ألقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، باللوم في الانخفاض الكبير لليرة على "أباطرة المال" الذين يهاجمون الاقتصاد التركي، وتعهد بالسعي إلى خفض تكاليف الاقتراض لتعزيز النمو، ضمن محاولة لاستعادة شعبيته المتدهورة قبل انتخابات 2023.
عقب تصريحات أردوغان، انخفضت العملة التركية بحوالي 4.5%، وتم تداولها عند سعر 12.4766 ليرة للدولار الواحد، في الساعة 5:51 مساءً، أمس الجمعة. وبذلك تكون العملة فقدت خُمس قيمتها في الأسبوعين الماضيين فقط.
في حديثه إلى أنصاره في مقاطعة إزمير الغربية، الجمعة، شدد أردوغان أكثر من مرة على أهمية السياسة التي كُشف النقاب عنها مؤخراً، وتُعطي الأولوية لخفض أسعار الفائدة بهدف زيادة النمو، وإيجاد فرص العمل.
قال الرئيس التركي، في تعليقات متلفزة، إن هبوط الليرة هذا الأسبوع ليس له أساس اقتصادي، وهو نتيجة تخريب مالي. مضيفاً، أن هذه الهجمات نُظمت على يد "أباطرة السياسة والمال العالميين" وعملائهم المحليين، ممن يرغبون في أن تُبقي تركيا على أسعار الفائدة المرتفعة.
أردف أردوغان: "لن نتخلى عن برنامجنا الاقتصادي الجديد مهما فعلوا". واستطرد: "إنهم يحاولون تدبير سيناريو مظلم عبر استغلال مستويات أسعار صرف العملات الأجنبية". وقبل ذلك بيوم، قال مجلس الأمن القومي، الذي يتزعمه رئيس البلاد، إن التحديات التي تواجه تحول السياسة كانت أحد التهديدات التي تواجه الدولة، إلى جانب الأنشطة الإرهابية".
تكتيكات قديمة
يعتنق أردوغان فكراً قديماً لا يلقى تأييداً كبيراً، يقول، إن أسعار الفائدة المرتفعة تدعم التضخم، بدلاً من كبحه. وتسبب عزمه على خفض تكاليف الاقتراض مع وصول نسبة التضخم إلى 20% في دفع تركيا إلى تحدي جديد، مع تساؤل العديد من المحللين عما إذا كانت التداعيات ستؤثر على قبضة أردوغان على السلطة.
يؤدي الانخفاض السريع في قيمة العملة إلى زيادة تكلفة السلع على المواطنين، مع تحمل القاعدة العمالية المؤيدة لأردوغان أصعب النتائج، كما يشكل ذلك مخاطر على القطاع المصرفي.
لكن مع ذلك، يحافظ أردوغان على دفاعه العاطفي عن توجهه الأخير، بالرغم من الاضطراب المالي الفوري الذي أحدثه. وهذا يذكرنا بالحجة العامة التي استمر بيرات البيرق، وزير المالية السابق في عهد أردوغان وصهره، في نشرها بعد اندلاع أزمة العملة خلال 2018.
في ذلك الوقت، ألقى أردوغان والبيرق باللوم على القوى الأجنبية في محاولة تقويض الاقتصاد التركي، من خلال التدبير لمزايدات على حساب سعر الليرة، كما قيدت تلك القوى إجراء البنوك مقايضات بالعملات الأجنبية مع نظرائهم في الخارج، والتي كانت ستسمح للبنوك بدعم العملة.
هزائم متتالية
خلال العامين التاليين، أشرف صانعو السياسة على التدخل في سعر صرف العملات الأجنبية، والذي تسبب في نهاية المطاف - على حد تعبير أردوغان نفسه - في استنفاد 165 مليار دولار لدعم الليرة.
في مواجهة استطلاعات الرأي المتشائمة، شرع أردوغان في تجديد الدفع نحو إيجاد فرص عمل من خلال إجبار البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة. وخفّض المصرف المركزي ذو الدور التنظيمي المؤشر المعياري بما مجموعه 4 نقاط مئوية، منذ سبتمبر الماضي.
ستكون انتخابات 2023 هي الأولى منذ تعرض حزب أردوغان الحاكم لهزائم صادمة في انتخابات الحكومات البلدية قبل عامين، عندما خسر حزبه ساحات الانتخابات الرئيسية، بما في ذلك إسطنبول والعاصمة أنقرة أمام المعارضة، للمرة الأولى منذ ربع قرن.
تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الدعم الذي يحظى به تراجع الآن بصورة أكبر، حيث يرى حوالي ثلثي السكان أنه لا يوجد أمل في التحسن الاقتصادي خلال العام المقبل.
قال أردوغان "لم نفكر في هذه السياسة الاقتصادية الجديدة في الصباح، وقررنا تفعيلها في المساء.. كنا نستعد لها منذ 19 عاماً"، ووعد الرئيس التركي الشركات والعاملين بأن أمورهم ستتحسن.