هل السياسة هي التي تحدد قرار "الفيدرالي الأمريكي" بشأن الفائدة؟

جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

عندما يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الطريقة المناسبة لتحديد أسعار الفائدة من المفترض أن يضع جانباً الاعتبارات السياسية، ويركز فقط على أفضل القرارات بالنسبة للاقتصاد.

لكن رغم ذلك، بدأتُ أتساءل عما إذا كان "الاحتياطي الفيدرالي" قد بدأ يبتعد عن ذلك النموذج المستقل كما أني قلق بشأن ما قد يعنيه ذلك بالنسبة للتضخم.

قرر مسؤولو "الاحتياطي الفيدرالي" في أحدث اجتماع لصنع السياسة الإبقاء على أسعار الفائدة قصيرة الأجل بالقرب من الصفر، ولم يقدِّموا أي إشارة على التخطيط لرفع الفائدة بشكل كبير (أو على الإطلاق) خلال الفترة من 6 – 12 شهراً المقبلة.

قفزة التضخم

يجب علينا النظر لالتزام الفيدرالي بتقديم المال الرخيص على أنه مفاجئ إلى حد ما، لأن التضخم يتجاوز بكثير الهدف طويل الأجل للبنك المركزي البالغ 2% بداية من سبتمبر، حيث ارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي 4.4% على أساس سنوي ليسجل بذلك أسرع وتيرة نمو منذ 30 عاماً. وحتى مع استثناء أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة فقد ارتفع المؤشر 3.5% وكان الأعلى أيضاً منذ 30 عاماً.

تشير تلك البيانات إلى خطر العودة إلى سيكولوجية التضخم المستمر، والتي شهدتها الولايات المتحدة خلال السبعينيات، وتطلبت فترة من السياسة النقدية المتشددة الصارمة للغاية لترويضها.

أتفقُ مع تحليل "الاحتياطي الفيدرالي" بأن ارتفاع التضخم إلى حدٍ كبير يرجع لاختناقات العرض. فإذا كان نقص الرقائق يعيق إنتاج سيارات كافية لتلبية الطلب، فإن الأسعار سترتفع، وذلك أمر طبيعي. لكن هذا لا يعني أن "الاحتياطي الفيدرالي" عاجز عن كبح زيادات الأسعار.

أزمة العرض

يرى الاقتصاديون دائماً التضخم ناتجاً عن الطلب الزائد - أي الطلب مطروحاً منه العرض. وقد أكد الرئيس، جيروم باول هذا الأسبوع أن مجلس "الاحتياطي الفيدرالي" لا يمكنه التأثير على العرض، لكنه قادر على خفض الطلب من خلال رفع الفائدة.

فعلى سبيل المثال، إذا كانت أسعار الفائدة على قروض السيارات أعلى سينخفض الطلب على المعروض الحالي من السيارات الأمر الذي من شأنه تخفيف بعض الضغوط على الأسعار.

لماذا إذن يُحجم "الاحتياطي الفيدرالي" عن اتخاد القرار؟ أحد الاحتمالات الاستعداد لتحمل ارتفاع التضخم لتحقيق شئ أهم، وهو ضمان سهولة الحصول على الوظائف لمن يريد.

ولكن مع انخفاض معدل البطالة إلى 4.8% بالقرب من أدنى مستوى تاريخي، فهذه الحجة تبدو أقل من مقنعة. كما يشير مسح فرص العمل ودوران العمالة إلى أن الوظائف أكثر وفرة من العمال الراغبين والقادرين.

باول: التوقيت الحالي غير مناسب لرفع الفائدة ونرغب في تعافي سوق العمل

معدل البطالة في الولايات المتحدة ينخفض إلى أدنى مستوى منذ مايو 2020

تسيس "السياسة النقدية"

إذا كانت المشكلة ليست التوظيف، فماذا إذن؟ هناك تفسير آخر محتمل، وهو السياسة. حيث لم تشر إدارة بايدن بعد ما إذا كانت تخطط لتعيين الرئيس باول لولاية ثانية عندما تنتهي ولايته الحالية في فبراير.

وإذا كان باول يرغب في إعادة تعيينه فقد يكون من واجبه أن يلجأ إلى الإدارة ومنتقديها اليساريين من خلال إبقاء السياسة النقدية فضفاضة. آمل بالتأكيد أن لا يكون الأمر كذلك. سواء كان ذلك بوعي أم لا، فإن العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن تسييس السياسة النقدية أدي لتضخم جامح في السبعينيات. وهذه تجربة لا ينبغي لأحد أن يكررها.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك