إنها القصة الجيوسياسية التي تهيمن على عصرنا الحالي: الاقتصاد العالمي ينقسم إلى كتلتين، مع استمرار تصارع الصين المتنامية والولايات المتحدة المتراجعة، حول التجارة والتكنولوجيا وحتى الوباء.
وبعد غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا نتيجة لذلك، بات هذا الانقسام يبدو أكثر حدة من أي وقت مضى، لكن المنافسة تبدو أكثر تفاوتاً أيضاً، حيث شكلت العزلة الاقتصادية المفروضة على روسيا تذكيراً صارخاً لاستمرارية الهيمنة الأمريكية.
تفاوت المنافسة
فبينما تكاد الصين تلحق بالولايات المتحدة من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وقد تجاوزتها بالفعل في مجال التجارة والتصنيع، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بهيكلية النقود التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي، فإن أمريكا ونظامها الذي يقوده الدولار يبقيان في الصدارة بلا أي منازع.
يقول إسوار براساد، الخبير الاقتصادي في "جامعة كورنيل"، والذي أمضى سنوات في دراسة تحدي الصين للدولار: "لا تزال القوة المالية في أيدي الغرب بقوة".
وكان هذا واضحاً بشكل كبير، مع تكاتف الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا وآسيا حول إقرارها سلسلة العقوبات الأشد صرامة بعد إرسال بوتين لقواته إلى أوكرانيا، حيث تم عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي بشكل كبير، لدرجة أن آثار ذلك من المحتمل أن تبقى محسوسة لسنوات.
بوتين وفأره.. والسيناريوهات الستة لنهاية حربه في أوكرانيا
انهار الروبل، وفقد البنك المركزي إمكانية الوصول إلى جزء كبير من مدخراته من العملات الأجنبية، واضطرت الحكومة إلى فرض ضوابط على رأس المال، وتسابقت الشركات الدولية العملاقة للخروج من البلاد، بدءاً من "أبل" إلى "رويال دوتش شل".
وبالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أعلن قبل أسابيع فقط عن صداقة بلا حدود مع موسكو، تبدو سرعة عزل روسيا كقصة تحذيرية وتذكير له بأسباب يأس قادة الصين من تطوير بديل لهيمنة الدولار الأمريكي. وهو ما قد يحفز بكين على تسريع هذا المشروع.
الحرب الاقتصادية
في تلك الأثناء في واشنطن، أشاد قادة الولايات المتحدة باستعراض القوة المالية للولايات المتحدة.
ومؤخراً، قال الرئيس جو بايدن في خطابه عن حالة الاتحاد: "عندما يُكتب تاريخ هذه الحقبة، سيحكى أن حرب بوتين على أوكرانيا أضعفت روسيا وزادت من قوة بقية العالم". وأشار فيما يمكن اعتباره انتقاداً لاذعاً للصين، قائلاً: "في المعركة بين الديمقراطية والاستبداد بالحكم، لا تزال الديمقراطيات هي الأقوى حتى هذه اللحظة".
مع ذلك، من المبكر أن يعلن أي شخص النصر، حيث لا تزال موجات الصدمة من الحرب الروسية على أوكرانيا في بدايتها.
حيث تزيد أسعار النفط التي تجاوزت 110 دولارات للبرميل، من احتمالية ارتفاع التضخم، الذي وصل بالفعل خلال الوباء إلى أعلى مستوياته منذ عدة عقود، وهذا ينذر بخطر على كل من بايدن، الذي تآكلت شعبيته بالفعل بسبب ارتفاع أسعار البنزين، وعلى القادة في أوروبا، الذين لا تزال اقتصاداتهم تعتمد على الطاقة الروسية.
