أدت الضغوط التي تتعرض لها سلاسل التوريد إلى تكدس المرافئ حول العالم، ما ساهم في مواصلة ارتفاع الأسعار.
تكشف رحلات الشاحنات حول المرافئ الأشد ازدحاماً في الولايات المتحدة عن طول فترات الانتظار، بينما بلغ معدل تكدس سفن شحن الحاويات الراسية على مقربة من ساحل سنغافورة 10.5 نقطة مئوية زيادة عن المعدل المعتاد. أسفر ذلك عن صعود أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، علاوة على ارتفاع معدل التضخم بشكل أكبر.
في الولايات المتحدة، ارتفع التوظيف خلال شهر أكتوبر بمعدل فاق التوقعات، وهو ما يعد إثباتاً على صحة قرار الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الحالي للشروع في الخفض التدريجي لمشتريات السندات. زاد البنكان المركزيان لدى كل من التشيك وبولندا من أسعار الفائدة الأساسية للتصدي لتنامي معدل التضخم، بينما حافظ بنك إنجلترا وبنك النرويج على موقفيهما.
نستعرض فيما يلي بعضاً من الرسوم البيانية التي جاءت على موقع وكالة بلومبرغ خلال الأسبوع الجاري عن آخر تطورات الاقتصاد العالمي:
الولايات المتحدة
نجح سوق العمل الأمريكي في العودة إلى مساره السليم خلال الشهر الماضي مع تحقيقه زيادة في الوظائف على نطاق واسع بلغت 531 ألفاً، لتفوق بذلك التوقعات.
ترسم هذه البيانات صورة مشرقة لسوق العمل بشكل أفضل من الاعتقاد السابق، حيث ساعد تراجع حالات الإصابة بمرض كوفيد -19 بالإضافة إلى ارتفاع الأجور، أرباب العمل على ملء الوظائف الشاغرة التي اقتربت من مستويات قياسية.
كما تعد تلك البيانات إثباتاً لصحة قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الحالي بالشروع في الخفض التدريجي لمشتريات السندات التي تم إقرارها في حقبة تفشي وباء فيروس كورونا والتي تهدف للاحتفاظ بتكاليف الاقتراض منخفضة بشدة.
من جهة أخرى، صعدت أسعار الأسمدة بقوة، حيث أجبر تنامي تكاليف الغاز الطبيعي بعض مصانع الإنتاج الأوروبية على وقف الإنتاج أو الحد منه. كما أن هناك مخاوف من أن صعود الأسعار ربما يجبر المزارعين على التراجع عن مشترياتهم أو تحويل المزيد من الأفدنة إلى زراعة المحاصيل التي تحتاج لكميات أقل من المواد الزراعية المغذية.
ومن الممكن أن يؤدي تراجع المحصول لصعود أسعار المحاصيل، وهو ما سينجم عنه زيادة في تضخم أسعار الغذاء على نحو أكثر سوءاً.
تكشف رحلات الشاحنات عند أكثر مرافئ الولايات المتحدة اكتظاظاً عن تصاعد فترات الانتظار، وهو ما يعطي مؤشراً آخر على اجتياح ازدحام سلاسل التوريد لمراكز النقل الأمريكية. على مدى العام الجاري، سجلت الشاحنات معدل انتظار بواقع يوم واحد لكل شاحنة، مقارنة بـ 21.5 ساعة في عام 2020، 017 ساعة للشاحنة في عام 2019.
أوروبا
رفع البنك المركزي في التشيك تكاليف الاقتراض بمقدار 125 نقطة أساس، لتصل إلى 2.75%، لتعد بذلك أكبر زيادة منذ ربع قرن تقريباً، كما تعهد محافظ البنك المركزي في بولندا بفعل "كل ما يحتاجه الأمر" بعد أن زادت مؤسسته سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 75 نقطة أساس ليصل إلى 1.25%.
على الرغم من ذلك، كان متخذو القرار في الغرب أشد تردداً خلال الأسبوع الحالي، إذ أبقى بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغير في تحدٍ لتوقعات السوق. كما ثبتت النرويج على موقفها، بيد أنها شددت على أنها قد تتجه لزيادة تكاليف الاقتراض مع حلول نهاية العام.
آسيا
ضربت موجة تفشي متحول دلتا في الصين 19 من أصل 31 مقاطعة في البر الرئيسي حتى يوم الأربعاء الماضي، وهو ما يعد الانتشار الأوسع نطاقاً لحالات الإصابة التي سجلتها البلاد منذ أن سيطرت على الموجة الأولى من تفشي المرض في ووهان نهاية 2019. تخترق سلالة الفيروس شديدة العدوى الحواجز على نحو متكرر بطريقة تفوق السلالات السابقة، وهو ما اضطر بكين للتصدي للفيروس بشكل أعنف واتِّباع إجراءات تعطل الحياة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل متنامٍ. كما تتسارع وتيرة تفشي المرض في أوروبا حيث أدت درجات الحرارة المنخفضة إلى تزايد التواصل المجتمعي داخل الأماكن المغلقة.
تسبب بيان للحكومة الصينية تحث فيه السلطات المحلية على التأكد من توافر إمدادات غذائية كافية لفصل الشتاء ، ويطلب من الشعب تخزين بعض الاحتياجات الأساسية، في إثارة نقاش قلق على الإنترنت، حيث ربط الناس ذلك باتساع نطاق تفشي فيروس كورونا المستمر، أو موجة باردة قادمة على نحو مفاجئ أو حتى زيادة في التوترات في العلاقات مع تايوان.
الأسواق الناشئة
واصل معدل التضخم الصعود خلال شهر أكتوبر، لتزيد الضغوط على بنك روسيا المركزي لاتخاذ تدابير لرفع أسعار الفائدة الأساسية في شهر ديسمبر بمعدل أكبر. صعد مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 8.1% خلال شهر أكتوبر الماضي، مسجلاً أعلى مستوياته منذ مطلع 2016، متجاوزاً في الوقت نفسه متوسط توقعات المحللين، الذين شملهم استطلاع رأي أجرته بلومبرغ، البالغ 8%. قفزت أسعار المواد الغذائية بـ 10.1%، بيد أن المؤشر الرئيسي للتضخم صعد أيضاً.
عالمياً
اهتز الاقتصاد العالمي العام الماضي بعنف. وفي العام الحالي، بات عالقاً في واحدة من أكبر حالات الازدحام على مدى التاريخ. أثبتت المؤشرات الحديثة التي طورتها "بلومبرغ إيكونوميكس" إلى أي مدى تكون هذه المشكلة خطيرة، بجانب فشل العالم في التوصل لحل سريع، وكيفية استمرار تزايد سوء أزمة 2021 الكبرى في بعض المناطق على مستوى العالم.
يرسم التكدس في المرافئ الرئيسية حول العالم صورة خاطفة عن موقف سلاسل التوريد التي تحارب لتفادي الازدحام غير المسبوق، وبحث العاملون في مجال الشحن عن أسرع الطرق لإرسال البضائع بين مسارات التجارة العالمية المسدودة. سجلت سنغافورة 17 سفينة في حالة انتظار، بما يفوق المستوى الطبيعي لتنخفض عن أعلى مستوى لها حققته يوم الاثنين الماضي البالغ 53 سفينة، ما أسفر عن بلوغ معدل التكدس 48.2%، أو 10.5 نقطة مئوية زيادة على المتوسط.
