تسارع التضخم في منطقة اليورو لأعلى مستوياته على الإطلاق متجاوزاً التوقُّعات مع تهديد الغزو الروسي لأوكرانيا برفع تكاليف الطاقة بوتيرة أسرع.
قفزت أسعار المستهلك 5.8% على أساس سنوي في فبراير مقابل 5.1% في سابقه، وأتت أعلى من 5.6%، وهو أوسط تقدير لاقتصاديين شملهم استبيان "بلومبرغ". كما تسارع معدل التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار العناصر المتقلبة إلى 2.7%.
جاءت هذه الأرقام مع إعلان البنك المركزي الألماني أنَّ التضخم في البلاد قد يبلغ 5% خلال 2022. لكنَّه قال، إنَّه لا توجد حتى الآن مؤشرات على أنَّ صدمات الأسعار قصيرة الأجل قد تغيّر التوقُّعات طويلة الأجل.
مسؤولون أكثر بالبنك المركزي الأوروبي غير واثقين في توقعات التضخم
لم تقتنع الأسواق؛ إذ انخفض العائد على الديون الألمانية المحمية من التضخم لأجل 10 سنوات بمقدار تسع نقاط أساس إلى سالب 2.51%، لتتجه نحو انخفاض قياسي عند الإغلاق.
حافظت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات على مكاسبها، فقد ارتفعت أربع نقاط أساس إلى سالب 0.040%، واستمر تداول اليورو قرب أدنى مستوى منذ مايو 2020.
ظلت الطاقة المحرك الرئيسي للتضخم، إذ حذّر تحليل صدر عن "دويتشه بنك" من أنَّ ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي يدفع اليورو للانخفاض، ويسبب "دوّامة تضخمية شرسة". سجل سعر النفط بالعملة الموحدة أعلى مستوى له على الإطلاق يوم الثلاثاء.
تعقيدات الحرب
أُعلنت بيانات التضخم قبل أسبوع من اجتماع مسؤولي البنك المركزي الأوروبي لتحديد مسار السياسة النقدية، وهي مهمة تتعقد بسبب اندلاع الحرب بجوار حدود منطقة اليورو مباشرة.
قال كريستوف ويل، كبير الاقتصاديين لدى "كومرتز بنك"، وهو خبير يتوقَّع أن تستمر أسعار الطاقة في الارتفاع خلال الأشهر المقبلة: "ما تزال هناك ضغوط تضخمية كبيرة... يعني هذا أنَّ صدمة التضخم التالية تلوح في الأفق بالفعل في مارس. نحن نفترض أنَّ معدل التضخم سيتخطى بعد ذلك عتبة 6% ".
لاغارد: "المركزي الأوروبي" سيتحرك في "الوقت المناسب" بنهجٍ تدريجي
يؤكد صانعو السياسة أنَّ تقليص مشتريات الأصول ما يزال هدفهم في حين أنَّ أوروبا في وضع التعافي مع تلاشي الوباء. لكنَّهم يشيرون إلى أنَّ قرار إنهاء شراء السندات قد يؤجل، إذ يتحول التركيز لاحتواء الآثار الحادة للحرب.
ستعتمد خطوات عدة على كيفية تأثير الهجوم الروسي على اقتصاد منطقة اليورو، الذي ما يزال يعاني من نقص الإمدادات، واستمرار القيود لمواجهة الفيروس، والارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة.
أثر على القرارات
ستوفر التوقُّعات الجديدة المرتقب صدورها الأسبوع المقبل دلالة على اتجاه النمو والتضخم. ستخفّض الأزمة الإنتاج بما يتراوح بين 0.3 و 0.4 نقطة مئوية هذا العام، بحسب توقُّعات قدّمها كبير اقتصاديي البنك المركزي الأوروبي "فيليب لين" الأسبوع الماضي.
قالت زميلة لين في المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي إيزابيل شنابل، إنَّ التضخم قد يتسارع أكثر في المدى القريب، ولن يتباطأ "بالسرعة التي توقَّعناها سابقاً". كما أشارت إلى أنَّ نمو الأسعار لن يتباطأ عن مستهدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% في المدى المتوسط، وهذا أحد الشروط التي يتطلّبها صانعو السياسة لبحث رفع الفائدة.
"المركزي الأوروبي" يفتح الباب أمام رفع الفائدة في 2022
إنْ لم تبرم أوكرانيا وروسيا اتفاق سلام في الأيام المقبلة؛ لا يتوقَّع الاقتصاديون في بنك "نورديا" رفع أسعار الفائدة خلال 2022. أعادت أسواق النقد الأسبوع الجاري، الرهانات على رفع البنك المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض إلى 2023.
يتعيّن أن يستغرق المسؤولون وقتاً لتقييم تداعيات الحرب بدقة قبل الاستمرار في إنهاء حزم التحفيز، وفقاً لعضو مجلس إدارة المركزي الأوروبي أولي رين، الذي قال لـِ"بلومبرغ" يوم الثلاثاء، إنَّ "اتجاه إعادة سعر الفائدة إلى حالته العادية أو الطبيعية؛
ما يزال، في رأيي، أمراً مناسباً".