في ظل حالة من الفوضى، يوشك الاقتصاد العالمي على استقبال فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، وهو غير قادر على إنهاء أزمة تفشي وباء فيروس كورونا مع وجود اضطرابات في الإمدادات متواصلة، وصعود الأسعار وحالات تفشي المرض مجدداً.
رجحت استطلاعات الرأي على مستوى العالم، شملت مديري مشتريات خلال الأسبوع الجاري، التوجه نحو ذلك المسار. جاء ضمن النتائج المتوقعة من قبل خبراء الاقتصاد حدوث تباطؤ في أنشطة التصنيع والخدمات في كافة أنحاء دول منطقة اليورو بجانب المملكة المتحدة، وتحسن طفيف في الولايات المتحدة فقط.
اقرأ أيضاً: أزمات "كورونا" والطاقة ترسم صورة قاتمة للاقتصاد العالمي بنهاية 2021
في ظل تعرض مناطق في أوروبا لعمليات فرض قيود مجدداً بهدف السيطرة على موجة تفشٍ للفيروس أخرى، واضمحلال التعافي في الصين وتنامي حالات الإصابة في أمريكا أيضا، يتابع جزء هائل من الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي تهديداً مرتقباً بقدوم فصل شتاء ثان في نصف الكرة الشمالي وسط حالة كارثية، مصحوباً بضغوط تكلفة المعيشة مع صعود أسعار الغاز وحالات الضيق على جانب العرض.
اقرأ المزيد: التضخم يُرعب العالم.. هكذا يرى 23 بنكاً مركزياً مستقبل أسعار الفائدة
تعتبر أوروبا من بين أشد المناطق التي تعرضت للتضرر في العالم المتقدم، وربما يسفر ارتفاع الإصابات إلى مستويات قياسية في ألمانيا عن قيام السلطات بالإعلان عن فرض عمليات الإغلاق من جديد، وقامت النمسا بذلك فعلاً. إجمالاً، تعاني القارة من بلوغ أسعار المستهلكين إلى مستوى موجع من ذروة الارتفاع.
طالع المزيد: النمسا تأمر بإغلاق وطني رابع وتفرض تطعيمات إجبارية ضد كوفيد
في هذه الأثناء، قال وزير الخزانة السابق لورانس سمرز في الولايات المتحدة إنه لا يتوقع أن يفوق احتمال "سير كافة الأمور بطريقة جيدة" نسبة الـ 15%، في ظل وجود احتمالات أكثر للغاية إما بحدوث تضخم عالي المستوى بطريقة عنيدة أو حدوث تباطؤ في نمو الاقتصاد.
سيؤثر مدى استمرار هذه النتائج في الظهور على النقاشات المتعلقة بالسياسة النقدية إزاء وتيرة وقف برامج التحفيز المالي في أنحاء دول مجموعة السبع الكبرى، لتبلغ مستوى الذروة الخاصة بها مع النهاية الكبرى بصدور قرارات منتصف شهر ديسمبر. يأتي ذلك حال قيام البنوك المركزية، ومن بينها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بعقد اجتماعاتها النهائية للعام الحالي.
طالع أيضاً: صندوق النقد الدولي يرفع توقعات نمو الاقتصاد العالمي في 2022 إلى 4.9%
ما يقوله خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس":
" جزء هائل من أوروبا آخذ في التقهقر مرة ثانية مع تعرضه لموجة رابعة من تفشي وباء مرض كوفيد -19، ومن المنتظر أن تقدم بيانات استطلاع الرأي خلال الأسبوع القادم بعض المؤشرات المبكرة حول تأثير صعود معدلات الإصابة بالعدوى على أداء الاقتصاد".
يوجد احتمال في مكان آخر خلال الأسبوع الجاري أن يقوم المسؤولون عن السياسة النقدية في نيوزيلندا وكوريا الجنوبية برفع أسعار الفائدة الأساسية، وسيجري نشر محاضر الاجتماعات التي جرت في الآونة الأخيرة الخاصة ببنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكذلك البنك المركزي الأوروبي.
طالع أيضاً: اليورو يواجه شتاءً مظلماً وسط مخاوف متداولي عقود الخيارات
الولايات المتحدة
سيتم عرض هذا الحجم الكبير من البيانات الاقتصادية للمستثمرين قبيل بدء العطلة والإعلان المحتمل عن قيام الرئيس الأمريكي جو بايدن باختيار الشخصية التي ستقود بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال الأسبوع القادم.
يأتي التقرير الحكومي حول مستوى الدخل الشخصي والإنفاق، المشتمل على مقياس للتضخم الذي يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتعقبه، بمثابة المسار الأساسي ليوم الأربعاء المزدحم بالبيانات قبل إغلاق التداول بالأسواق في اليوم التالي من أجل الاحتفال بعيد الشكر.