"الساعة المتوقفة"
وفي اقتصاد عالمي أكثر انقساماً، يسارع المستثمرون إلى الأسهم، ففي الولايات المتحدة، كانت الأسهم الدفاعية في حالة تشتت بعد أن تعهدت عدة دول أوروبية بشكل مفاجئ بزيادة الإنفاق العسكري، مثل ألمانيا التي كانت تعارض منذ فترة طويلة تخصيص المزيد من الأموال لقواتها العسكرية. أما في الصين، فقد شهدت الشركات المرتبطة بنظام المدفوعات الذي تسعى البلاد إلى بنائه كبديل للأنظمة الغربية، ارتفاعاً في أسهمها.
الصين وروسيا.. كيف يُقلق التقارب الحذِر أمريكا؟
ويتفق الكثير من الاقتصاديين على أن حالة الاستقطاب باتت حقيقة فعلية حالياً. ويطلق آدم بوزين، رئيس "معهد بيترسون" للاقتصاد الدولي، عليها اسم "تآكل العولمة". ويقول بوزين، إن هذه الحالة بدأت مع حرب الرئيس دونالد ترمب التجارية مع الصين، واستمرت خلال الوباء مع تحول الاقتصادات نحو الداخل، وتشهد الآن تسارعاً. ويقول بوزين: "لفترة طويلة تحدث الجميع عن الكتل وانقسام الاقتصاد العالمي". وفيما كانت لديه شكوكه من قبل، بات بوزين يعتقد الآن أن "الساعة المتوقفة تشير إلى الرقم الصحيح أخيراً"، وستتمثل النتيجة النهائية باقتصاد عالمي أقل إنتاجية وابتكار، مع تحوله إلى حالة من الصراع يدفع فيها المستهلكون في كل مكان الثمن.
مواجهة محدودة
مع ذلك، هناك أسباب تدفع للاعتقاد بأن الصين ليست في عجلة من أمرها للوقوف إلى جانب روسيا في مواجهة اقتصادية شاملة مع الولايات المتحدة على المدى القريب على الأقل. وفي الواقع، يسير الرئيس الصيني على حبل رفيع حتى الآن، فبينما رفضت الصين فرض عقوبات مالية على روسيا ومن المرجح أن تساعدها في التغلب على عاصفة العقوبات عن طريق شراء النفط والغاز والقمح، يبدو أن قيود الصداقة "بلا حدود" بدأت في الظهور بالفعل. حيث تحدث القادة السياسيون عن الحاجة إلى وقف سريع لإطلاق النار، وقيدت بعض البنوك الصينية الكبيرة الوصول إلى تمويل مشتريات السلع الروسية.
هذا النمط الذي تتخذه الصين، كان واضحاً في الماضي: فبينما تختلف الصين مع الأهداف السياسية للعقوبات الغربية، إلا أنها تتجنب مواجهتها بشكل مباشر، حتى البنوك الصينية التي تديرها الدولة، على سبيل المثال، امتثلت للقيود الأمريكية السابقة على هونغ كونغ.
وتقول كاري لام، الرئيسة التنفيذية لإقليم هونغ كونغ، وهي حليفة للصين، إنها في عام 2020 كانت تجمع "أكواماً من النقد" في المنزل لأن الإجراءات الأمريكية منعتها من تقديم الخدمات المصرفية الأساسية، ويقول ديفيد دولار، الزميل البارز في "معهد بروكينغز" وممثل الخزانة السابق في بكين: "تبدو البنوك الصينية في الواقع متخوفة كثيراً من معارضة وزارة الخزانة الأمريكية. وتعد البنوك الصينية الكبيرة من بين أكبر البنوك في العالم، وهي مندمجة بعمق مع النظام العالمي. لذلك ستكون حذرة".
"أخبار سيئة"
السبب الأساسي لهذا الحذر يتمثل بأن الرئيس الصيني شي يرأس اقتصاداً مرتبطاً مع العالم بشكل أعمق بكثير من اقتصاد بوتين، وقد زاد ارتباطه الآن أكثر من أي وقت مضى، بعد التخلص من آثار حرب ترمب التجارية إلى حد كبير.
