بدأ العام الدراسي؛ لكنَّ ندرة المعروض من خدمات رعاية الأطفال، مازالت تعتبر عقبة كبرى أمام عودة النساء إلى سوق العمل في الولايات المتحدة.
لقد انخفض عدد النساء العاملات خلال الشهر الماضي للمرة الأولى منذ موجة الصعود الشتوي لفيروس كورونا في ديسمبر 2020، وكان الانخفاض أكثر وضوحاً بين النساء في الشريحة العمرية من 25 عاماً إلى 44 عاماً، ممَن يرجّح أن يكون لديهن أطفال في مراحل التعليم، وكان ذلك من أهم الأسباب وراء تباطؤ معدل نمو التوظيف الكلّي في عموم البلاد.
اقرأ أيضاً: التوظيف في أمريكا دون المأمول للشهر الثاني على التوالي
جاء تقرير الوظائف الذي نشر يوم الجمعة الماضي مفاجئاً؛ لأنَّ كثيراً من المتابعين توقَّعوا أن تخفِّف العودة إلى المدارس أعباء رعاية الأطفال، التي تُلقى غالباً على عاتق الأمهات. غير أنَّ الأرقام تشير إلى أنَّ حالة الغموض التي تحيط بسلالة "دلتا" المتحوِّلة من فيروس كورونا، التي أدت إلى فرض الحجر الصحي والعودة جزئياً إلى التعليم الافتراضي في بعض الحالات، سوف تستمر في منع أرباب الأسر من البحث عن عمل.
تقول سارة هاوس، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك "ويلز فارغو" (Wells Fargo)، إنَّ "مشكلات رعاية الأطفال مازالت أبعد ما تكون عن الحل". وأضافت هاوس التي يقضي طفلها أسبوعين في الحجر الصحي في المنزل: "الآباء، وخصوصاً الأمهات، يعودون بوتيرة بطيئة إلى المشاركة في قوة العمل".
بالنسبة إلى الأطفال الصغار؛ مازال الكثير من مراكز الرعاية النهارية مغلقاً، أو يعاني من نقص أعداد العاملين، مما يقلِّص الخيارات المتاحة أمام الأبوين العاملين بدرجة أكبر.
التعليم والرعاية الصحية
كشفت بيانات وزارة العمل أنَّ أرقام الوظائف عن شهر سبتمبر، سجَّلت تدهوراً بشكل خاص في خدمات الرعاية الصحية والتعليم، التي تستخدم عمالة نسائية بدرجة كبيرة.
وانخفضت نسبة قوة العمل من النساء ممن تجاوزت أعمارهن 20 عاماً، سواء جرى توظيفهن، أو كنَّ يبحثن عن وظيفة، إلى أدنى مستوى منذ فبراير الماضي.
من بين العوامل الأخرى التي أسهمت في ضعف نمو الوظائف على مستوى الولايات المتحدة؛ هو خروج العمال الرجال من ذوي البشرة السوداء من سوق العمل؛ فقد تراجعت نسبة مشاركتهم في قوة العمل أيضاً إلى أدنى مستوى في سبعة أشهر، في حين زادت نسبة المشاركة بين العمال البيض، ومن أصول لاتينية.
كشفت بيانات التوظيف أنَّ العمالة النسائية من البشرتين البيضاء والسوداء، ومن أصول لاتينية؛ شهدت تدهوراً في نسبة المشاركة في سوق العمل. وبسبب انخفاض عدد النساء في قوة العمل؛ انخفض معدل البطالة بينهن. غير أنَّ معدل البطالة مازال أعلى بكثير بين النساء من ذوات البشرة السوداء، ومن أصول لاتينية ممَن يعملن بنسب كبيرة جداً في قطاعات الرعاية الصحية، والضيافة، والتعليم، وكانت إصابة مجتمعاتهن بعدوى فيروس كورونا أشد عنفاً.
قالت نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين لدى "معهد إيه دي بي للأبحاث" (ADP Research Institute): "عند الاختلاط بين اتجاهين رئيسيين يتسبَّبان في انخفاض نسبة المشاركة في قوة العمل، تقع النساء من ذوات البشرة السوداء، ومن أصول لاتينية، في منطقة التقاطع بين الاتجاهين".
تكشف أرقام شهر سبتمبر أيضاً، عن تغيّرات أعمق في سوق العمل، إذ يعيد الكثيرون تقييمهم لتاريخهم الوظيفي، وموازنة حياتهم العملية.
في هذا الصدد، علَّقت نيكول ماسون، الرئيس التنفيذي لـ"معهد البحوث السياسية للنساء" (Institute for Women’s Policy Research) في بيان، قائلة: "إنَّ النساء أيضاً، يعدنَ النظر في دور العمل في حياتهن، بما في ذلك ما يتوقَّعن من أصحاب العمل، والمرونة التي يحتجن إليها في موقع العمل، وسوف نحتاج إلى بعض الوقت حتى نرى كيف تتحرَّك النساء خلال فترة نأمل أن تشهد انحساراً لجائحة كورونا، وماذا يعني ذلك بالنسبة إلى أعمالهنَّ ومستقبلهنَّ المهني".
ارتفع عدد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 بين مَن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، بما يقرب من مليون حالة خلال الشهر الماضي، إذا أعادت مدارس كثيرة فتح أبوابها وسط غياب عمليات التلقيح للشباب، في وقت لا يرتدي فيه الجميع الأقنعة الواقية.
الأمل في تلقيح الأطفال
غير أنَّ المستقبل القريب يحمل بارقة من الأمل. فربما يتاح لقاح مخصَّص للأطفال من عمر 5 أعوام حتى 11 عاماً خلال الأسابيع المقبلة، بعد تقديم شركتي "فايزر"، و"بيونتك" طلباً للأجهزة التنظيمية في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الجاري.
علاوةً على الانخفاض المتوقَّع في عدد حالات الإصابة؛ يتوقَّع الاقتصاديون عودة المزيد من النساء إلى سوق العمل. غير أنَّ الوقت الذي تمضيه النساء في المنطقة الهامشية، خصوصاً بالنسبة إلى الشرائح الأكبر سناً، قد يكون مؤثراً، كما يقول دانييل زاو، كبير الاقتصاديين في شركة "غلاسدور" (Glassdoor).
أوضح جاو أنَّه "كلما طالت فترة غياب النساء عن سوق العمل، سواء بسبب الحاجة إلى رعاية الأطفال أو أي سبب آخر؛ زادت صعوبة عودتهنَّ إليه".