الصين وجهة كبار المستثمرين العالميين

مشاة يرتدون كمامات واقية أثناء تجولهم في حي لوجيازو المالي في مدينة شنغهاي. الصين - المصدر: بلومبرغ
مشاة يرتدون كمامات واقية أثناء تجولهم في حي لوجيازو المالي في مدينة شنغهاي. الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يدفع اتساع الفجوة الاقتصادية بين الصين والأسواق الناشئة الأخرى بعض أكبر المستثمرين في العالم لتغيير كيفية تخصيص الأموال لفئة الأصول.

وتقوم " أموندي أسيت مانجمنت"، التي تدير استثماراتٍ بنحو 2 تريليون دولار، و "روبيكو"، التي تدير 190 مليار دولار، بطرح استراتيجياتٍ جديدة تركِّز على الصين وسط زيادة في الطلب من العملاء الذين سبق لهم الاستثمار في البلاد من خلال صناديق الدول النامية العالميَّة.

ويفضِّل "بنك أوف نيويورك ميلون انفستمنت مانجمنت" الرهانات التي تستهدف الاقتصاد الصيني، في حين تصف شركة "بلاك روك" الصين بأنَّها "وجهةٌ استثماريَّةٌ منفصلةٌ عن الأسواق الناشئة".

وبرزت مكانة الصين في وسط العالم النامي بفضل المزج الفريد لعوامل الحجم، والنمو، وعمق السوق. لكن بالنسبة للعديد من المستثمرين، لم تكن الاختلافات شديدة بما يكفي لفصل الصين عن محفظة الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً.

مؤشرات إيجابيَّة

تتغيَّر نظرة بعض المستثمرين حالياً مع تعافي الصين سريعاً من جائحة كوفيد-9، ونموذج النمو المدفوع محلياً (الاستهلاك المحلي) بشكل متزايد؛ مما يجعل الفجوة أكبر من أن نتجاهلها.

ومن المحتمل أن ينمو اقتصاد الصين، الأكبر في آسيا بنسبة 8.2% في عام 2021 بعد أن تفوَّق على أقرانه الصاعدين بأكبر قدر منذ 2009، خلال العام الجاري، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

كما تفوَّق مؤشِّر الأسهم القياسي في الصين على معظم المؤشِّرات المنافسة في عام 2020 بنسبة 21%؛ في حين حقَّق اليوان الصيني صعوداً 6.4% مقابل الدولار، من بين أفضل العملات أداءً في الدول النامية.

وضخَّ المستثمرون الدوليون مبالغ قياسية من الأموال في السندات الصينية، وقد أضافوا 10.4 مليار دولار إلى صناديق الأسهم الصينية الكبرى التي تتبعها شركة " مورنينغ ستار" حتى أكتوبر من العام الجاري. وفي المقابل، تدفَّقت 23.9 مليار دولار للخارج من الدول النامية، أكبر نزوح للأموال منذ عام 2007 على الأقل.

وقال ييرلان سيزديكوف، رئيس قسم الأسواق الناشئة في أموندي بلندن، في مقابلة: "من الواضح أنَّ الصين دولة مختلفة تماماً ".

أسباب مقنعة لرأس المال

يشير المتشكِّكون في الصين إلى أنَّ ميزة النموِّ على المدى القصير في البلاد من المحتمل أن تتضاءل، لأنَّ انتشار لقاحات كوفيد-19 سيعزِّز البلدان في أمريكا اللاتينية وأوروبا التي تضرَّرت بشدة من الوباء.

وهناك أيضاً خطرٌ دائمٌ من حدوث أزمة ديون، تؤكِّده سلسلةٌ من حالات التخلُّف عن السداد بين الشركات الصينية المملوكة للدولة، التي أحدثت موجات من الصدمة عبر أسواق الائتمان الشهر الماضي.

ومع ذلك، يرى المضاربون العديد من الاتجاهات الهيكليَّة التي من المحتمل أن تجعل الصين مكوِّناً متميزاً من المحافظ المالية على المدى الطويل:

الأول، قيام الصين باستمرار في إزالة العوائق التي تعترض الاستثمار الأجنبي، والإصلاحات التي ساعدت على دخول الأسهم والسندات المحلية في المؤشرات القياسية العالمية.

وثمَّة سببٌ آخر يتمثَّل في التنويع المستمر للاقتصاد بعيداً عن التصنيع ذي القيمة المضافة المنخفضة، والإنفاق على البنية التحتية نحو أحدث التقنيات، والخدمات، والاستهلاك المحلي.

وقال سيزديكوف: "تتمتَّع الصين باقتصاد كبير جداً ومتنوع للغاية؛ على عكس أي سوق ناشئة أخرى. واقتصاد الصين مشابه جداً لما يقدمه الاقتصاد الأمريكي من ناحية الفرص".

وقالت فابيانا فيديلي، الرئيسة العالمية لقسم أساسيات الأسهم بـ"روبيكو" في روتردام ، إنَّ الكثير من العملاء يفصلون بين استراتيجيات الأسواق الناشئة والصين، وهو اتجاه قابلٌ للاستمرار، بحسب توقعاتها.

وفي إطار جهودها لتلبية هذا الطلب، أطلقت "روبيكو" صندوقاً جديداً للأسهم الآسيوية في مارس. وتمثِّل الصين ما يقرب من نصف وزن صندوق "روبيكو"، مقابل حوالي 35% لصناديق الشركة العالمية في الأسواق الناشئة.

بلاك روك: نرى الصين قطباً متميزاً للنمو العالمي.. هناك مبرر واضح لزيادة مخصصات المحافظ المالية للأصول المنكشفة على الصين من أجل العائدات والتنويع

في البيئة الحالية، من المنطقي أكثر بالنسبة للمستثمرين النشطين تخصيص الأموال لصناديق خاصة بكل بلد ومنطقة بدلاً من تخصيص أموال عالمية، وفقاً لـ"لالي أكونير"، كبير محلِّلي السوق في "بنك أوف نيويورك ميلون انفستمنت مانجمنت" في لندن، الذي يدير استثمارات قيمتها 2 تريليون دولار.

ويعني هذا الأمر، التركيز على الصين، فضلاً عن مناطق أخرى مختارة داخل الأسواق الناشئة التي تستفيد من الانتعاش الاقتصادي في بكين.

وقالت: "نحن أكثر تفاؤلاً بشأن آسيا بشكل عام .. وداخل آسيا، هناك دولٌ نشعر بتفاؤل أكبر بشأنها؛ على رأسها الصين، تلك البلدان التي لديها روابط قوية مع القطاعات المرنة للاقتصاد الصيني، مثل كوريا الجنوبية، وتايوان، وفيتنام".

وتتوقَّع " بلاك روك"، أكبر شركة لإدارة الثروات في العالم، استمرار التدفُّقات على الأصول الآسيوية، إذ يسعى المستثمرون إلى مزيد من الانكشاف على الاقتصاد الصيني.

وكتب مايك بايل، كبير محلِّلي الاستثمار العالمي في "معهد بلاك روك للاستثمار" في نيويورك، مع زملائه في تقرير التوقُّعات العالميَّة لعام 2021: "نرى الصين قطباً متميزاً للنموِّ العالميِّ.. هناك مبررٌ واضحٌ لزيادة مخصصات المحافظ المالية للأصول المنكشفة على الصين من أجل العائدات والتنويع".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات