قد تدفع العقوبات الأمريكية على صناعة البوتاس في بيلاروسيا، بعدما ساعدت في دفع أسعار الأسمدة إلى مستويات قياسية، نظام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو لاتباع روسيا بشكل أكبر لتخطي صدمتها على موارده المالية.
لم يطلب لوكاشينكو دعماً من روسيا بعد، إلا أن الكرملين يتوقع أن يسعى زعيم بيلاروسيا لطلب المساعدة جراء عجز الميزانية الناجم عن الحظر المفروض على مبيعات البوتاس، وفقاً لما ذكره اثنان من كبار المسؤولين الروس المطّلعين على الوضع، وقد طلبا عدم الكشف عن هويتيهما لأن المعلومات ليست عامة، وأضافا أن أي مساعدة يُرجَّح أن تكون محدودة.
كيف سخرت روسيا وبيلاروسيا الهجرة سلاحاً؟
قالت تاتيانا ستانوفايا، المستشارة السياسية ومؤسسة مركز "آر بوليتيك" (R.Politik): "لوكاشينكو يتعرض للخنق" بسبب العقوبات الأمريكية، مضيفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "سيستخدم الوضع لربط لوكاشينكو بشكل أكبر" بروسيا.
يُعَدّ البوتاس المورد الطبيعي الوحيد الوفير في بيلاروسيا، وتمثل مبيعاته الدولية أكثر من 7% من دخل الصادرات للبلاد. بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة "بيلاروسكالي" التي تنتج البوتاس وتملكها الدولة، أعلنت ليتوانيا الأسبوع الماضي أنها ستوقف شحنات الأسمدة اعتباراً من مطلع فبراير، وأغلقت طريقاً يُستخدم لجميع صادراته تقريباً. تسيطر بيلاروسيا على نحو خُمس سوق البوتاس العالمية، جنباً إلى جنب مع منتجين مهمّين آخرين، بما فيهم روسيا وكندا.
أثر متعدٍّ
تُشتق أسعار الأسمدة المعيارية في عديد من المناطق، مثل الصين والهند، من الصفقات السنوية بين المنتجين والمشترين، إلا أن في أسواق رئيسية أخرى مثل البرازيل مبيعات فورية. ساعدت العقوبات المفروضة على بيلاروسيا العام الماضي على مضاعفة السعر في البرازيل ليصل إلى 760 دولاراً للطن في يناير.
واجه زعيم بيلاروسيا ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب حملته الوحشية على الاحتجاجات واسعة النطاق في أعقاب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 2020. ساند بوتين حليفه وسعى للاستفادة من الأزمة عبر الضغط على لوكاشينكو لتسريع التكامل الاقتصادي والسياسي بين روسيا وبيلاروسيا، اللتين تنتميان إلى ما يسمى "دولة الاتحاد".
"الخزانة الأمريكية" توسّع عقوباتها ضد بيلاروسيا باستهداف إصدارات الديون السيادية
فُعّلت العقوبات الأمريكية على "بيلاروسكالي" في 8 ديسمبر، وتوجب على عملاء شركة البوتاس البيلاروسية، وهي المصدّرة الوحيدة للبوتاس في البلاد، إنهاء عقودها بحلول الأول من أبريل.
قال ميخائيل فينوغرادوف، رئيس "مؤسسة سان بطرسبرغ للسياسة": "تشكل هذه العقوبات حجة أخرى للوكاشينكو لتلقي الدعم والمزايا والأموال من روسيا".
تحالف متعدد الأوجه
بدأت العقوبات تؤلم فيما تُجري بيلاروسيا وروسيا تدريبات عسكرية مشتركة على الحدود مع دول "الناتو" الشهر المقبل، وسط تصاعد التوترات مع الغرب بشأن أوكرانيا. تقول الولايات المتحدة وأوروبا إنّ الحشد الضخم للقوات الروسية بقرب حدود أوكرانيا قد يكون استعداداً لغزوها، وهو ما ينفيه الكرملين.
دعا لوكاشينكو لإجراء استفتاء في فبراير على الدستور المعدل، بعدما حثّه بوتين على إجراء إصلاحات شاملة في أعقاب الاحتجاجات.
لعبة الأمم في بيلاروسيا.. بوتين يدعم لوكاشينكو في مواجهة الغرب
قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين للصحفيين الأسبوع الماضي، رداً على سؤال بشأن قرار ليتوانيا وقف نقل البوتاس: "بيلاروسيا شريكتنا، ونحن لم ولن نتخلى عنها".
لم تردّ المتحدثة باسم لوكاشينكو على طلب للتعليق. وفي حين أن الرئيس لم يعلق علناً على قضية البوتاس، بدأت مجموعة من أنصاره في بيع قمصان تحمل شعار "فلتخنقكم عقوباتكم".
قال أرتيوم شريبمان، المحلل السياسي البيلاروسي المقيم في كييف، إن بيلاروسيا ستحاول على الأرجح التغلب على العقوبات عبر إعادة توجيه مبيعات البوتاس عبر روسيا باعتبارها القناة الوحيدة الصالحة للصادرات، مضيفاً أن روسيا قد تعرض شراء الإمدادات بسعر أقل من سعر السوق وإعادة بيعها كبوتاس روسي، أو استهلاك البوتاس البيلاروسي في سوقها، فيما تصدّر مزيداً من إنتاجها.