فخلال الوباء، حطمت الصادرات الصينية الأرقام القياسية. ووجد تحليل خبراء اقتصاديين في "إتش إس بي سي" أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، عندما انتشر الحديث عن الانفصال عن الحرب الباردة الاقتصادية، نمت تجارة الصين بمعدل أسرع بخمس مرات من المتوسط العالمي، بينما زاد الاستثمار الأجنبي المباشر هناك حتى رغم انخفاضه في أمكنة أخرى.
ويقول هوي فينج، المحاضر البارز في "جامعة غريفيث" في كوينزلاند في أستراليا والمؤلف المشارك لكتاب "صعود بنك الشعب الصيني": "إن التخلي في الوقت الحالي عن كل ذلك للانضمام إلى روسيا في معركة اقتصادية مع الغرب، سيحمل أنباءً سيئة للصين. صحيح أنهم سيحصلون على النفط الروسي الرخيص ومنتجات الطاقة الأخرى. لكنهم سيعانون من فصل هيكلي في التكنولوجيا والاستثمار".
لكنّ هذا لا يعني أن الصين ستتراجع عن هدفها طويل الأمد في تحدي التفوق المالي للولايات المتحدة، حيث قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام لجنة مجلس الشيوخ مؤخراً، إن أحداث الأسبوع الماضي قد تسرع من تلك الحملة الصينية.
ومنذ سنوات، تحدث درجة من الانفصال المالي على بعض الجبهات، حيث تبنت الولايات المتحدة وجهة نظر قاتمة بشأن عمليات الاستحواذ الصينية في الصناعات الأمريكية الرئيسية. وفي عهد ترمب، اتخذت إجراءات صارمة ضد إدراج الشركات الصينية في الأسواق الأمريكية. حتى إن بعض الشركات التي تمكنت من القيام بذلك، باتت تعيد النظر في الأمر.
وتخطط شركة "ديدي غلوبال" (Didi Global) الصينية العملاقة لخدمات نقل الركاب، التي نفذت طرحاً عاماً أولياً بقيمة 4.4 مليار دولار في نيويورك العام الماضي (خلافاً لرغبات بكين)، إلى نقل إدراجها إلى سوق الأسهم في هونغ كونغ، وقدمت شركة التأمين "إف دبليو دي" (FWD Group Holdings) طلب اكتتاب عام في المدينة نفسها، بعد أن أدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى سحق خططها للإدراج الأولي في الخارج.
5 رسوم بيانية توضح ركود الاقتصاد الروسي
الانفصال المالي
وفي تلك الأثناء، عززت بكين دفاعاتها الاقتصادية. حيث أمر "شي" بتسريع التوجه نحو الاعتماد الذاتي في المكونات الصناعية الرئيسية مثل أشباه الموصلات. وطوال سنوات، كانت الشركات الصينية تشتري المعادن الإستراتيجية مثل الكوبالت.
وعلى الصعيد المالي، أنشأت الصين عملة رقمية قد تكون جاهزة للاستخدام عبر الحدود قريباً، ونظام دفع يعرف باسم "سي آي بي إس" (CIPS) يقدم بديلاً لنظام "سويفت" الذي جرى عزل روسيا منه جزئياً.
ومن شأن ذلك أن يساعد الشركات الصينية وغيرها في الالتفاف على النظام المستند إلى الدولار في حالة استخدام العقوبات في الهجوم، وهو ما يُرجح حدوثه ما إذا هاجمت القوات الصينية تايوان، على سبيل المثال.
"جيه بي مورغان": روسيا تواجه انهياراً اقتصادياً على غرار ما حدث في عام 1998
وبينما قد يزداد استخدام نظام "سي آي بي إس" قريباً، مع زيادة التعاملات بين الصين وروسيا. وقال محللو مجموعة "روديوم" (Rhodium) في تقرير أخير، إن النظام يعد وسيلة محدودة لتجنب العقوبات في الوقت الحالي، نظراً لوجود 75 مشاركاً فيه فقط، وجميعهم يمثلون فروعاً خارجية لبنوك صينية، وهذا لا يُعادل نظام "سويفت" للتراسل بين البنوك.
