هل يؤجل بنك إنجلترا رفع الفائدة في ديسمبر بسبب "أوميكرون"؟

يتنامى الخوف في المملكة المتحدة من تداعيات ظهور سلالة "أوميكرون" بعد تشديد قيود السفر وفرض ارتداء الكمامة مجدداً - المصدر: بلومبرغ
يتنامى الخوف في المملكة المتحدة من تداعيات ظهور سلالة "أوميكرون" بعد تشديد قيود السفر وفرض ارتداء الكمامة مجدداً - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ربما يزيد ظهور سلالة "أوميكرون" المتحوِّرة من فيروس كورونا ما يكفي من حالة عدم اليقين بالنسبة للتوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة المتعلقة بتأجيل عملية رفع أسعار الفائدة الأساسية المتوقعة بطريقة كبيرة خلال الشهر الجاري.

كان هناك دائماً استعداد لدى بنك إنجلترا لاتخاذ قرار صعب في 16 ديسمبر، وفي ظل تأثير المتحوِّر الجديد من سلالة كوفيد- 19 على سوق العمل كعامل رئيسي من المرجح أن يحدد سرعة التعافي الاقتصادي.

في ظل قيام حكومة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بتشديد القيود المفروضة على السفر وفرض تعليمات بارتداء الكمامات في الأماكن العامة مجدداً، يتنامى القلق من أن الخوف من الفيروس المتحوِّر الجديد ربما يضر بمشاعر الثقة ويعزز الرياح المعاكسة التي يتعرض لها الاقتصاد.

ويبعد هذا الانتباه عن ارتفاع معدل التضخم الأعلى بكثير من هدف بنك إنجلترا البالغ 2%، والذي كان يبدو أنه جعل المؤسسة مستمرة في طريقها لتصبح أول بنك مركزي كبير يزيد أسعار الفائدة منذ بداية تفشي الجائحة.

قالت كارين وارد، كبيرة الخبراء السوق الإستراتيجيين المختصة بمنطقة أوروبا لدى شركة "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت": "الوضع الاقتصادي يشير حالياً إلى أننا جاهزون للانطلاق".

وأضافت: "السؤال المطروح هو هل ينتظرون من أجل إجراء عملية تقييم للمخاطر؟ يمكنني أن أقول نعم. ومن المحتمل أن يكون ذلك الانتظار هو الصواب".

[object Promise]

قرار صعب

رغم ذلك، ليس من المفترض أن تُسفر الزيادة الكبيرة في عدد حالات الإصابة عن تأجيل رفع سعر الفائدة الأساسي بطريقة تلقائية. وسيقوم القرار الصادر عن بنك إنجلترا على النقاش على مستوى العالم إزاء سبل مواجهة البنوك المركزية لارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلى أي مدى ستكون الزيادات في أسعار المستهلكين مؤقتة.

قالت وارد: "في حال ثبت لدينا في غضون الأسبوعين المقبلين وجود (أوميكرون) وكان جزءاً محدوداً من تصاعد عدد الإصابات بالعدوى، بيد أن الحاصلين على اللقاح لم يصابوا بالمرض، فمن المفترض الإقدام على زيادة سعر الفائدة".

من جهته، يرى ستيفان بول، الذي يعمل خبيراً اقتصادياً في "غولدمان ساكس"، أن فيروس "أوميكرون" جعل من اتخاذ ذلك القرار "أمراً صعباً"، رغم أنه ربما يواصل اتخاذ هذا التحرك خلال الشهر الجاري.

وفي حال قامت الحكومة بفرض قيودٍ أكثر أو في حال ثبوت دليل على أن اللقاحات غير فعَّالة في مواجهة الفيروس المتحوِّر الجديد، "فممكن أن يؤجل بنك إنجلترا المركزي زيادة سعر الفائدة حتى شهر فبراير المقبل".

"أوميكرون" يثير مخاوف جديدة بشأن التضخم أمام البنوك المركزية العالمية

عدم اليقين

بيّن صانعو السياسة، وفي مقدمتهم أندرو بيلي، أنهم على استعدادٍ للانتظار حتى تتلاشى حالة عدم اليقين البسيطة قبيل التحول إلى قرار أسعار الفائدة الأساسية، مؤكدين في شهر نوفمبر الماضي أنهم كانوا يرغبون في إدراك أسلوب سوق العمل في التعامل مع نهاية خطة الإجازة المفتوحة الموضوعة من قبل الحكومة قبيل اتخاذ أي تحرك.

جاء ذلك في وقتٍ أشارت فيه البيانات الصادرة عن جهات غير رسمية إلى أن برنامج الإجازة انتهى دون أن يسفر عن صعود معدل البطالة، وهو ما يفترض وجود درجة معقولة من الرغبة في تجنب المخاطرة لدى المسؤولين.

يثير الفيروس المتحوِّر الجديد تساؤلات تتطلب وقتاً أكثر طولاً من أجل الإجابة عليها، على غرار مدى خطورة الفيروس ومدى تمتع اللقاحات المتوفرة في الوقت الراهن بفاعلية يمكن معها أن تتكفل به.

في حال ثبت عدم توفير اللقاحات للحماية اللازمة من الإصابة بالعدوى، بيد أنها توفر الحماية من الإصابة الشديدة بالمرض، فربما يكون في إمكان المملكة المتحدة أن تتعايش مع وجود حالات إصابة بأعداد أكبر. ربما تحتاج هذه المشكلات لأسابيع من أجل التوصل لحلها، وهو ما يخلق غموضاً في التوقعات بالنسبة للعام الجديد.

حتى الآن، يوجد عدد قليل من حالات الإصابة بما يكفي للقول بأنه لا توجد أدلة كثيرة بالنسبة لكلتا الحالتين. بحسب ما ذكر مسؤولو حكومة المملكة المتحدة فإن البيانات القادمة من جنوب أفريقيا، مكان تفشي المرض بطريقة أشد، ربما لا تتمتع بالموثوقية نظراً لأن متوسط عمر سكانها أصغر وربما يجري اكتساب مناعة أكثر بطريقة طبيعية. تُكتسب معظم المناعة في المملكة المتحدة من خلال الحصول على جرعات اللقاحات.

المستثمرون يراهنون على رفع الفائدة

بات لدى المستثمرين قلقٌ أشد إزاء الفيروس المتحور، ويراهنون على رفع سعر الفائدة خلال الشهر الجاري. بينما أدت البيانات الاقتصادية القوية للأسواق المالية قبل أسبوعين فقط إلى وجود عملية تسعير بطريقة تامة تقريباً لرفع سعر الفائدة خلال الشهر الجاري، وتشير الرهانات في الوقت الحالي إلى وجود نسبة احتمال حدوث هذا التحرك تصل إلى 66%.

أشار مسؤولون في بنك إنجلترا أيضاً إلى شعورهم بالقلق حول سلالة الفيروس الحديثة، حيث قالت كاثرين مان، يوم الثلاثاء الماضي، وهي التي صوتت لصالح عدم تغيير سعر الفائدة في شهر نوفمبر الماضي، إلى أن ظهورها ربما يتسبب في إحداث ضرر للطلب ومشاعر الثقة في المملكة المتحدة، كما أن صناع السياسة في حاجة إلى تفاصيل أكثر تتعلق بكوفيد علاوة على مجموعة مشكلات أخرى قبيل القيام بالنظر في زيادة سعر الفائدة.

قال كبير خبراء الاقتصاد، هوو بيل، خلال الأسبوع الماضي، إنه يقوم بالبحث عن الأسباب الموجودة في البيانات التي تؤدي إلى عدم تحريك أسعار الفائدة، بيد أنه أشار أيضاً إلى خطر عمليات الإغلاق مرة ثانية الذي ربما يسفر عن دفع الاقتصاد خارج المسار السليم.

سابقة تاريخية

لابد لوجود حالة من عدم اليقين إزاء فيروس "أوميكرون" أن يسفر في النهاية عن تأجيل صدور قرار رفع سعر الفائدة، ولن يكون حدوث ذلك بمثابة أول مرة يؤدي فيها عدم الوضوح إلى أن يخطئ صناع السياسة فيما يتعلق بجانب الحذر.

