تغلّب الاقتصاد الفرنسي على أزمة نقص الإمدادات والاضطرابات المرتبطة بفيروس كورونا، لينمو بأكثر من المتوقع في نهاية العام الماضي، مما يمنح الرئيس إيمانويل ماكرون دعماً قبل انتخابات أبريل.
أدى ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو إلى نمو الناتج المحلي بـ0.7% في الربع الرابع، في مقابل توقعات الاقتصاديين البالغة 0.5%، ليحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 7% على مدار عام 2021 بأكمله.
وعلى نقيض ألمانيا التي قد يتجه اقتصادها إلى الركود الثاني الناتج عن الوباء، تُعدّ مرونة تعافي الاقتصاد الفرنسي أحد أصول ماكرون الرئيسية في سعيه لإعادة إحياء دعم ناخبيه وأجندته الإصلاحية قبل خمس سنوات.
يُبشّر النمو الاقتصادي في نهاية 2021 بالخير لهذا العام وسط دلائل على بدء تلاشي اختناقات الإمدادات. وقال رئيس شركة "رينو" جان دومينيك سينارد لتلفزيون بلومبرغ هذا الأسبوع، إن شركة صناعة السيارات تتوقع انخفاض نقص أشباه الموصلات الذي أزعج القطاع في النصف الثاني من عام 2022.
جبهات أخرى
يواجه الرئيس الفرنسي، البالغ من العمر 44 عاماً، قبيل الانتخابات بثلاثة أشهر، صعوبات على جبهات أخرى بما في ذلك الاحتجاجات ضد استراتيجية التطعيم والإضرابات المدرسية، بسبب إدارته لتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا مؤخراً. يسعى منافسو ماكرون الرئيسيون إلى توجيه النقاش نحو الأمن والهجرة.
استطلاع: بيكريس تواجه ماكرون في جولة إعادة الانتخابات الفرنسية
بالنسبة لماكرون، يعتبر الاقتصاد ساحة معركة أكثر وضوحاً، ويُقارن أداء فرنسا الأخير بشكل إيجابي بأداء نظرائها الأوروبيين مع صمود النشاط وعودته إلى مستويات ما قبل الأزمة في وقت أقرب وسط امتناع الحكومة عن إعادة فرض قيود صارمة.
فرنسا تلزم الموظفين بالعمل 3 أيام أسبوعياً من المنزل مع تزايد إصابات كورونا
وقال وزير المالية الفرنسي، برونو لومير لتلفزيون "فرانس 2": "وراء هذا النمو المذهل البالغ 7% وظائف ومصانع وشركات. اتخذنا الخيارات الاقتصادية الصحيحة وكل شيء بدا مستحيلاً لعقود طويلة، يُصبح حالياً في متناول اليد إذا واصلنا السير في نفس الاتجاه".
رأي خبراء بلومبرغ إنتليجنس:
قالت مايفا كوزين، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في شؤون منطقة اليورو: "تباطأت وتيرة التعافي الاقتصادي الفرنسي بشكل ملحوظ في الربع الرابع في مواجهة الوباء. مع ذلك، لا يزال النمو الأساسي قوياً وينبغي أن تسهم الخدمات المرتبطة بالضيافة والسفر في دفع النمو في الوقت الذي تنتهي فيه موجة (أوميكرون)".
خُمس المصابين بكورونا في فرنسا يحملون متحور "أوميكرون"
تحسن سوق العمل
انكمش اقتصاد ألمانيا، التي فرضت إغلاقاً جزئياً في بعض المناطق بنهاية عام 2021، في الربع الأخير.
أوميكرون يجبر ألمانيا على خفض توقعات النمو الاقتصادي إلى 3.6%
كما يتعافى سوق العمل الفرنسي بقوة بعد قفزة في البطالة ناجمة عن عمليات الإغلاق الصارمة في عام 2020. أظهرت البيانات هذا الأسبوع تراجع عدد الباحثين عن عمل إلى أدنى مستوى منذ ما يقرب من عقد، لا سيما انخفاض حاد بين الشباب.
مع ذلك، ما يزال ماكرون والاقتصاد الفرنسي يواجهان معوّقات ارتفاع أسعار الطاقة وتسارع التضخم على المدى القريب، في حين خفّفت حكومة ماكرون حتى الآن من أسوأ التأثيرات من خلال تحديد سقف للأسعار وإعانات للأسر ما كلفها حوالي 15.5 مليار يورو (17.4 مليار دولار)، حذّر صندوق النقد الدولي في وقت سابق هذا الأسبوع من أن تلك الإجراءات مرهقة للمالية العامة، وسيئة الاستهداف ويجب أن تكون مؤقتة.
فرنسا تستبعد فرض قيود جديدة لمواجهة انتشار "أوميكرون"
كما تصمد ثقة المستهلك والأعمال في الوقت الحالي، بينما أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي يوم الجمعة تباطؤ نمو الإنفاق الأسري في الربع الرابع بعد ارتفاع في الربع الثالث. تسارعت وتيرة الاستثمار في الأعمال التجارية الفرنسية التي كانت قوية بشكل خاص خلال الوباء.
كان الناتج الاقتصادي الفرنسي بشكل عام أعلى بنسبة 0.9% عن مستواه قبل الأزمة في نهاية العام الماضي.