وكذلك، سعى بنك الصين الشعبي إلى تنويع احتياطاته من العملات الأجنبية وتقليل ثقل سندات الخزانة الأمريكية، رغم أنه لا يزال ثاني أكبر مالك لها في العالم، وتصل قيمة حيازته منها إلى 1.1 تريليون دولار.
ورغم كل هذه الجهود، فإن مشكلة الصين تتمثل بأنها بدأت من أساس منخفض للغاية. حيث لم تنجح الجهود المبذولة لبناء نظام منافس للنظام الذي يقوده الدولار والتشجيع على استخدام عملتها على نطاق أوسع. ولا يمثل الرنمينبي (اليوان) سوى نحو 3% من المدفوعات العالمية عبر "سويفت" و2.7% فقط من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية حول العالم.
ويقول إدوين لاي، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز التنمية الاقتصادية في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، إنه ليس من الواضح ما يمكن أن تفعله الصين لتسريع العملية.
ويضيف لاي، وهو مؤلف لكتاب عن اليوان بعنوان "عملة واحدة في سوقين: محاولة الصين لتدويل الرنمينبي (اليوان)، "يعاني النظام النقدي الدولي من الكثير من الجمود".
عالم مقسم
على الصعيد السياسي، حشدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون الكثير من الدعم العالمي لحملتها الدبلوماسية والمالية ضد روسيا. وفي المناقشة الطارئة في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، صوتت 141 دولة لإدانة غزو بوتين بينما امتنعت 35 دولة عن التصويت. وصوتت كلٌّ من بيلاروسيا وسوريا وكوريا الشمالية وإريتريا فقط لصالح روسيا، بينما امتنع البقية عن التصويت.
وقالت حكومة سنغافورة إنها ستفرض عقوبات أحادية الجانب ضد روسيا، وهي المرة الأولى منذ عقود التي توجه فيها المدينة الدولة التي تعد مركزاً مالياً عالمياً، اللوم إلى دولة أجنبية دون دعم من مجلس الأمن الدولي. وكذلك فعلت سويسرا المحايدة تقليدياً أيضاً.
بالرغم من ذلك، يوجد منشقون مهمون عن التوجه العالمي، حيث رفضت اقتصادات الأسواق الناشئة الكبرى مثل المكسيك وتركيا معاقبة روسيا. وتسعى دول الخليج العربي الغنية بالنفط مثل السعودية إلى البقاء على الحياد. وكذلك الهند، الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً في العالم، والتي اعتمدت منذ فترة طويلة على روسيا كمورد للأسلحة.
وخلال زيارة بوتين إلى الهند في ديسمبر، التزمت البلاد بمضاعفة التبادل التجاري بين البلدين حتى ثلاث مرات، ووقعت شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت" صفقة كبيرة لتوريد النفط.
ومن الممكن أن يؤدي هذا الوضع المحايد إلى مكاسب كبيرة للمراكز المالية التي تمكنت من البقاء خارج المنافسة بين الغرب ومنافسيه الرئيسيين، كما ذكر برانكو ميلانوفيتش، أستاذ الاقتصاد في جامعة مدينة نيويورك ومؤلف كتاب "الرأسمالية فقط: مستقبل النظام الذي يحكم العالم''.
ويجادل ميلانوفيتش بأن الصراع في أوكرانيا والرد الغربي يشيران إلى تجزئة رأس المال العالمي، حيث إننا بتنا في عالم لا يمكن للمال أن يتحرك فيه بحرية كما كان عليه الحال على مدى نصف القرن الماضي تقريباً. وستبحث الشركات والبنوك المركزية والأثرياء أيضاً، عن أماكن آمنة لتخزين الأصول، بعيداً عن متناول الحكومات التي تخوض حروباً مالية.
وتشغل مومباي مكاناً في أعلى قائمة ميلانوفيتش، فيقول: "إنها مركز مالي كبير. والهند بلد ديمقراطي. ليس لديه أي تاريخ في الاستيلاء على الأموال، وليس لديه أي حافز للقيام بذلك. إنهم ليسوا جزءاً من الغرب، وكما رأينا في الأزمة الروسية، لا يمكن للولايات المتحدة أن تملي على الهند سياستها".
