توقَّع بنك كوريا المركزي أن يصل التضخم هذا العام لمستوى أعلى من المراجعة السابقة، التي تمت قبل أسبوع واحد فقط، خاصة بعد أن تجاوزت زيادات أسعار المستهلكين في نوفمبر جميع التوقُّعات، وتسارعت بأكبر وتيرة لها منذ 2011.
قال مكتب الإحصاء، اليوم الخميس، إنَّ أسعار المستهلكين صعدت بنحو 3.7% عما كانت عليه خلال العام السابق، وذلك بالمقارنة مع المتوسط المتوقَّع البالغ 3.1%. وأدى ذلك إلى تمديد سلسلة الزيادات فوق هدف بنك كوريا المركزي للتضخم، البالغ 2% للشهر الثامن على التوالي، مما يؤكد صحة الزيادتين اللتين أقرهما البنك المركزي لأسعار الفائدة منذ أغسطس الماضي، ويشير إلى احتمالية الاتجاه إلى المزيد من التضييق في المستقبل.
تضخم طويل الأمد
في بيان نُشر بعد الإصدار، قال بنك كوريا المركزي، إنَّ التضخم في 2021 قد يكون أعلى "إلى حد ما" من نسبة الـ2.3% التي توقَّعها في 25 نوفمبر الماضي. كما ستهدأ زيادات الأسعار تدريجياً مع تراجع أسعار النفط، ووصول تأثير خفض ضريبة الوقود، التي تفرضها الحكومة، إلى المستهلكين، بحسب تأكيد البنك. لكنَّه أوضح أنَّ ضغوط الطلب واختناقات العرض ستُبقي التضخم فوق الهدف المحدد لفترة طويلة.
صعد سعر صرف الوون الكوري بـ 0.1% مقابل الدولار، ليصل إلى 1177.65، في الساعة 11:18 صباح اليوم في سيول. وانخفض عائد السندات الحكومية لأجل 3 سنوات بنحو 3 نقاط أساس، ليصل إلى 1.78%.
وتعتبر كوريا الجنوبية واحدة من مجموعة متزايدة من الاقتصادات التي تكافح لاحتواء الأسعار. ويشكل تسارع معدلات التضخم خطراً على انتعاش كوريا، كما يهدد بتقويض قدرة الأسر الشرائية، وتقليص أرباح الشركات.
تعقيدات "أوميكرون"
ما يزيد الأمور تعقيداً بشأن توقُّعات النمو والأسعار هو انتشار سلالة "أوميكرون"، فقد انتشرت أقاويل حول تفكير الحكومة في فرض قيود أكثر صرامة استجابة لذلك. وارتفع عدد حالات الإصابة في كوريا لتصل إلى مستويات قياسية. وتأكدت أولى حالات الإصابة بسلالة "أوميكرون" أمس الأربعاء.
إذا تسببت السلالة الجديدة في إطلاق مجموعة جديدة من عمليات الإغلاق حول العالم؛ فستزداد اضطرابات سلسلة التوريد سوءاً، وترفع من ضغوط الأسعار.
أوضح تقرير منفصل، صدر اليوم من بنك كوريا المركزي، أنَّ توسع الاقتصاد بنسبة 0.3% بالربع الثالث في الفترة بين أبريل إلى يونيو، تتطابق مع التقديرات الأولية. وقال البنك المركزي، إنَّ معدل الاستثمار في البناء تراجع عن قراءته السابقة، لكن تسبَّب ارتفاع الصادرات والاستهلاك الخاص في بقاء المحصلة النهائية دون تغيير.
صعود مقبل
مع ارتفاع توقُّعات التضخم، أبدى لي جو يول، محافظ بنك كوريا المركزي، قلقه من أنَّ هذا الاتجاه قد يؤدي إلى انطلاق مطالبات رفع الأجور بوتيرة أسرع، مما قد يوسع من حجم الضغوط. ودفعت تكاليف النفط والغذاء أسعار المستهلك الشهر الماضي، في حين صعدت أيضاً تكلفة الخدمات وسط تخفيف القيود المرتبطة بالفيروس.
برغم اتفاق معظم الاقتصاديين على أنَّ بنك كوريا المركزي يحتاج إلى مزيد من التشديد لمواجهة مخاطر التضخم، إلا أنَّ توقيت تحقق توقُّعاتهم يختلف من واحد لآخر، بسبب الشكوك المحيطة بالوباء.
قال آن يونج جين، الخبير الاقتصادي في شركة "إس كيه سيكيوتيز": "سيظل التضخم أعلى من مستوى 3% على الأرجح حتى يناير المقبل. ونتوقَّع رفع بنك كوريا المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول ذلك الشهر، ليصل إلى 1.25%، ثم زيادته مجدداً في يوليو، بالرغم من أنَّ الكثير من الأمور ستعتمد على حالة الفيروس".
يتوخى "غولدمان ساكس" الحذر بصورة أكبر، إذ يتوقَّع وتيرة "تدريجية" لتطبيع السياسة، وسط تدهور الحالة الوبائية. ورجح الخبراء الاقتصاديون في البنك إقرار الزيادة التالية لسعر الفائدة بحلول شهر أبريل.
زيادات مستمرة
في تحول عن وجهة نظره السابقة القائلة: "إنَّ زيادات الأسعار ستكون مؤقتة"، رفع بنك كوريا المركزي الأسبوع الماضي توقُّعاته للتضخم في 2022، لتصل إلى 2% بدلاً من 1.5%، مما يعني أنَّه يتوقَّع تجاوز زيادات الأسعار لهدف التضخم، أو اقترابها منه على الأقل، خلال العام المقبل.
وكانت الدوافع الرئيسية لارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 3.7% على أساس سنوي، هي:
- ارتفاع تكاليف النقل بنحو 1.38 نقطة مئوية.
- ساهمت الأغذية والمشروبات غير الكحولية بـ 0.89 نقطة.
- أيضاً، ساهمت المطاعم وأماكن الإقامة بـ 0.51 نقطة.
صعدت أسعار المستهلك في كوريا بنسبة 0.4% مقارنة بالشهر السابق.
زاد معدل التضخم الأساسي، باستثناء أسعار المنتجات يالزراعة والنفط، بـ 2.3% مقارنة بالعام السابق.