في فبراير 2011، اتسمت عملية التصويت أيضاً بالتقارب الشديد، حيث جاءت التوقعات الاقتصادية لبنك إنجلترا بأن معدل التضخم سيصل إلى نسبة تترواح من 4% إلى 5% للفترة المتبقية من السنة، جراء صعود أسعار السلع الأساسية العالمية، بيد أنه كانت هناك مخاوف حيال النمو الاقتصادي، حيث كانت المملكة المتحدة آخذة في التعافي من تداعيات الأزمة المالية.

في ظل دعم 3 مسؤولين من صناع القرار في بنك إنجلترا المركزي بالفعل لزيادة سعر الفائدة، كان يوجد تشارلي بين وبول تاكر، نائباً رئيس البنك، من بين المصوِّتين المترددين. في حال كانا قد قاما بتعديل موقفهم، لكانت هناك نسبة أغلبية مؤيدة لصعود أسعار الفائدة بنسبة من 0.5 % إلى 0.75 %.

شهد عام 2010 انتعاشاً اقتصادياً قوياً قبيل قدوم الطقس المتجمد وتساقط الثلوج بكثافة بطريقة استثنائية خلال شهر ديسمبر من ذلك العام، وهو ما أسفر عن التوقف في بعض أعمال التشييد وأجزاء من قطاع الخدمات، والذي يعد مشابهاً لمقدمة صغيرة من عمليات الإغلاق الناجمة عن تفشي مرض كوفيد -19.

رغم ذلك، كان هناك ما يكفي من حالة عدم اليقين إزاء الانتعاش الاقتصادي، لإقناع كل من "بين" و"تراكر" لانتظار توافر معلومات أكثر. في النهاية، لم يصدر قرار زيادة سعر الفائدة مطلقاً، حيث تفاقمت أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو خلال سنة 2011.

كبح التضخم

يوسع التركيز على الفيروس الجديد النقاش حول السياسة النقدية في المملكة المتحدة بما يتجاوز الدليل التوجيهي الاسترشادي القوي الذي قدمه صناع السياسة خلال الشهر الماضي، والذي أفاد بأنه في الوقت القريب، سيتطلب الأمر زيادة سعر الفائدة من أجل القيام بكبح جماح معدلات التضخم.

بصرف النظر عن الفيروس المتحوِّر الجديد، إلا أن وجهة النظر هذه يبدو أنها اكتسبت زخماً في أوساط البنوك المركزية الأخرى، حيث قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول خلال الأسبوع الجاري إنه يتعين على المسؤولين دراسة الإسراع من وتيرة إلغاء برنامج دعم السياسة النقدية للتصدي للزيادة المتواصلة في الأسعار.

جعل الدليل التوجيهي الاسترشادي لبنك إنجلترا المركزي خبراء الاقتصاد يبدون اهتماماً بتقرير سوق العمل المقرر صدوره في 14 ديسمبر الجاري باعتباره عنصراً أساسياً من الممكن أن يدفعه لتغيير قراره.

من الممكن أن تظهر قرائن أكثر بشأن ما إذا كان فيروس "أوميكرون" قد يتسبب في التأخير، في غضون الأيام القادمة من خلال خطابات مايكل سوندرز المتشدد للغاية في بنك إنجلترا المركزي ونائب الحاكم بن برودبنت، واللذي يعتبر مصوتاً متردداً.

قال خبراء الاقتصاد في وكالة التصنيف الإئتماني "ستاندرد آند بورز ريتنغز" وفي مقدمتهم بوريس غلاس خلال الأسبوع الجاري: "تتعاظم المخاطر الناجمة عن فيروس أوميكرون المتحوِّر".

أضاف: "لدينا اعتقاد بأن بنك إنجلترا المركزي ستكون لديه رغبة في الانتظار حتى موعد اجتماعه المقرر في شهر فبراير من إجل عملية إعادة تقييم للوضع".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك