مرَّ عامان على بدء تفشي الوباء وما زال قطاع الطيران في حالة تأهب لعودة المسافرين من رجال الأعمال.
لا يزال من المنتظر تحقيق التوقعات التي تفيد أن المسافرين الدائمين من رجال الأعمال الذين يمتلكون حساباً للنفقات سيأتون عقب المسافرين للترفيه، لكن التوقعات ما زالت ضبابية مع انتشار المتحور أوميكرون.
هذا الأمر أبقى أرباح شركات النقل تحت المراقبة وأثار تساؤلات حول ما إذا كان التغيير مجرد اتجاه دوري أم انحراف هيكلي.
طالع المزيد: ازدهار رحلات الطيران التي تجمع بين الترفيه والعمل
أعرب الرئيس التنفيذي لشركة "ساوث ويست إيرلاينز"، في مكالمة أجريت يوم الخميس، عن شعوره بالأسف تجاه الانتعاش البطيء في السفر بغرض العمل، وألمح إلى أن وتيرة التعافي قد تظل أبطأ مما توقعه بعض المُخضرمين في الصناعة قبل عام.
الرئيس التنفيذي غاري كيلي قال في تصريحات للمحللين والصحفيين: "ظننت أننا سنواجه هذه الضربة الوبائية، ومن ثم ستصبح وراءنا، لكن الأمر أبعد ما يكون عن ذلك". وأوضح أن الآثار الطويلة للوباء ستعني على الأرجح عدداً أقل من المسافرين من رجال الأعمال لفترة أطول، مضيفاً "علينا أن نكون أكثر اعتماداً على سفر المستهلكين مقارنة بما كنا عليه من قبل".
اقرأ أيضاً: وقود الطائرات يقفز مع مقاومة رحلات الطيران لتداعيات "أوميكرون"
السفر بغرض العمل
يعد السفر بغرض العمل أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لشركات الطيران الكبيرة، التي تعتمد على هؤلاء المسافرين لشغل مقاعد الدرجة الممتازة ودفع أسعار أعلى للرحلات المحجوزة في غضون وقت قصير.
تقول شركة الخطوط الجوية الأمريكية (Airlines for America)، وهي مجموعة الضغط لأكبر شركات الطيران الأمريكية، إن التذاكر الأسبوعية المباعة للسفر بغرض العمل لا تزال أقل بنسبة 63% من مستويات ما قبل الوباء. تتوقع رابطة السفر الأمريكية (U.S. Travel Association) أن الإنفاق على السفر التجاري في الولايات المتحدة وعدد الرحلات لن يصل إلى مستويات عام 2019 العليا إلا عند حلول عام 2024.
كذلك، تتوقع شركة "أمريكان إيرلاينز غروب" (American Airlines Group Inc) عودة الطلب على الرحلات التجارية، لكنها تحوط رهاناتها.
قال روبرت إيسوم، الرئيس التنفيذي لـ "أمريكان إيرلاينز"، في مؤتمر عبر الهاتف عُقد في بداية هذا الشهر: "بينما نطور خططنا وتوقعاتنا لهذا العام، فإننا نعمل على بناء شركة طيران يمكن أن تكون مربحة حتى بدون العودة الكاملة للسفر بغرض العمل"، مشيراً إلى الحسابات الكبيرة حيث يتم حجز الرحلات من قبل شركة خارجية.
اقرأ أيضاً: "أوميكرون" يعيد الارتباك مُجدداً إلى المسافرين وشركات الطيران
فحص دقيق
كانت الشركات بطيئة في استئناف رحلات العمل حيث تم تأجيل خطط العودة إلى المكتب وأصبح الموظفون يعتمدون على- وحتى يتبنون- مؤتمرات الفيديو بدلاً من الاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه. وهذا أثار من جديد تساؤلاً حول ما إذا كانت الشركات الأمريكية ستستأنف أساليبها القديمة أو ستواصل وفورات التكلفة والوقت.
توصل تقرير شركة "ديلويت" عن توقعات السفر لعام 2022 إلى أن السفر لغرض العمل هذا العام لن يصل على الأرجح إلى مستويات عام 2019 أو حتى يقترب منها، حتى مع افتراض أفضل النتائج الممكنة لكورونا.
أوضح التقرير أن المسؤولين التنفيذيين للشركات سيستمرون على الأرجح في التدقيق عن كثب في نفقات السفر والعائد على الاستثمار بعد العمل بنجاح بعدد قليل للغاية من الرحلات.
استعادت شركة "ساوث ويست إيرلاينز" حوالي 50% من عائداتها من السفر لغرض العمل في فترة ما قبل الوباء. قال كيلي في تصريحات لشبكة "سي إن بي سي" يوم الخميس: "أعتقد بالتأكيد أن العائدات ستتعافى بدءاً من هنا، لكن مدى سرعة تعافيها يمكن لأي أحد تخمينه".
اضطر المسؤولون التنفيذيون المحبطون إلى تعديل توقعاتهم مراراً وتكراراً لأن متحورات كورونا الجديدة مثل أوميكرون تفسد الحجوزات والجداول الزمنية.
تعليقاً على ذلك، قال سكوت كيربي، الرئيس التنفيذي لشركة "يونايتد إيرلاينز هولدينغز"، إن مديريه يأسوا من التنبؤ بالطلب على المدى القصير "لأننا لم نكن جيدين في ذلك".
اقرأ أيضاً: "إياتا": خسائر شركات الطيران جرّاء كوفيد تتجاوز 200 مليار دولار
معركة مقعد الدرجة الاقتصادية
أجبر غياب المسافرين من رجال الأعمال- خاصة بالنسبة للطرق الدولية ذات هامش الربح المرتفع- شركات الطيران على التنافس بشراسة أكبر على المسافرين للترفيه. وتركز شركات "أمريكان إيرلاينز" و"دلتا إيرلاينز" (Delta Air Lines) و"يونايتد إيرلاينز" على سوق أمريكا الشمالية مع انتظارهم بفارغ الصبر لنهاية القيود المفروضة على السفر حول العالم.
قال صموئيل إنجل، نائب رئيس مجموعة الطيران التابعة لشركة الاستشارات "آي سي إف" (ICF): "تعافى سفر المستهلكين بشكل أسرع وأقوى من السفر بغرض العمل". وأضاف: "قد يكون تطبيق زووم بديلاً عن اجتماعات العمل، لكنه لن يعطيك عناقاً من الجدة أبداً".
تتوقع ثلاث من شركات الطيران الأربع الكبرى العودة إلى تحقيق أرباح هذا العام بدءاً من الربع الثاني فصاعداً، ويعزى ذلك جزئياً إلى استئناف السفر بغرض الأعمال مع عودة العمال إلى المكاتب وتخفيف قيود السفر. كما قالت شركة "أمريكان إيرلاينز" إنها ستستأنف جني الأموال في وقت لاحق من هذا العام، دون تحديد إطار زمني.
أبرز إد باستيان، الرئيس التنفيذي لشركة "دلتا إيرلاينز"، الإيجابيات في وقت سابق من هذا الشهر، قائلاً إن متحور أوميكرون يعيق تعافي الأعمال التجارية المحلية التي لا بد وأن تستعيد زخمها خلال الـ 60 إلى 90 يوماً القادمة. وتابع: "إنهم ينتظرون فقط إشارة واضحة على ضرورة عدم الشعور بالقلق" تجاه المتحورات الوبائية أثناء السفر.
لكن حتى هذا الأمر ربما لا يكون تمهيداً لعودة كاملة إلى أعمال ما قبل الوباء كما هو معتاد. وكان باستيان يتوقع سابقاً أن جزءاً من السفر بغرض العمل ربما لا يعود أبداً.