علاقات ملزمة
وهناك رأي آخر يقول، إن العلاقات الاقتصادية العميقة بين الولايات المتحدة والصين هي التي ستمنع حدوث صراع مالي أو حتى عسكري أوسع بينهما.
وهذه هي الحالة التي قدمتها أنجيلا تشانغ، أستاذة القانون والخبيرة في النظام القانوني الصيني في جامعة هونغ كونغ. والتي تقول إن الصين أُجبرت على مواجهة امتداد العقوبات الأمريكية من قبل ووجدت طرقاً لتحمل تأثيراتها، مستشهدة بالقائمة السوداء لصانعي معدات الاتصالات "هواوي"، و"زد تي إي" (ZTE) اللتين وقعتا ضحية عقوبات واشنطن ضد إيران وكوريا الشمالية.
وتمتلك الصين علاقات اقتصادية خاصة بها مع حلفاء الولايات المتحدة. وتعد هذه العلاقات أساسية لإتمام صفقة تجارية كبرى للصين تتمثل في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، والتي تشمل اليابان وأستراليا ونيوزيلندا، لكنها تستثني الولايات المتحدة.
وترغب الشركات الأمريكية مثل "أبل" و"تسلا" في بيع منتجاتها في الأسواق الاستهلاكية سريعة النمو في الصين باستمرار، بينما توضح سلاسل التوريد المترابطة، حتى بعد الأزمات الأخيرة والتضخم الذي تسببت فيه، اعتماد الولايات المتحدة على الصين، والحاجة المتبادلة من الطرفين إلى عدم تصعيد الأمور.
ويقول تشانغ: "يمثل الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الصين والولايات المتحدة أفضل حماية للسلام".
خطأ فادح
يعتقد البعض في واشنطن أن الصين أخطأت في تقدير انحيازها إلى روسيا، وأنها صُدمت بقوة الإجراءات المضادة التي تقودها الولايات المتحدة.
ويقول جود بلانشيت، الخبير في الشؤون الصينية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن: "من الواضح أن الصين ارتكبت خطأً جيوسياسياً فادحاً للغاية من خلال وقوفها إلى جانب موسكو عشية هذا الغزو الكارثي، ويشير رد فعل الصين المتخبط خلال الأسبوع والنصف الماضيين إلى مدى ضياعهم".
بينما يرى آخرون مخاطر تأكيد أمريكا لقوتها المالية. في الوقت الذي استخدمت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها "أثقل مطرقة مالية يمكن التفكير بها"، لكنها لم توقف الهجوم العسكري الروسي، كما يقول جوش ليبسكي، مدير مركز الاقتصاد السياسي التابع للمجلس الأطلسي. ويضيف ليبسكي، إن الخطر على المدى الطويل يكمن في أن الحرب قد تنتهي باحتلال روسيا لكامل أوكرانيا أو جزء منها وتنصيب حكومة تمتثل لها، ومن شأن ذلك أن يثير تساؤلات حول مدى فعالية العقوبات المالية الأمريكية التي فرضت هذا الأسبوع.
وهناك أسباب تاريخية تجعل العالم يخاف من الانقسام الاقتصادي إلى معسكرين متنافسين: هذا ما حدث في الثلاثينيات، وأدى إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية. ومع اشتداد القتال في أوكرانيا يوماً بعد يوم، وتهديد روسيا بتعبئة ترسانتها النووية، تطغى أحداث كييف والمدن الأوكرانية المحاصرة الأخرى على مناقشات الترتيبات المالية المستقبلية.
يقول أندرو شنغ، كبير مستشاري لجنة تنظيم البنوك والتأمين في الصين: "كلٌّ لديه حصته في التوترات الجيوسياسية القائمة"، وتابع: "كلنا خاسرون في مسار الأحداث الحالي".