسبوعين.
مطالبات التأمين
وفقاً لـ"مجلس التأمين الأسترالي" (Insurance Council of Australia)؛ كان هناك ما يقرب من 100 ألف طلب قدّمت إلى شركات التأمين نتيجة للفيضانات في نيو ساوث ويلز وكوينزلاند؛ علماً أنَّ 80% منها كانت تتعلق بالممتلكات المحلية. في نيو ساوث ويلز، كانت هناك زيادة في الطلبات بلغت 12% خلال 24 ساعة. وقال المجلس إنَّ التكلفة الحالية المقدّرة لهذه الطلبات تبلغ الآن 1.45 مليار دولار أسترالي (1.1 مليار دولار)، بناءً على أرقام الفيضانات السابقة.
أدت الفيضانات، مصحوبةً بالغزو الروسي لأوكرانيا، إلى انخفاض مؤشر ثقة المستهلكين في أستراليا خلال شهر مارس، فقد تراجع 4.2% إلى 96.6 نقطة وفقاً لشركة الخدمات المالية "ويستباك" (Westpac Banking)، وهي أضعف نتيجة منذ سبتمبر 2020.
يعتبر الكثيرون أستراليا في طليعة المتأثرين بتغير المناخ؛ وهو الوضع الذي أصبح واضحاً بشكل مخيف في السنوات الأخيرة، فقد كانت حوادث الفيضانات السيلية خلال السنوات الماطرة تتخلل فصول الصيف الجافة الحارقة التي أدت إلى حرائق غابات مدمرة، بما في ذلك أزمة عام 2020 التي أحرقت مساحة من الأرض بحجم إنجلترا تقريباً.
خفض الانبعاثات
تعهد موريسون بخفض انبعاثات أستراليا بنسبة تصل إلى 28% بحلول عام 2030، لكنَّ استطلاعاً للرأي أجري في نوفمبر 2021 وجد أنَّ الأستراليين يثقون بحزب العمال المعارض في التعامل مع قضية تغير المناخ، أكثر من الحكومة الحالية بهامش 39% إلى 26%.
وفقاً لتقرير صدر يوم الأربعاء من مجموعة الضغط البيئية: "مزارعون للعمل المناخي" (Farmers for Climate Action)؛ من المقرر أن تصبح أسعار الغذاء المرتفعة ورفوف السوبرماركت الفارغة، أمراً متكرراً في أستراليا؛ إذ يهدد المناخ المتقلب بشكل متزايد سلاسل التوريد، وتوفر مستلزمات الإنتاج الحيوية، بما في ذلك التأمين، والتمويل، والأسمدة.