تراجعت ضغوط التضخم في الصين خلال ديسمبر الفائت، مما يعطي البنك المركزي مجالاً لخفض أسعار الفائدة لتخفيف الانكماش الاقتصادي تماماً، في حين تتطلع معظم الدول الكبرى إلى تشديد السياسة النقدية.
نما مؤشر أسعار المنتجين في الصين بنسبة 10.3% على أساس سنوي في ديسمبر، مقارنة بنمو نسبته 12.9% في نوفمبر. في حين ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 1.5%، مقارنة بـنمو نسبته 2.3% في نوفمبر. جاء أداء كلا المؤشرين أقل مما توقعه الاقتصاديون.
تضيف مفاجأة التضخم مزيداً من الزخم إلى الدعوات للبنك المركزي لخفض سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ أبريل 2020، وربما في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.
تحوّلت السلطات إلى توجه أكثر دعماً للنمو خلال 2022 حيث يهدد تراجع سوق العقارات وتفشي الفيروسات المتكرر، الآفاق المستقبلية.
قال بروس بانغ، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي والاستراتيجيات في "تشاينا رينيسانس سيكوريتيز هونغ كونغ" (China Renaissance Securities Hong Kong Ltd):
"احتمال خفض سعر الفائدة في الربع الأول مرتفع، وأقرب فرصة هي هذا الشهر"
يتوقع بانغ أن تضخم أسعار المستهلكين "لن يكون مصدر قلق في 2022" وأن معدل التضخم الجوهري، الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة، سيبقى متراجعاً أو منخفضاً دون 1.5%.
يمكن أن يخفض بنك الشعب الصيني (المركزي) تكلفة القروض متوسطة الأجل -سعر الفائدة الرئيسي- في وقت أقربه الأسبوع المقبل، وفقاً لـ"تشي جاو"، استراتيجي العملات في "سكوتشيابنك" (Scotiabank Qi Gao).
يتوقع تشي أن يخفض المركزي الصيني سعر الفائدة بمقدار 5 إلى 10 نقاط أساس من 2.95%.
كما أشارت "مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية" و"غولدمان ساكس"، و"بي إن بي باريبا" و"دي بي إس بنك"(DBS Bank Ltd) إلى إمكانية خفض الفائدة قريباً.
أتاح البنك المركزي بالفعل تمويلاً طويل الأجل رخيصاً للبنوك، في حين قدمت الحكومة ديوناً للبيع في محاولة لتسريع الإنفاق المالي.
قال إريك جو، الخبير المتخصص في اقتصاد الصين بـ"بلومبرغ ايكونوميكس" "نتيجة لتراجع تضخم أسعار المنتجين والمستهلكين في ديسمبر، يمكن للبنك المركزي أن تكون لديه السعة-كما نتوقع – لأن يضيف المزيد من الحوافز لدعم الاقتصاد. لقد تراجع تضخم أسعار المنتجين للشهر الثاني على التوالي، بينما انخفض تضخم أسعار المستهلك إلى ما دون 2%".
مسار متباين
سيؤدي خفض سعر الفائدة إلى وضع بنك الشعب الصيني على مسار متباين مع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والذي من المتوقع أن يبدأ رفع أسعار الفائدة لكبح أقوى موجة تضخم منذ 40 عاماً.
من المحتمل أن تظهر البيانات المرتقبة اليوم الأربعاء أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 7% في ديسمبر 2021 على أساس سنوي، وفقاً لأوسط توقعات الاقتصاديين الذين شملهم مسح أجرته "بلومبرغ".
اتخذت الحكومة الصينية عدداً من الإجراءات في الآونة الأخيرة للحد من ارتفاع تضخم أسعار المنتجين، وتعزيز الإمدادات من السلع الأساسية والقضاء على المضاربة. هناك علامات على أن الخطوات قد حققت التأثير المرجو أو المنشود.
لا يزال تضخم أسعار المستهلكين أيضاً منخفضاً، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تأثير الضخم لانخفاض تكاليف لحم الخنزير. انخفضت أسعار المواد الغذائية في ديسمبر، حيث هبطت أسعار لحوم الخنازير بنسبة 37% تقريباً وتباطأت مكاسب أسعار الخضروات.
مازال انتشار حالات الإصابة بالمتحور أوميكرون من فيروس كورونا في الصين يلقي بظلاله على التوقعات بالنسبة للتضخم.
الصين هي أكبر دولة منتجة ومستهلكة للمواد الخام في العالم، وإذا استمر تفشي المتحور ودفع نحو المزيد من عمليات الإغلاق، فقد تحدث بعض الاضطرابات في جانب العرض. ستشهد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة القادمة أيضاً ارتفاعاً في الطلب على الأطعمة الأساسية وربما ارتفاع الأسعار.
يرى جانغ جيوي، كبير الاقتصاديين في "بينبوينت آسيت مانجمنت" ( Pinpoint Asset Management Ltd) أن "التضخم المنخفض يفتح المجال للحكومة لتخفيف السياسات النقدية بشكل أكبر. ويقول:
"تفشي كوفيد في الآونة الأخيرة، في بعض المدن الصينية، يفرض مزيداً من المخاطر السلبية على الاقتصاد. والضغط على الحكومة آخذ في الازدياد"
قد يخفّض بنك الشعب الصيني تكلفة "إعادة الشراء" (الريبو) لأجل 7 أيام -معدل فائدة أقصر أجلاً- بحلول يوم الجمعة، وفقاً لما يتوقعه لي تشاو، المحلل في شركة الوساطة الصينية "جيشانغ سيكوريتيز " (Zheshang Securities Co)، ثم يتبعه بخفض أسعار الريبو لأجل 14 يوماً والإقراض متوسط الأجل في 17 يناير.
وبعد تراجعه المستمر منذ بداية هذا العام، ارتفع مؤشر "تشانيكست" (ChiNext) الذي يغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا في الصين 2.4% بعد صدور بيانات التضخم، في أكبر نسبة صعود منذ 22 نوفمبر 2021.
بالنسبة للعام 2021 بأكمله، ارتفعت أسعار المنتجين بنسبة 8.1%، بينما ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 0.9%.
يتوقع الاقتصاديون أن تنمو أسعار المستهلكين 2.2% في عام 2022، وأن ترتفع أسعار المنتجين 4% للعام بأكمله، وفقاً لأوسط التقديرات في استطلاع أجرته بلومبرغ.
نقاط رئيسية أخرى للبيانات:
ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الجوهري بنسبة 1.2% في ديسمبر 2021، وهو نفس الارتفاع المسجل في نوفمبر.
تراجعت أسعار خدمات الفنادق والإقامة بنسبة 0.8%على أساس شهري، بعدما أدى تفشي الفيروس إلى كبح السفر.
بلغ تضخم أسعار الخدمات 1.5% في ديسمبر، دون تغيير عن الشهر السابق عليه.
ارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 2.1%، بينما انخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.2%.
ارتفعت أسعار الوقود المستخدم في النقل بنسبة 22.5% على أساس سنوي، وهي أكبر قفزة بين الفئات غير الغذائية.