توجد تقارير أخرى منتظرة ليوم الأربعاء تشمل بيانات الطلبات على السلع المعمرة، ومعدل النمو الاقتصادي المعدل للربع الثالث من العام الجاري، ومبيعات المنازل الحديثة، وتجارة البضائع، والقراءة النهائية لمؤشر ثقة المستهلك. من المنتظر صدور بيانات شراء المنازل التي جرى الانتهاء من تشييدها واستطلاعات الرأي حول أنشطة التصنيع والخدمات لشهر نوفمبر الجاري في وقت مبكر من الأسبوع الحالي.
سيصدر يوم الأربعاء أيضاً عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي محضر اجتماع السياسة النقدية الذي جرى في مطلع شهر نوفمبر الجاري، والذي قام البنك المركزي الأمريكي بالإعلان فيه عن أنه سيشرع في تقليص برنامج مشتريات الأصول.
في هذه الأثناء، يقول البيت الأبيض إن بايدن سيعلن عما إذا كان سيقوم بإعادة ترشيح جيروم باول لفترة ولاية ثانية كرئيس للبنك المركزي، أو أنه سيقوم باختيار محافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي لايل برنارد بدلاً منه.
طالع المزيد: باول أم برينارد.. من سيكون رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" المقبل؟
آسيا وأستراليا
تشير التوقعات إلى أن بنك الاحتياطي النيوزيلندي وبنك كوريا سيقومان بزيادة أسعار الفائدة الأساسية لثاني مرة منذ تفشي الجائحة، حيث يتصدران الحشد في منطقة آسيا من أجل القيام بتدابير وقف برامج التحفيز المالي بطريقة كاملة والاستمرار في التحرك الاستباقي من أجل إيقاف أي مخاطر تضخمية.
أقرأ أيضاً: نقص الطاقة في أوروبا يثير الذعر بأسواق آسيا
من المفترض أن تقوم أرقام التجارة الأساسية في كوريا الجنوبية بتدعيم حالة رفع الفائدة حتى لو ظهرت مؤشرات على استقرار المكاسب العالية عند المقارنة على أساس سنوي.
سيتحدث مسؤولو بنك الاحتياطي الأسترالي في جلسات مناقشات عامة، وربما تسلط شيئاً من الضوء على مدى قوة تمسك البنك المركزي بموقفه حيال زيادة سعر الفائدة الأساسية.
من المقرر أن تكشف بيانات التضخم في طوكيو مع نهاية الأسبوع الجاري عما إذا كانت اليابان تتوقع مؤشرات إضافية على صعود الأسعار في ظل تزايد تكاليف الطاقة. قررت الصين سعر الإقراض الأساسي يوم الاثنين، فيما قررت سريلانكا أسعار الفائدة الأساسية يوم الخميس.
طالع أيضاً: استطلاع: ماليزيا والهند ستحققان أسرع معدلات نمو في آسيا خلال 2022
منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
في ظل ما يزيد على أسبوعين متبقيين قبيل دخول مسؤولي البنك المركزي الأوروبي في فترة الهدوء قبل إصدار قرارهم الهام للغاية حول مستقبل برنامج التحفيز المالي، فإن التصريحات الصادرة عن كثير منهم ربما تجتذب المستثمرين. من المفترض أن تكون رئيسة البنك كريستين لاغارد من بين المتحدثين ضمن صانعي السياسة النقدية.
من المقرر أن يقوم البنك المركزي الأوروبي أيضاً بإصدار تقرير حول اجتماعه السابق الذي جري في شهر أكتوبر الماضي، عندما ناضلت لاغارد وزملاؤها من أجل إقناع الأسواق المالية بأن الرهانات على زيادة أسعار الفائدة الأساسية في عام 2022 للسيطرة على التضخم من المحتمل أن تكون مغلوطة.
طالع أيضاً: لاغارد تقول إن رفع المركزي الأوروبي للفائدة في 2022 "غير مرجح بتاتاً"
بغض النظر عن نتائج استطلاع الرأي لمديري المشتريات الشهري والمنتظر القيام به على صعيد كافة أنحاء قارة أوروبا، سيقدم مؤشر "أي أف أو" الألماني يوم الأربعاء لقطة مصغرة أخرى عن حالة أكبر اقتصاد في أوروبا في الوقت الذي تتعرض فيه لصدمة الانقطاعات المتواصل في الإمدادات، وتفشي حالات الإصابة الجديدة، علاوة على أن النظام السياسي يعيش حالة من التقلب وسط مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي.
يحمل قرار بنك إنجلترا المنتظر حول ما إذا كان صانعو السياسة النقدية سيزيدون أسعار الفائدة الأساسية قدراً من الإثارة على ما يبدو. لذلك، ربما تجذب الأحاديث العلنية الأسبوع القادم لرئيس البنك أندرو بيلي واثنين من زملائه الانتباه.
من المنتظر أن يقوم البنك المركزي السويدي بإصدار قراره النهائي الخاص بالسياسة النقدية للعام الحالي يوم الخميس. في ظل التوقعات الخاصة بإبقاء البنك المركزي في السويد لبعض الوقت على سعر الفائدة الأساسية عند مستوى الصفر دون تعديل، فإن التركيز سينصب على الأرجح على ما إذا كان سيعطي مؤشراً على زيادة سعر الفائدة مع حلول نهاية عام 2024.
اقرأ المزيد: بعد تجدد مخاطر الإغلاق.. هل يُبقي "المركزي الأوروبي" على التحفيز الطارئ لمدة أطول؟
في موقع أكثر بعداً، تشير التوقعات إلى أن إسرائيل ستحافظ على تكاليف الاقتراض دون تغيير غداً الإثنين جراء نمو الاقتصاد القوي وتراجع معدلات التضخم، بدعم من سعر صرف الشيكل في جزء كبير منه.
في روسيا، ستجري عملية دقيقة لرصد مؤشر التضخم الأسبوعي يوم الأربعاء من أجل العثور على أي أدلة موجودة تتعلق بما إذا كانت ضغوط الأسعار شرعت في التخفيف، وذلك بحسب توقعات كثيرين من خبراء الاقتصاد.
من المتوقع أن يقوم صانعو السياسة النقدية في غانا بتثبيت أسعار الفائدة الأساسية يوم الاثنين، عقب صعود التضخم بوتيرة سريعة ليصل إلى المستوى الأعلى له في غضون 15 شهراً في شهر أكتوبر الماضي. ومن المنتظر أيضاً أن يرفض البنك المركزي النيجيري إحداث تغيير في سعر الفائدة الأساسية يوم الثلاثاء، في ظل تخفيف حدة التضخم وفي أعقاب تراجع النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام الجاري.
أمريكا اللاتينية
من المفترض أن تؤكد البيانات الواردة في ميزانية الأرجنتين والمقرر الكشف عنها غداً الإثنين على وجود تحدٍ يتمثل في إعادة ديونها إلى طريق تحقيق الاستدامة. شهدت أرقام حالة هبوط التضخم في المكسيك انتعاشاً في المبيعات عند مقارنة نفس الفترة، وهو ما يعد مؤشراً محتملاً لبيانات أكثر قوة لمبيعات التجزئة لشهر سبتمبر الماضي التي ستصدر يوم الثلاثاء.
شعر المحللون بالمفاجأة جراء أداء النشاط الاقتصادي في الأرجنتين الذي تحرك في اتجاه تصاعدي منذ منتصف العام الجاري، ونجح في العودة إلى مستوى ما قبل الجائحة. يتوقع محللون أن تشهد مزيداً من النمو من خلال أرقام شهر سبتمبر الماضي.
اقرأ المزيد: تعافي أمريكا اللاتينية من الركود ليس مضموناً
في البرازيل، تتوجه الأنظار لبيانات منتصف الشهر لأسعار المستهلك التي ستصدر يوم الخميس صوب الصعود، بما يفوق قراءة منتصف شهر أكتوبر الماضي 10.34%.
رغم ذلك، يجعل الصعود المتواصل منذ شهر مايو لعام 2020 من المتوقع حدوث بعض التراجع مستقبلاً، حيث يتوقع خبراء الاقتصاد ممن شملهم استطلاع الرأي الذي قام به البنك المركزي أن معدل التضخم في نهاية العام الجاري سيصل إلى 9.77%، فيما يقدره البنك المركزي بنسبة 9.5%. من المنتظر أن تصدر بيانات نتائج مؤشرات الربع الثالث النهائية للعام الجاري في المكسيك، في ظل بقاء كافة العلامات الدالة على حدوث تعافٍ قوي دون تغير خلال سنة 2021.
يتوقع خبراء الاقتصاد صعود معدل التضخم منتصف الشهر بطريقة حادة، وهو ما يتوافق مع رأي نائب رئيس البنك المركزي المكسيكي جوناثان هيث الذي يتوقع أن يبلغ نسبة 7.3% مع حلول نهاية السنة.
سيقوم بنك المكسيك المركزي بنشر محضر الاجتماع الذي عقد في 11 نوفمبر الجاري، حيث تقرر زيادة سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة لرابع مرة على التوالي، ليصل إلى 5%.