بولندا والمجر تفقدان تمويلاً بالمليارات بعد معركة قضائية مع الاتحاد الأوروبي

الحكم القضائي يمنح الاتحاد الأوروبي سلاحاً ذو حدين - المصدر: بلومبرغ
الحكم القضائي يمنح الاتحاد الأوروبي سلاحاً ذو حدين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

حصل الاتحاد الأوروبي على حكم قضائي يُضفي شرعية على فرضه آلية جديدة في الميزانية، تُمكّنه من حرمان بولندا والمجر من تمويلات بمليارات يقدّمها الاتحاد لتلك الدول بسبب اتهامها بانتهاك المعايير الديمقراطية للتحالف.

رفضت "محكمة العدل الأوروبية"، اليوم الأربعاء، الطعون التي قدمتها الدولتان ضد ما يسمى آلية تمويل مشروطة، ولم تقبل المزاعم الرئيسية بشأن تلك الآلية، والتي تدعي تجاوز التشريع الجديد سلطات مؤسسات "الاتحاد الأوروبي".

قالت لجنة مؤلفة من 26 قاضياً في "محكمة العدل الأوروبية" ومقرها لوكسمبورغ، إنَّ الآلية الجديدة تساعد في حماية ميزانية الاتحاد من تداعيات الانتهاكات القانونية.

وذكرت المحكمة، أنَّ الامتثال لسيادة القانون يؤدي إلى "ثقة متبادلة" بين الدول الأعضاء. وأضافت: "نظراً لأنَّ الامتثال شرط للتمتع بجميع حقوق عضوية الاتحاد الأوروبي، مما يوجب إمكانية الاتحاد الأوروبي في الدفاع عن تلك القيم في حدود صلاحياته".

وضع الاتحاد الأوروبي الآلية المتنازع عليها، العام الماضي، بعد مواجهة العديد من التحديات، التي تعيق استقلال القضاة، وتراجع حقوق الأقليات والتحديات، التي تواجه تقديم قانون الاتحاد الأوروبي على قوانين الدول الأعضاء، وهي فرضية أساسية أقرتها المعاهدة التأسيسية للاتحاد.

رحبت أورسولا فون دير لاين رئيسة "المفوضية الأوروبية" بقرار المحكمة وقالت على تويتر: "المفوضية ستدافع عن ميزانية الاتحاد ضد انتهاكات مبادئ سيادة القانون، وسوف نتصرف بحزم".

التمويل المشروط

قالت مصادر مطلعة، إنَّ السلطة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي قد تطلق آلية التمويل المشروط خلال أسابيع من قرار المحكمة الصادر يوم الأربعاء، بعد تراجع الاتحاد العام الماضي عن خططه للبدء رسمياً في استخدام سلطاته الجديدة.

يُعد استخدام الآلية الجديدة استراتيجية محفوفة بالمخاطر من جانب الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يسعى فيه للحفاظ على وحدته الجيوسياسية مع دول شرق أوروبا، خاصة في ظل زيادة التوترات داخل الاتحاد مع تصاعد التوتر بين الغرب وروسيا بشأن أزمة أوكرانيا، بالرغم من نفي المسؤولين في موسكو تخطيطهم غزو كييف أكثر من مرة.

وبرغم أنَّ الحكم لم يكن بمثابة مفاجئة للمتداولين؛ فقد تراجعت عملتا "الفورنت والزلوتي" مقابل اليورو. إذ تآكلت مكاسب عملة المجر السابقة، في حين قلّصت العملة البولندية من مكاسبها لتسجل ارتفاعاً بنسبة 2% منذ بداية الشهر الجاري، وتتفوق على عملات أقرانها كافةً في الأسواق الناشئة.

قال سيباستيان كاليتا، نائب وزير العدل البولندي المتشدد على "تويتر" بعد صدور الحكم: "من الآن فصاعداً، فإنَّ أي قرار مستقل من بولندا سيكون عرضة لخطر الابتزاز المالي، وهو أمر قائم منذ عدة أشهر، ولكن اليوم الاتحاد الأوروبي جعله شرعياً".

حرب مقدسة

توقَّع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان خسارة القضية، كما تعرض نهاية الأسبوع الماضي لانتقادات غير دبلوماسية ضمن حملة يشنها الاتحاد الأوروبي لكبح جماح حكومته.

قال "أوربان" في خطابه السنوي عن حالة الأمة في 12 فبراير: "إنَّهم يخوضون حرباً مقدسة من أجل سيادة القانون". ويدخل "أوربان" انتخابات عامة في 3 أبريل.

ووصف حزب "فيديز" الحاكم بقيادة "أوربان" الحكم بأنَّه: "أحدث خطوة في حملة انتقامية سياسية استمرت لأشهر"، وأشار الحزب إلى أنَّ الاتحاد الأوروبي يسعى لانتقاد المجر "بسبب قانونها الخاص بحماية الأطفال"، والذي يرى منتقدو القانون بمن فيهم "المفوضية الأوروبية" أنَّه يقيد حقوق "مجتمع الميم".

اتخذت بولندا موقفاً أكثر اعتدالاً في الآونة الأخيرة. إذ قدّم نواب من "حزب القانون والعدالة" الحاكم الأسبوع الماضي مشروع قانون جديد يقضي بإعادة هيكلة القضاء في البلاد للتوافق مع مطالب الاتحاد الأوروبي، في حين تجمد الموقف بعد ذلك بسبب الانقسام داخل الائتلاف الحاكم.

مليارات الاتحاد الأوروبي

قال بيوتر مولر المتحدث باسم حكومة بولندا، إنَّ الحكم لا يترتب عليه أي "أساس قانوني" يسمح لـ "الاتحاد الأوروبي" بحجب الأموال عن بولندا، لأنَّه لا يوجد دليل على أنَّ الدولة أساءت استخدام الأموال في الماضي.

كان الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوة أولية غير رسمية العام الماضي، وقام بإرسال رسائل إلى بولندا والمجر لمعالجة اتهامات بتعرض الأموال التي قدّمها الاتحاد للبلدين للفساد أو الاحتيال، وأنَّ المصالح المالية للاتحاد في خطر. ولم ترد بولندا والمجر على الرسائل إلا الشهر الماضي.

رفعت الدولتان في مارس من العام الماضي طعوناً أمام "محكمة العدل الأوروبية" لوقف العمل بآلية التمويل المشروط، وذلك بعد مرور 3 أشهر من إقرار قادة الاتحاد ميزانية تاريخية بقيمة 1.8 تريليون يورو وحزمة تحفيز.

تضمنت الآلية الجديدة مادة من شأنها فرض عقوبات على الدول الأعضاء التي لا تلتزم بالمعايير الديمقراطية. وعارضت بولندا والمجر تلك الخطوة، لكنَّهما وقَّعتا في النهاية على الصفقة، ثم نقلتا معركتهما إلى "محكمة العدل الأوروبية".

زادت مخاوف "المفوضية الأوروبية" بشأن الوضع في البلدين لدرجة حجبها الموافقة على خطط التعافي في بولندا والمجر، والذي يعد شرطاً ضرورياً لتقديم أموال حزمة التحفيز من تداعيات الوباء. وفي نهاية المطاف؛ ستخسر بولندا أكثر من 130 مليار يورو (148 مليار دولار) من ميزانية الاتحاد لمدة 7 سنوات. وقد تخسر المجر أكثر من 40 مليار يورو.

يتوافق الحكم الصادر يوم الأربعاء مع رأي مستشار قضائي كان قد قال في ديسمبر، إنَّ تصرف الاتحاد، ومنح نفسه صلاحيات جديدة، يعد أمراً قانونياً.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك