أصبح بمقدور المستثمرين، الذين يراقبون عن كثب مؤشرات سلامة الوضع المالي للمملكة العربية السعودية، فك رموز الصعود والهبوط في احتياطيات النقد الأجنبي للمملكة البالغة 447 مليار دولار، إذ بات الأمر يتعلق أكثر بتوزيعات الأرباح مقارنة بأسعار النفط الخام.
تتزامن الزيادات الحادة في صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي السعودي، مع مدفوعات شركة أرامكو السعودية المنتجة للنفط التي تسيطر عليها الدولة. يعني صرف الشركة لأرباح فصلية قيمتها 18.75 مليار دولار، والتي تذهب جميعها تقريباً إلى الحكومة السعودية، أنَّ الاحتياطيات تعكس تحويلات نقدية أقل تواتراً، ولكنَّها أكبر من جانب "أرامكو".
في الآونة الأخيرة، أصبح الارتباط واضحاً عندما قفزت احتياطيات النقد الأجنبي بأكبر قدر خلال عقد في نوفمبر 2021، وهو ما تزامن مع دفع "أرامكو" آخر توزيعات أرباحها في نهاية ذلك الشهر، كما توافق توقيت توزيعات "أرامكو" مع ارتفاعات مماثلة في الاحتياطي الأجنبي خلال أشهر أخرى من العام الماضي.
التوافق بشكل أوثق يجعل حيازة المملكة من احتياطيات النقد الأجنبي أكثر قابلية للتنبؤ، والتي يراقبها منذ فترة طويلة المستثمرون والاقتصاديون والمضاربون في سوق العملات، إذ يمكن حالياً توقّع زيادة الاحتياطيات الدولية بشكل حاد -وفق توقيت توزيع الأرباح- والانخفاض على مدى الأشهر التالية له، مما يعكس القيود التي تواجه التدفق النقدي.
تربط المملكة العربية السعودية عملتها الريال بالدولار الأمريكي، وتميل إلى تعديل سياستها النقدية بشكل وثيق مع تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وللحفاظ على الثقة في ربط الريال بالدولار؛ تحتاج السلطات إلى امتلاك احتياطيات كافية لتغطية كل عملة محلية متداولة والودائع تحت الطلب، وفقاً لـ "بلومبرغ إيكونوميكس".
كثيراً ما كان صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي يرتبط بقوة بدخل النفط الخام، وقبل الطرح العام الأولي لشركة "أرامكو" في ديسمبر 2019؛ جاءت التحويلات إلى الحكومة من خلال مدفوعات الضرائب وضريبة الاستقطاع أو الإتاوات، مع توزيعات نقدية إضافية عندما ترتفع أسعار النفط، ولكي تصبح الشركة أكثر جاذبية للمستثمرين؛ تم تعديل معدلات الضرائب، وضريبة الاستقطاع، وتطبيق توزيع أرباح ربع سنوية كبيرة.
منذ ذلك الحين، تعكس بيانات البنك المركزي التحويلات الفصلية الضخمة، وهو اتجاه تم حجبه جزئياً في عام 2020 بسبب الوباء، عندما تراجعت عائدات النفط، وأخذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي دفعات كبيرة من البنك المركزي لوضع رهانات في الأسواق العالمية.
حتى عندما لم تكن "أرامكو" تكسب ما يكفي لتمويل مدفوعات الأرباح، خفضّت الشركة الإنفاق والاقتراض لأجل الوفاء بتوزيعات الأرباح.
على مدار عام 2022، قد تحصل الاحتياطيات على مزيد من الدفعات أو الدعم، إذ تتطلع الحكومة، التي تتوقَّع أن تسجل أول فائض في الميزانية خلال نحو 10 سنوات، إلى إعادة بناء الاحتياطيات الدولية.