الصين غير قادرة على التعامل مع أكثر من أزمة في آن واحد

الصين غير قادرة على التعامل مع أكثر من أزمة واحدة في آن - المصدر: بلومبرغ
الصين غير قادرة على التعامل مع أكثر من أزمة واحدة في آن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

مع تفاقم أزمة نقص الطاقة في الصين، وطلب المقاطعات من الصناعات ذات الاستهلاك العالي للطاقة الحدّ من استهلاكها، كان على صانعي آلات أشباه الموصلات والمصنّعين على طول سلسلة توريد السيارات الكهربائية، إيقاف إنتاجهم. وما يثير القلق الآن، هو أن الانقطاعات بدأت تطال القطاعات الرئيسية.

أولويات بكين

تعتبر هذه المجالات ضمن الأولويات الرئيسية لبكين، حيث تدعم مخططها الاقتصادي الذي أُعلن عنه في وقت سابق من هذا العام. وإذا لم يتمكن مخططو الدولة من الموازنة ما بين طموحاتهم الصناعية وتركيزهم على خفض استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون اللذين يمثلان جزءاً من أحدث خطة خمسية، فيجدر بنا التساؤل عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه أزمة الطاقة هذه.

اقرأ أيضاً: أزمة الكهرباء في الصين ستؤثر في الصناعة لدى جميع دول العالم

في نهاية المطاف، قد تؤدي عدم القدرة على إدارة هذه الأهداف، إلى انبعاثات أعلى لثاني أكسيد الكربون في العالم، وتبدد بالتالي التقدم المحرز حتى الآن، لا سيما في مجالات مثل السيارات الصديقة للبيئة. وفي الوقت الذي يحاول فيه المجتمع الدولي أن يصبح أكثر جدية بشأن أهداف المناخ، يبدو أن التخلف عن تعهدات حياد الكربون، سيقلل من ثقل الدولة ودورها، باعتبارها مصنع العالم.

من ناحية أخرى، هناك القطاعات ذات الأولوية، مثل السيارات الكهربائية والبطاريات والرقائق. كان التأثير عليها قاسياً وسريعاً، ولم ينته الاضطراب بعد. وقد ارتفعت أسعار المواد الخام بشكل أكبر، حيث أثر انقطاع التيار الكهربائي على نشاط الشركات في كل المجالات، وهذا إضافة إلى الطفرة الناجمة عن الانقطاعات في سلاسل التوريد العالمية.

ارتفعت أسعار مركّبات الليثيوم والإسبودومين ومكوّنات البطاريات في الأسابيع الأخيرة، وزادت تكلفة إنتاج حزم الطاقة. أصيب مصنّعو الكاثود والأنود، الأجزاء المركزية في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، بالضرر بالفعل. في هونان، موطن العديد من صانعي الكاثود وواحدة من أكثر المقاطعات تضرراً، تراجع الإنتاج وانخفض بنسبة 14%. وفي منغوليا الداخلية، تراجعت قدرة معالجة الغرافيت، وهي خطوة مهمة في تصنيع البطاريات، بنسبة 40%، حسبما أشار المحللون في "جيه بي مورغان تشيس آند كو".

اقرأ المزيد: الصين تكشف عن مشروع ضخم للطاقة المتجددة بقدرة 100 غيغاواط

تختمر مشكلات مماثلة مع رقائق أشباه الموصلات، التي أصبحت بالفعل في دائرة الضوء بسبب نقصها في كل أنحاء العالم. في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن إنتاج الصين من السليكون المعدني، وهو عنصر أساسي في صناعة الرقائق، ولكنه يستهلك الطاقة بشكل كثيف، قد انخفض بشكل حاد. تمثل البلاد حوالي 60% من السوق، ومن غير المرجح أن يتحمل المنتجون الآخرون هذا الركود. صحيح أن العديد من الموردين لديهم حالياً بعض هامش المخزون، إلا أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصل الأسعار المرتفعة إلى سلسلة التوريد.

خيارات محدودة

تشير حقيقة أن مثل هذه الأجزاء المتكاملة من القطاع الصناعي تكافح منذ وقت مبكر جداً من هذه الأزمة، إلى أن بكين لم يكن لديها الكثير من الخيارات سوى التحرك بسرعة وبقوة تجاه الشركات المتعطشة للطاقة دون تمييز. مع ذلك، يبدو أن بعض الشركات، مثل شركة "كونتمبوراري أمبيركس تكنولوجي" (Contemporary Amperex Technology)، أكبر مصنّعي البطاريات في الصين، في أمان في الوقت الحالي.

يدور الجانب الآخر من المعادلة حول كيفية إدارة استهلاك الطاقة. يثير الخلل الحالي تساؤلات حول ما إذا كانت لدى مخططي الدولة، سيطرة على كيفية انتشار التخفيضات في الصناعات المختلفة ودرجة تأثيرها، على عكس أهداف سياسة "التحكم المزدوج" في الطاقة.

كجزء من هذه الخطة، وضعت بكين هدفاً ملزماً لإدارة الاستهلاك الكلي، مع خفض كثافة الطاقة بنسبة 13.5% على مدى السنوات الخمس المقبلة. نظرياً، تبدو هذه خطة خضراء رائعة، لكن في الواقع، لن تكون هندسة مثل هذا التباطؤ مستدامة بالمعدل الحالي. في النصف الأول من العام، كان التقدم بطيئاً، رغم اتساع الأثر الصناعي. يقول محللو "يو بي إس" (UBS) إنه من أجل البقاء على المسار الصحيح، يجب أن ينتقل استهلاك الطاقة من ارتفاع 16.2% على أساس سنوي إلى انخفاض بنسبة 2% في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2021. وهذا يعني أن هناك المزيد من حالات انقطاع الطاقة وإيقاف الإنتاج التي لم تحدث بعد، أو على الأقل، يجب أن تحدث لتحقيق هذا الهدف.

اقرأ أيضاً: عجز تمويل يبلغ 1.7 تريليون دولار يفاقم أزمة نقص الإمدادات

يعي المسؤولون جيداً هذا التحدي. لقد دعا رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ إلى إنهاء "النهج العشوائي" الذي تتبعه بعض المناطق الصينية للحد من إمدادات الكهرباء، وقالت الحكومة إنها ستعمل على "ضمان استقرار" سلاسل التوريد الصناعية والمحافظة على "تنمية اقتصادية مطردة".

في تلك الأثناء، أعلن الرئيس شي جين بينغ هذا الأسبوع أن الصين بدأت في بناء مشروع ضخم للطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن البلاد "ستواصل تعزيز تعديل الهيكل الصناعي وهيكل الطاقة" أثناء قيامها بذلك.

يبدو أن هذا الانتقال سيكون مؤلماً أكثر بكثير من مدى رغبة بكين في تحمله.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك