لايل برينارد، صانعة سياسة الاحتياطي الفيدرالي، التي أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن مقابلة معها لشغل أقوى وظيفة اقتصادية على هذا الكوكب، غالباً ما يتم اختزالها باعتباره من الحمائم، أي باللغة التخصصية للبنك المركزي توصف بأنها تدعو إلى أسعار فائدة منخفضة.
أسعار الفائدة كلما كانت منخفضة أكثر، كان ذلك أفضل؛ وكلما طالت المدة، كانت النتائج الاقتصادية والاجتماعية مرغوبة أكثر.
يفتقد هذا التوصيف إلى جزء رئيسي من نهج برينارد: إنها أممية بلا خجل في مؤسسة بدت أحياناً صماء بالنسبة لبقية العالم.
التفاعل مع التطورات الخارجية
لسنوات، مارست الأوضاع خارج حدود الولايات المتحدة نفوذاً متزايداً على البنك المركزي، لكن القيادة ترددت في إعلان ذلك بصوت عالٍ جداً.
كانت برينارد -التي اكتسب موقفها الأكثر صرامة بشأن لوائح البنوك، معجبين بين التقدميين- واحدة من الأشخاص الذين يدفعون مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ رؤية أكثر توسعية لسياسة الاستجابة للتطورات في آسيا وأوروبا.
إذا اختارها بايدن لتكون رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي التالية، فقد يعود النشاط للاقتصاد العالمي من جديد.
يدرس البيت الأبيض ما إذا كان سيعطي شاغل المنصب الحالي جيروم باول فترة ولاية ثانية مدتها أربع سنوات، وهو ما يتماشى على نطاق واسع مع التقاليد الحديثة، أو تعيين الشخص الذي يختاره هو– ما يعد دائماً بمثابة إغراء عندما يتعلق الأمر بقيادات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
فرص جيروم باول في الولاية الثانية تزداد بعد كسبه تأييد يلين
نظرة أوسع على العالم
برينارد من المخضرمين في الإدارتين الديموقراطيتين السابقتين، وتم طرح اسمها لمنصب وزيرة الخزانة، بعد انتخاب بايدن العام الماضي. ذهب هذا المنصب في النهاية إلى جانيت يلين، التي هي نفسها رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي السابقة. (يقول العديد من الاقتصاديين إن باول لا يزال هو الخيار المحتمل، على الرغم من أنه ليس الرهان الآمن الذي بدا عليه قبل بضعة أشهر).
إن عمل برينارد في تقاطع الأولويات المحلية والوقائع العالمية قد ميزها، سواءً في وظيفتها الحالية كعضو في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي وغيرها من المناصب المحورية في الحكومة منذ التسعينيات.
أمضت برينارد، ابنة مسؤول في السلك الدبلوماسي، جزءاً من طفولتها في ألمانيا وبولندا. وعندما كان كلينتون في البيت الأبيض، طورت استجابة الولايات المتحدة للأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات.
وبصفتها أكبر دبلوماسية في وزارة الخزانة في عهد باراك أوباما، حثَّت أوروبا على حل أزمات ديونها دون نسف اليورو –ما جنب حدث زلزالي محتمل للمستثمرين في الولايات المتحدة.
لدى باول أو برينارد الدعم الكافي لتولي رئاسة الاحتياطي الفيدرالي
التنسيق مع سلطات النقد العالمية
في عام 2014، انضمت برينارد إلى مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي، وسرعان ما بدأت في توضيح ما كان البنك المركزي يتجه نحوه بطريقة بطيئة بشكل غير متساوٍ: إدراك أن ما يحدث في الخارج يمكن أن يكون له تأثير مباشر وهام على الاقتصاد في الداخل، ليس أقله من خلال الأسواق المالية، بالإضافة إلى النظرة التاريخية التقليدية للتجارة باعتبارها المحرك الرئيسي.
يجب وضع السياسة النقدية مع أخذ ذلك في الاعتبار، وفي بعض الظروف، لا يكون التنسيق بين السلطات العالمية منطقياً فحسب، بل يكون أيضاً مرغوباً فيه. كان خطابها في نيويورك يوم 26 فبراير 2016 خير مثال على ذلك.
وإليكم إحاطة بخلفية المشهد: كان من الرائج رؤية تلك الفترة على أنها فترة تباعد بين الاقتصادات الكبرى، حيث أخذت آنذاك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الصدارة بعد الأزمة المالية العالمية. بينما كانت منطقة اليورو متأخرة، في حين أن اليابان بقت تكافح لرفع التضخم نحو هدفها البالغ 2%، على الرغم من برنامج التحفيز الذي أطلقه رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي.
كانت الصين تواجه تحديات مهمة: كان النمو يتباطأ من معدله المكون من رقم ذي خانتين، وكان الاقتصاد يتحول من الصادرات إلى الاستهلاك.
امتد اضطراب العملة إلى الأسواق الناشئة. وكان يُنظر إلى السياسة النقدية على أنها منقسمة بشكل مشابه؛ رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أخيراً وتوقع ارتفاعات متعددة في العام المقبل.
لكن، برينارد تقصت متسائلة، ماذا لو خابت تقديرات الآراء التقليدية؟ أليس من الأفضل، في عالم يعتمد على بعضه البعض، أن يكون الجميع على جانب من التوافق فيما يتعلق بالتشديد أو التيسير؟ وقالت إن الصدمات تنتقل بسرعة. قد يكون نطاق مسارات السياسة المختلفة جذرياً أضيق مما يجري اعتقاده على نطاق واسع.
استرضاء الكونغرس
في حين أن وجهات نظر مثل هذه قد تبدو واضحة، إلا أنها كانت مثيرة للجدل في ذلك الوقت، حتى بين المجتمع المترابط لموظفي الاحتياطي الفيدرالي والخريجين. (كتب زميلي في "بلومبرغ نيوز" كريغ توريس وكريستوفر كوندون عن هذا الخلاف في وجهات النظر).
لم ينكر البنك أبداً أن التطورات العالمية كانت عاملاً في بعض القرارات، لكنه كان أيضاً يراعي رأي الكونغرس، الذي منه يأتي تفويضه المتمثل في استقرار الأسعار والحد الأقصى من خلق فرص العمل.
أي شيء فيه أثر ضئيل من الإنقاذ أو يظهر الكثير من المراعاة للأجانب على حساب الولايات المتحدة، فإنه يُغضب الكابيتول هيل.
يتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي قراراته بشكل مستقل، لكنه يراقب المناخ السياسي عن كثب. إن دور العوامل الدولية يحتاج إلى أن يتم تحديده بعناية.
أحرزت أفكار برينارد تقدماً. رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في عام 2016، وليس أربع مرات التي كان قد توقعها المسؤولون في ديسمبر الماضي، عندما رفعوا تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
تجربتها الدولية العميقة جعلتها من الحمائم قبل يلين التي قامت خلال فترة عملها كرئيسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بوصف نقص التضخم بأنه "لغز".
تهدئة المستثمرين
من المحتمل أن تضطر برينارد إلى استخدام مخزون الخبرة هذا في وقت قريب. إذ إنه منذ أن تم اختيار باول، توسعت بصمة بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل كبير.
عندما توقفت الأسواق العالمية في أوائل عام 2020 مع انتشار الوباء، كان الاحتياطي الفيدرالي هو الذي هدأ المستثمرين من خلال توسيع خطوط مبادلة الدولار مع البنوك المركزية الأجنبية. (لم تحصل أي دولة تعتبر خصماً للولايات المتحدة على خط المبادلة، مما يشير إلى الاعتبارات السياسية المتبعة).
على الرغم من محاولات الصين تحويل اليوان إلى عملة احتياطي رئيسية، فإن الدولار هو العمود الفقري للنظام الاقتصادي العالمي.
لقد تلاشى التحدي المبكر لليورو. إنه عالم الدولار، ومن المحتمل أن تترأسه برينارد إذا تم ترشيحها ثم تثبيتها من قبل مجلس الشيوخ، جنباً إلى جنب مع يلين. إن تثبيتها غير مؤكد، على الرغم من أهمية الدور والمخاطر الهائلة التي تحيط به.
غضب الجمهوريين
أثارت برينارد غضب بعض الجمهوريين من خلال التبرع لحملة هيلاري كلينتون الرئاسية - وهو أمر قانوني تماماً، لكنه غير حكيم نظراً لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يسعى إلى أن ينظر إليه على أنه محايد.
يحاول الحزب الجمهوري أيضاً مهاجمة بايدن عبر التضخم. قد تضطر برينارد، في حال كانت المرشحة، إلى أن تبدو متشددة بعض الشيء. قد لا يتوافق موقفها المتشدد بشأن بعض جوانب التنظيم المالي مع اللوبي المصرفي القوي.
ومع ذلك، فإن مجموعة من العوامل العالمية تشكل بشكل متزايد المعايير التي يعمل الاحتياطي الفيدرالي من خلالها. لربما يتعين على بقية العالم التصويت.